السنيورة يؤكّد عدم الاستسلام والتراجع وصفير يحذّر من انهيار البلداستعاد اللبنانيون، أمس، بخوف وقلق الذكرى الثالثة والثلاثين للحرب الأهليّة، نظراً إلى تشابه ظروف انفجارها في 13نيسان 1975مع الأجواء التصادميّة التي تسود اليوم الساحة اللبنانية بتداخلاتها العربيّة الإقليميّة والدوليّةخلاصة واحدة أجمع عليها اللبنانيون أمس، سياسيين ومواطنين، وهي عدم تكرار تجربة الحرب في ما بينهم، إلّا أن اختلاف مقاربة كل فريق للأزمة وسبل حلّها يوحي بأن الصدام السياسي طويل مع غياب أي معطى باتجاه التوافق.
ولمناسبة ذكرى الحرب الأهلية، أدلى السنيورة ببيان قال فيه «إننا حتى اليوم، وبعد مرور 33 سنة على هذا الجرح، ما زلنا نعاني ولم نبرأ منه ومن آثاره وأوجاعه وذكرياته المؤلمة التي تقض مضاجعنا وتعكّر علينا أحلامنا وأمانينا، بل إن ما يجعل هذه الذكرى موحشة وثقيلة، كونها تترافق مع استعادة خيالات الماضي لملاحقة ذاكرتنا وأفكارنا وتصوراتنا».
وبعدما سأل «هل ستعود محنة المواجهات بين اللبنانيين أو بين الآخرين على أرضهم؟» أكد السنيورة أنه «ليس من الجائز أن يكون لدينا إلا جواب واحد لا تطرح معه أي احتمالات أخرى، وهو: لا لليأس ولا للاستسلام ولا للتراجع ولا للقبول في أن نعود بإرادتنا أو أن نسمح بأن يعودوا بنا رغماً عنا إلى الوراء»، داعياً إلى أن «تكون هذه الذكرى بالنسبة إلينا وقفة للتفكر والتبصّر والتأمل والاتعاظ وإعادة بناء الأمل والرجاء في غد أفضل».
ورأى أنه «بإرادتنا سنتجاوز الأزمة، ولن نستسلم لبقائنا في ما وصلنا إليه»،
مشدّداً على «أن الدولة كانت وستظل هي الراعي الأساسي للمجتمع المدني، وهي الراعية بمؤسساتها المدنية والأمنية والعسكرية للاستقرار والتطور والتقدم، وهي الحامية لحاضر اللبنانيين ومستقبلهم وأمنهم وأمانهم».
وبالتوازي مع هذه المواقف، استمرّت الموالاة في إطلاق النّار على مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، مشترطة انتخاب رئيس الجمهوريّة أولاً، كما رفضت ربط انتخاب الرئيس بقانون الانتخاب، فيما برز موقف لافت لوزير الإعلام غازي العريضي أكد فيه «أننا محكومون بالتسوية التي هي بحاجة إلى تنازلات متبادلة»، وبالاتفاق بعضنا مع بعض «على طاولة واحدة كلبنانيين، وهذه كانت رسالة كمال جنبلاط الشهيد الأول في هذه الحرب»، مستبعداً «نشوب حرب جديدة بين اللبنانيين».
وشدد على «أن الحوار ضروري، بغض النظر عن الجهة الداعية إليه»، و«أن عدمه مضيعة للوقت»، مشيراً إلى أنه «لا يجوز التلاعب بالمبادئ الأساسية التي تجمع اللبنانيين وفق الأهواء السياسية، لا لهذا الفريق ولا لذاك»، ومحذّراً من «أن البديل عن الحوار هو الفراغ، وأحياناً يكون الانفجار». ورفض في المقابل «الذهاب من أجل الحوار فقط، وتمرير الوقت من دون نتيجة»، مرحّباً بإعلان الرئيس بري ومجدداً «الالتزام بالنقاط التي سبق واتفقنا عليها على طاولة الحوار».
