عين بعال ـ كامل جابرتكاد آلاف الدراجات النارية المنتشرة بين وسط صور ودوّار «بصّها»، والحوش وعين بعال وحناويه شرق صور، تتفوق على عديد السيارات في هذا المحور المترنح معيشياً بين موظفين ومياومين وعمال أجراء في ورش تمتد امتداد الطريق؛ إذ باتت تُعدّ، في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة، وسيلة النقل الأكثر رواجاً وشيوعاً وسهولة.
تتفاوت أعمار «فرسان» الدراجات المتواضعة من حيث الشكل والسعر، بين سن الخامسة عشرة والسبعين، أو ما يفوقها بقليل، لكن يجمع بين هذا التفاوت أن معظم سائقي هذه الدراجات لا يحملون إجازات قيادة ودفاتر سوق، فيما تتميز دراجاتهم بأن مجملها غير مشرّع قانوناً.
تعج طرقات عين بعال العامة والقريبة من الساحة بمئات الدراجات بين الظهر والعصر؛ ففي أوقات الظهر، يتلازم الازدحام مع انصراف تلميذات الثانوية الرسمية، فضلاً عن أن عشرات التلامذة ينتقلون من الثانوية وإليها عبر دراجات نارية تُعدّ الوسيلة الوحيدة للقاطنين في الأحياء البعيدة وقرى الجوار. أما في أوقات العصر والمساء، فتتحول هذه الدراجات إلى وسائل «للاستعراض» في الوقوف فوقها وهي تسير، أو رفعها وجعلها تنطلق على دولاب خلفي وحيد، أو «لكزدورة» المساء والتجمع قرب المقاهي والاستراحات.
«هي وسيلة عمل ونقل أكثر راحة في الحركة والانتقال وأقل كلفة؛ هناك موظفون ينتقلون يومياً من عين بعال وجوارها إلى مدينة صور على دراجاتهم النارية، توفيراً لتكلفة الانتقال في السيارة البالغ 4 آلاف ليرة يومياً في حدّه الأدنى، فكيف بالأمر على ذوي الدخل المحدود؟»، بحسب سامي عنتر، صاحب أحد المقاهي الذي يرتاده راكبو الدراجات في عين بعال، ويردف: «يجتمع هنا عصراً ما لا يقل عن 70 أو 80 دراجة وركابها. وهذا الازدحام في حركة الدراجات يتسبب باستمرار بحوادث تؤدي إلى إصابات جسدية، لكن سرعان ما تختفي هذه الدراجات أو تنكفئ إلى الطرقات الداخلية، عند شيوع خبر دورية لقوى الأمن الداخلي، التي صادرت أكثر من مرة العشرات منها».
ويعزو عنتر سبب انتشار الدراجات «إلى قلة حيلة الناس المادية، والشباب منهم على وجه التحديد؛ وبسبب الأوضاع المعيشية الصعبة، فيلجأ معظمهم إلى اقتناء دراجة ابتداءً من سعر 200 دولار أميركي، يمكن لخزان وقودها أن يكفي أسبوعاً إن لم يستخدمها للترفيه. يمكن أن أجزم بأن لا بيت في عين بعال يكاد يخلو من دراجة، إن لم يكن في بعضها 3 و4 دراجات؛ أما من تيسرت أوضاعه المادية قليلاً، فقد اقتنى دراجة ضخمة للتنقلات العامة، وأخرى متواضعة لاستخدامها داخل البلدة وفي أزقتها. وبين سائقي الدراجات هناك ما لا يقل عن خمسين مسناً بين الستين والثمانين».
تمثّل الضرائب المرتفعة عامل هروب من تشريع هذه الدراجات في منطقة صور، إذ إن إجازة السوق والمعاينة ورسوم التسجيل وغيرها، قد تفوق أسعار الدراجة أضعافاً مضاعفة. ويقدر مجملهم تكلفة التسجيل و«التشريع» بما لا يقل عن مليون ليرة لبنانية، «فكيف بالأمر إذا أردنا تشريع نحو 2000 أو 3000 دراجة أو أكثر في المنطقة؟».
يقود حسين دبوق دراجته منذ أكثر من 5 أعوام «أنا أبلغ اليوم التاسعة عشرة، أستخدم دراجتي في العمل؛ ويبلغ مصروفها الأسبوعي ثمن صفيحة من البنزين، لأنني أكزدر بها عصراً. أنا لا أفكر الآن في شراء سيارة، دراجتي موديل الـ2000 وهي من نوع نيو جورك اشتريتها بـ450 دولاراً أميركياًَ، أكزدر فيها أمام الصبايا؛ ولو أنني أملك دراجة ضخمة أو سيارة للفتّ نظرهن أكثر».
أما عندما تأتي دورية قوى الأمن الداخلي «فهناك كلمة سر وأساليب إنذار تصل إلى الجميع بسرعة البرق».