طرابلس ـ الاخبارأفرزت الانتخابات الطالبية التي جرت في كليات الجامعة اللبنانية في الشّمال مجموعة من النتائج شكلت مفاجآت على أكثر من صعيد، وكوّنت واقعاً طالبياً ــ سياسياً جديداً يجدر التوقف عنده، وقراءة خلاصة ما أفضى إليه، وتُرجم في صناديق الاقتراع
أولى المفاجآت في انتخابات الشمال الطلابية هذا العام تمثلت في حصول «شباب المستقبل» على النصيب الأوفر من مقاعد المجالس الطالبية، وبنسبة فاقت ما حصلوا عليه في الانتخابات الماضية. والمفاجأة الثانية كانت في بروز «شباب العزم» (تيّار الرئيس نجيب ميقاتي) كقوة صاعدة استطاعت احتلال المرتبة الثانية. أمّا المفاجأة الثالثة فتمثلت في تراجع قوّة «رابطة الطلاب المسلمين»، وفقدانها كليات كانت تسيطر عليها بالكامل، فيما كانت المفاجأة الرابعة الغياب شبه التام لقوى المعارضة الطالبية، حتى بدت كأنّها غير موجودة في بعض الكليات.
وفيما أعطى كلّ طرف تفسيره للنتائج، في انتخابات غابت عنها التحالفات بين القوى الرئيسية، فإنّهم أجمعوا على أنّ السياسة تقدمت على الشأن الطالبي، وهيمن خطابها والتدخلات فيها على كلّ شاردة وواردة، ما أفضى إلى تبادل اتهامات بخرق اتفاقات كان يجري إبرامها، وبالمال السياسي، وإقامة تحالفات من تحت الطاولة؛ على نحو أعطى إشارة إلى أنّ ما يقوله الكبار ويمارسونه، يتلقنه الصغار وينفذونه بحذافيره، حتى باتا وجهين لعملة واحدة.
فـ«الرابطة» التي تحالفت في الانتخابات الماضية مع «شباب العزم»، وحققا حينها نتائج مهمّة، تراجع حضورها نتيجة استمرار انقساماتها الداخلية، وتحديداً في كلية الآداب، بينما كانت نتائجها في باقي الكليات أقلّ من عادية، إلى جانب مفاجأة تراجعها في كلية العلوم، بعدما بسطت سيطرتها عليها في الأعوام الماضية.
مصدر مسؤول في الجماعة الإسلامية قال لـ«الأخبار»: «سعينا هذه السنة إلى إقامة تحالف موسّع يضمّ إلى جانب «شباب العزم» مرشحي تيّار المستقبل، لتجنيب كليات الجامعة في الشّمال معارك انتخابية نحن بغنى عنها في الأجواء الحالية، لكنّ هذا التحالف الذي توصلنا مبدئياً إليه انفرط منذ اليوم الأول للانتخابات».
وقال المصدر إنّ «سبب تراجع حضور الرابطة في الانتخابات الحالية، في كليتي العلوم والآداب التي انسحبنا منها، هو التراخي الذي ساد صفوفنا، والثقة الزائدة بالنفس، وانعكاس الخلاف بين المستقبل والعزم على الأجواء، ما سهّل الاستقطاب»، مضيفاً أنّ «مالاً سياسياً وُظف في الانتخابات».
على صعيد آخر، لم يكتم مقربون من شباب المستقبل أنّ «العنوان السياسي كان الأبرز في الانتخابات، لأنّها جرت في مواجهة قوى سياسية، أكثر منها طالبية، رغم أنّ برامجنا الطالبية كانت واضحة».
وإذ أوضح المقربون أنّ «مالاً سياسياً ضخّه البعض بسخاء للتأثير في الانتخابات»، لفتوا إلى أنّه «حاولنا منذ البداية تجنّب المعارك الانتخابية بناءً على قرار سياسي، وأجرينا اتصالات بالقوى الطالبية الأخرى، إلا أنّ عدم التوصل إلى توافق جعلنا نخوض المعركة مع حلفائنا في قوى 14 آذار ومستقلين، والتقدّم الذي أحرزناه وتجاوزنا به نتائج الانتخابات الماضية، جعلنا نتلمس آثار وجودنا تنظيم سياسي».