ورأى أن طرح تنازل المعارضة عن الحكومة مقابل القبول بقانون 1960 «ليس تنازلاً إذا كنا نحترم الدستور الذي يحدد كيفية تأليف الحكومة في لبنان». ورجّح اجتماع وزراء الخارجية العرب في أي لحظة، داعياً إلى الإعداد له.
من جهته، كرر البطريرك الماروني نصر الله صفير، خلال قداس الأحد، مخاوفه من تداعيات الأوضاع الراهنة، ورأى «أن ما نشهده من تفتّت يصيب الوطن، وهو لا رئيس له، وله حكومة مبتورة، ومجلس لا يجتمع»، محذّراً من أن «هذا يعني أننا نراه يسير في طريق الانهيار. وهذا المشهد يحفّزنا على بذل المستحيل لإنقاذه مما يتهدده من أخطار».
ووصف النائب جورج عدوان الوضع بأنه مقلق «بسبب عدم وجود حل للأزمة القائمة بين لبنان وسوريا». ورفض بعد لقائه البطريرك صفير ربط انتخاب الرئيس بقانون الانتخاب وقال: «إن قانون الانتخاب هو مطلب ملحّ للجميع، ولكن فلننتخب أوّلاً الرئيس، وبعدها نتعهد في أول يوم بعد الانتخاب بأن نضع الأولوية القصوى لإقرار قانون عادل، ونحن لن نقبل بقانون عام 2000، وإذا خُيّرنا بين قانون الـ2000 وقانون عام 1960، نفضّل الأخير مع محاولة تحسينه».
ورأى أن الحوار «لا يتم إلا بوجود رئيس للجمهورية الذي يرعاه في قصر بعبدا».

جرّاح ينصح بالتداوي بالأعشاب

وخلال عشاء لمصلحة القطاع العام في حزب «القوات اللبنانية»، رأى وزير السياحة جو سركيس، ممثّلاً رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات» سمير جعجع، أنه «لا يحق لمن عطّل عمل المجلس النيابي، ووقف عقبة في طريق الانتخابات الرئاسية، الدعوة إلى الحوار، لأن هذه الدعوة يجب أن تأتي من الرئيس الجديد المنتخب، وهو من يجمع الأطراف في قصر بعبدا».
وأكد النائب أنطوان زهرا خلال عشاء لقطاع وسط كسروان في حزب «القوات اللبنانية»، أن خيارات «القوات» هي خيارات قوى 14 آذار، وهي: «رئاسة جمهورية بدون ابتزاز، نعم لحوار بإشراف الرئيس المنتخب، لا للتخويف والتهويل، لا للسلاح خارج إطار الشرعية اللبنانية، ونعم لمشروع الدولة ومؤسساتها»، ورأى أنه «بدل أن يفتح الرئيس نبيه بري المجلس النيابي، فهو يدعو إلى حوار، مثل الجراح الذي ينصح بالتداوي بالأعشاب».
كذلك حمل على رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون
من دون أن يسميه، واقترح على الحكومة «إقرار مبلغ مقطوع لتمكين الناس من مواجهة الغلاء، وترك أمر تصحيح سلّم الأجور إلى ظروف أفضل».
وكان العماد عون قد أكد أن «أزمة الرئاسة ليست سوى كذبة لإخفاء مواضيع أخرى»، داعياً الأكثرية إلى الموافقة على قانون انتخابي «يضمن التمثيل الصحيح».
ولفت خلال استقباله، أول من أمس، في الرابية، وفداً طالبياً من البقاع، إلى أن «التوطين بدأ اليوم رسمياً مع تصريح الرئيس الأميركي جورج بوش بأن إسرائيل هي دولة يهودية»، طالباً من الأمم المتحدة أن تتحمل جزءاً من المسؤولية في ما يختص بهذا الموضوع، لأنها هي التي «خلقت دولة إسرائيل، وبالتالي هجّرت الفلسطينيين من أرضهم»، ولأن «لبنان لا يمكنه تحقيق أي توطين».
