نادر فوزيحاول حزب الكتائب تصويب الملف الفلسطيني في لبنان، وجاءت ذكرى 13 نيسان مناسبةً لإطلاق مشروع بعنوان «المصارحة والمصالحة»، يجمع كلّاً من رئيس الحزب أمين الجميّل، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس حركة اليسار الديموقراطي نديم عبد الصمد وممثّل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي. ومن المقرّر أن تكون هذه الندوة مقدّمة لاجتماعات لاحقة.
عند الإعلان عن هذه الندوة المقرّر عقدها في بيت الكتائب المركزي (في الصيفي)، علت بعض الصرخات الكتائبية رافضةً الأمر لاعتبارات عديدة، مما يضع القيادة الكتائبية أمام أزمة داخلية قديمة ــــ جديدة.
يؤكد مسؤول كتائبي أنّ مشروع الانفتاح على الفلسطينيين جابهته في السابق القيادة الحالية للحزب، فجرى فصل «عدد من الكتائبيين لمبالغتهم في الانفتاح على العروبة ودعم القضية الفلسطينية وحقها بالمقاومة». ويلفت المسؤول إلى أنّ الأخطر هو الجلوس إلى طاولة واحدة مع زكي، أي «ممثّل السلطة الفلسطينية التي اجتمعت وتجتمع مع الأميركيين، الذين يعدّون مشروعاً لتوطين الفلسطينيين».
والصرخة الأعنف في هذا السياق تأتي من المقاتلين السابقين في صفوف «الكتائب» و«القوات». فهؤلاء لم ينسوا رفاقهم الذين سقطوا خلال مواجهة الفلسطينيين «الذين لم يغيّروا مشروعهم للاستيلاء على لبنان، ولو تغيّر أسلوب سير هذا المخطط»، بحسب ابن «المقاومة الكتائبية».
ويجد «المقاوم» أنه بغض النظر عن إيجابية هذه الخطوة «التي ستجمع المسؤولين الحاليين»، فإنّ الأمر اللازم هو «قول الحقائق»، متسائلاً عن موقف كلّ من حمل السلاح في السابق.
ويذكر الكتائبي الخطاب الأخير لمؤسس القوات اللبنانية، بشير الجميّل، في معركة زحلة، حيث «عاهدنا أنفسنا على أنه أشرف لنا الموت رافعين السلاح على الموت بقذيفة عشوائية في شوارع العاصمة»، ليؤكد الموقف التاريخي للكتائب القاضي بمواجهة أي مشروع، عربي أو أجنبي، ينتقص من سيادة لبنان واستقلاله.
والرفض لا يقتصر على الجلوس مع «الفلسطيني»، بل مع الحزب التقدمي الاشتراكي أيضاً، «فهو من قاتل اللبنانيين والمسيحيين إلى جانب الفلسطينيين»، ليعود إلى الفكرة الأساسية: «الفلسطينيون غير مقبولين لا في شاتيلا وعين الحلوة ولا في أي مكان على الأراضي اللبنانية»، والجراح لم تندمل بعد «وأنا مستعدّ لأن أحمل السلاح من جديد، لأنّ المشروع الفلسطيني لا يزال قائماً».
مقابل هذا الرفض القاطع والموقف العدائي من فلسطينيي الشتات في لبنان، يشدّد المسؤولون الرسميون في الكتائب على أنّ هاجس الوقوع في تجربة مماثلة لنهر البارد هو أحد أسباب هذا اللقاء، إضافةً إلى الرغبة الشديدة في إقفال الملف الفلسطيني والتخوّف الدائم من أي أزمة تنتج من هذا الوجود على الأراضي اللبنانية. ونحن «نطالب بحلّ هذه المسألة عبر تأكيد رفض التوطين والإقرار بأنّ الحلول تنطلق من قيام دولة فلسطينية»، يقول النائب الأول لرئيس الحزب، جوزف أبو خليل. ويشير إلى أنّ اللقاء المقرّر إجراؤه هذا الأسبوع «خلاصة مراجعة مركّزة منذ أكثر من أربعة أشهر لمنح ذكرى 13 نيسان معنى مختلفاً عن المناسبات السابقة»، تأكيداً للمصالحات التي جرت سابقاً «ومنها 14 آذار».
ومن أهم الخلاصات، ضرورة التعامل المباشر مع الفلسطينيين بغية فتح صفحة جديدة على أساس «تنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان، وخاصةً بعد إعلان فلسطين، والتأكيد على حق القضية الفلسطينية» لمعالجتها في بعديها السياسي والوجودي في لبنان. وعن الأصوات الكتائبية المعارضة لهذه الندوة، يلفت أبو خليل إلى ضرورة «عدم بناء مخاوفنا على الهواجس وحدها، وعدم ترك قضية الفلسطينيين على عاتق الأميركيين والمجتمع الدولي»، مؤكداً تفهّم موقف المعترضين، وواصفاً الخطوة الكتائبية بـ«المقاربة المسؤولة».
أما النائب الثاني للرئيس الجميّل، سليم الصايغ، فيصف موقف المعترضين الكتائبيين بـ«الموقف المبدئي لا السياسي»، ليضيف: «للأسف توقّف بهم التاريخ منذ 30 عاماً ولا يزالون يعيشون بأحلام الماضي»، مؤكداً ضرورة تأسيس عقد سياسي جديد للحياة السياسية.
وعن استيعاب القاعدة الشعبية الكتائبية للخطوة المقبلة، يقول الصايغ إنّ شرح الأمور لها وتنويرها يقعان على عاتق مسؤولي «الحزب»، «والأساس عدم اللعب على العصبيات لاستخلاص الدروس».
ويرى الصايغ أنّ من شأن اللقاء المقبل، وما سينتج منه، تحديد آلية التعاطي مع الفلسطينيين، إضافةً إلى تقوية خطّ الوعي للحفاظ على المصالح المشتركة بين الطرفين، و«تسريع خروج الفلسطينيين إلى دولتهم».