وأشار المقربون إلى أنّ النتائج «أظهرت اقتناع أغلبية الطلاب بهذا التوجّه، ولأنّنا مارسنا سياسة انفتاح على القوى الأخرى، وبرزنا مدرسةً سياسيةً تلتزم تحالفاتها، وحرصنا على أن نكون الحضن الواسع الذي يجمع كلّ التيّارات والقوى الطالبية والسياسية، لإقرار برنامج عمل يوحد الطلاب».
في مقابل ذلك، شدّد مصدر مسؤول في «شباب العزم» على أنّ «حضورنا الطالبي في تيّار الرئيس ميقاتي نبع من تواصلنا مع الطلاب من خلال خدماتنا، وإنماء قدرات الطلاب، لأنّ استحقاق الانتخابات الطالبية هو مكان عبور بالنسبة إلينا، لا أساس العمل، عدا أنّ عجلة العمل والخدمات الطالبية مستمرة وليست موسمية، ولا تتوقف لا قبل الانتخابات ولا بعدها».
وأشار المصدر إلى أنّه «مددنا يدّ التعاون إلى الجميع، انطلاقاً من كوننا نمثل تيّاراً ونهجاً وسطياً يهدف إلى تقريب وجهات النظر، وسعينا لإقامة توافق في كلّ الكليات، لكنّ عدم التوافق على توزيع المقاعد أحبط المساعي».
وأكّد المصدر أنّ الانتخابات «أعطت صورة عن حضورنا السياسي في الوسط الطالبي، وأثبتنا أنّنا قوّة مهمّة، رغم مشاركتنا فيها منفردين، بلا دعم أحد من قوى 8 أو 14 آذار، أو المستقلين خارج كلية الهندسة، ولو تحالفنا مع أحد ما من تحت الطاولة أو من فوقها، سيّان، لجاءت النتائج لمصلحتنا بالكامل»، موضحاً أنّ «حضورنا يرتب علينا مسؤوليات، وخصوصاً أنّنا برزنا قوةً طالبيةً ـــ سياسيةً مؤيدةً لتيّار الرئيس ميقاتي»، نافياً ما روّج عن استخدام عنصر المال، بل «قدّمنا خدمات طالبية للجميع بلا استثناء، وبلا أي التزام سياسي أو ما شابه، ولأنّ كلّ المرشحين والفائزين هم منتسبون وملتزمون بشباب العزم».
في مقابل ذلك، أوضح مسؤول معني في «جبهة العمل الإسلامي» أنّ الانتخابات الطالبية والجامعية «لا تعطي صورة كافية ومعبّرة عن واقع القوى السياسية في طرابلس والشّمال، إلا أنّها تشكّل مؤشّراً ونموذجاً مصغّراً لا يمكن تجاهله».
ولفت المسؤول، في إشارة إلى حضور تيّار ميقاتي القوي في الجامعات هذه السنة، إلى أنّ «الخدمات التي يقدّمها ليست خافية على أحد، وخصوصاً في المجال التربوي، والتي تبدأ بالتصوير المجاني، والمساعدة في الحصول على المقرّرات الجامعية، وتأمين رسوم التسجيل، وتنظيم الندوات والمحاضرات والدورات التدريبية والتثقيفية، وصولاً إلى تقديم المنح الجامعية، وإن بنسب معينة».
ولفت المصدر إلى أنّ «معظم من تقدّم بطلب الحصول على مساعدات طالبية حصل عليها، ونادراً ما رُفض طلب، وخصوصاً إذا زكّاه أحد المقربين».


نتائج الانتخابات

كشفت انتخابات كليات الجامعة اللبنانية ومعاهدها في الشّمال، لانتخاب 144 عضواً في 8 مجالس طالبية عن فوز المستقبل بـ57 مقعداً.
فيما تقاسم حلفائه وشباب العزم معظم المقاعد الأخرى. فحصدت القوّات اللبنانية 7 مقاعد، حركة الاستقلال مقعدين، التقدمي مقعداً واحداً.
مقابل ارتفاع حصة العزم الى 37 مقعداً.
ولم تستطع رابطة الطلاب المسلمين أن تحصد أكثر من 11 مقعداً، والمنشقون عنها 16 مقعداً، والمستقلون 8 مقاعد.
أمّا قوى المعارضة فحصدت نتائج مخيبة، تمثلت في حصول كلّ من التيّار الوطني الحر والقومي والشيوعي والمشاريع على مقعد واحد لكلّ منها، ولم ينل التحرّر العربي والمردة والشباب الوطني أيّ مقعد.