وأشار إلى أنه «عندما يصبح هناك تفاهم بين فريقين، تنتفض الحكومة، على أساس أنهما يجب أن يكونا مختلفين. هذه النظرية طبّقت في الدول الغربية المستعمرة تحت شعار فرّق تسُد. ولكنْ هل ينبغي لحكم داخلي وطني أن يقوم على نظرية فرّق تسُد؟ أم يجب أن ينهض على مبدأ الوحدة الوطنية؟».
واستغرب الوزير المستقيل محمد فنيش «إغلاق البعض منافذ الأمل، واتهام رئيس المجلس بأنه شيخ المعارضين، وهذه صفة لا تعيبه»، مشيراً إلى أنه «كلما بدت هناك نافذة أمل، وكلما سعينا إلى إبقاء نوافذ الأمل مفتوحة، انبرى من يرفض الحوار ليحجز لنفسه صفة شيخ المعطّلين والمعرقلين».
وتساءل فنيش خلال احتفال للمستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية في بيروت وجمعية الإمام الصادق للبحوث في تراث جبل عامل، لمناسبة ذكرى استشهاد المرجع الديني السيد محمد باقر الصدر، في حسينية بلدة شحور، «هل الذين يرفضون الحوار يريدون أن ينقلوا الأزمة إلى حال من التوتر والصراع تخرج فيه عن دائرة السيطرة، أم يريدون الإبقاء على مواقعهم، أو أن طعم الكرسي قد استمرأوه واستساغوه، فبات صعباً عليهم أن يفكروا في لحظة الرحيل؟».
وإذ دعا عضو كتلة «التنمية والتحرير»، النائب علي حسن خليل، الموالاة إلى الموافقة على دعوة الرئيس برّي للحوار، مشيراً إلى أن «أصوات هذه السلطة ورئيسها لن تدفعهم للتراجع عن مبادرتهم الحوارية»، اتهم النائب علي بزي السلطة «بتعطيل الحلول والمبادرات التي تخدم الشعب اللبناني أو تصل إلى حل الأزمة السياسية القائمة»، مؤكداً أن بري يطرح مبادرته الحوارية استكمالاً للمبادرة العربية.
ولمناسبة ذكرى 13 نيسان، أكد النائب السابق تمام سلام أن «الأجواء العامة والأزمة المستعصية في البلد اليوم تشبه كثيراً ما ساد وطغى في ذلك الزمن الرديء، من تباغض وتنافر بين القوى السياسية وقياداتها، في جو من الفرقة والتباعد والتباين الطائفي، بل المذهبي المستفحل»، ودعا «العقلاء وأصحاب الضمائر إلى أن يصرخوا في وجه هذه الحالة المستشرية، مطالبين بوضع الأمور في نصابها، والولوج فوراً إلى انتخاب رئيس للجمهورية عبر الوسائل الديموقراطية البرلمانية المتاحة، ومن ثم السعي الجدي لتأليف حكومة قادرة تتصدى للمرحلة المقبلة، وأبرز ما فيها قانون للانتخابات».

لقاء تضامني مع الضبّاط المعتقلين

على صعيد آخر، أحيت بلدة النبي أيلا، أمس، مهرجاناً خطابياً في حسينية البلدة تضامناً مع ابنها اللواء جميل السيد، وبدعوة من لجنة متابعة قضية الضباط الأربعة المعتقلين، بحضور عدد من نواب «حزب الله» وحشد من فاعليات المنطقة ورؤساء بلدياتها والأهالي.
وقد رفعت لافتات على طول الطريق المؤدية إلى حسينية البلدة تندد باعتقال الضباط الأربعة، وسط إجراءات أمنية مشددة من قوى أمن وجيش.
وألقى رئيس المجلس السياسي في حزب الله، إبراهيم أمين السيد، كلمة أكد فيها براءة الضباط الأربعة، وأنهم ليسوا بحاجة إلى دليل لبراءتهم، لأنهم معروفون ببراءتهم»، وأشار إلى «أن الفريق الآخر هو الذي يحتاج إلى دليل براءة، لأن كلّ ما فيهم جريمة وكلّ تاريخهم قتل وكذب وتزوير». وأضاف: «تضامننا جزء من مسؤوليتنا الدينية والسياسية الأخلاقية والإنسانية».
وأشار إلى أنه بعد جريمة اغتيال الحريري، تعاطى اللبنانيون جميعاً معها بحرقة وألم وإدانة وتنديد، وعلى أنها قضية وطنية وسياسية. وتوجه إلى تيار المستقبل قائلاً: «لقد أخطأتم خطأً كبيراً حين وضعتم هذه القضية الأخلاقية والإنسانية في أيدي مستثمرين ومقاولين سياسيين على مستوى دولي ومحلّي، وفي يد بوش الذي وضعها في سياق مشروعه التدميري في الشرق الأوسط، وأنتم تتفرجون عليه».
وأضاف السيد: «هناك مستثمرون في الداخل أيضاً، وفي طليعتهم الذي هدد عوائل الضباط الأربعة، وعلى مرأى ومسمع من كل الأجهزة ولجنة التحقيق الدولية ودعاة الحرية وحقوق الإنسان في العالم».
وتوجه السيد إلى القضاة مؤكداً «أن قضاء رب العالمين أعدل وأعظم من وليد جنبلاط». وأضاف: «ستحاسب أيها القاضي وحدك، وستحاكم يوم القيامة دون وليد جنبلاط وفؤاد السنيورة وسمير جعجع».
وألقى خال اللواء السيد، عدنان أبو ديّا، كلمة اللواء السيد المكتوبة بخط يده، أعلن فيها أن «المسؤولين المباشرين عن جريمة اعتقال الضباط الأربعة هم القضاة اللبنانيون الذين ينفذونه»، مشيراً إلى أن هؤلاء القضاة «يخافون من السياسة ومن السياسيين، ويريدون حماية أنفسهم منها». ورفض أن يعدّوا «معتقلين»، مؤكداً أنهم أصبحوا اليوم «مخطوفين عند سلطة ظالمة يحكمها قضاة مثل سعيد ميرزا وآخرين».
وأكد أنه «يدفع ثمن وقوفه إلى جانب الحق»، مشيراً إلى أنه «كان على الضباط الأربعة أن يختاروا بين الحق والباطل، فاختاروا أن يكونوا مظلومين لا ظالمين». ودعا القضاة إلى الحكم بالحق، والمواطنين اللبنانيين إلى تنظيم لجنة متابعة للقيام بالاحتجاجات على المستوى الوطني لتفعيل هذه القضية.


يكن ينصح «المستقبل» بتقويم سياسته

لاحظ رئيس «جبهة العمل الإسلامي» الدكتور فتحي يكن أن «تيار المستقبل يتعامل مع من عاداه، ومن ليسوا معه بسياسة الإلغاء» مؤكداً أنه «لم يعد من المقبول أن يتعرّض «التيار» لرؤساء حكومات سابقين من أمثال سليم الحص وعمر كرامي ونجيب ميقاتي، كما لمقامات إسلامية تاريخية ــ وسطية وسلفية وصوفية وجهادية، ولحركات وجماعات وجمعيات وتيارات إسلامية تضرب جذورها في عمق البنية اللبنانية» ونصح «قيادات تيار المستقبل وروافده ومشتقاته وحلفاءه بأن يبادروا الى إعادة النظر في سياساتهم في ضوء تقويم شامل وصولاً الى معرفة ما يمكن أن يجنيه «التيار» سلباً أو إيجاباً» جرّاء هذه السياسة.