عفيف ديابانفجر الاحتقان السياسي في «دار السلام» زحلة. والمدينة التي كانت تنعم بهدوء قلّ نظيره في سائر المناطق، وجدت نفسها في خضم الرصاص. فقد فعلت حدّة المنافسة السياسيّة فعلتها، ووصلت حدّ اللعب بأمن زحلة وإدخالها في أتون من الصراعات قد تكون طويلة، ما لم تسارع القيادات المحليّة والمركزيّة في فريقي الموالاة والمعارضة، ومعها الأجهزة الأمنية، إلى حسم التوتر الأمني الذي أودى بحياة عضوي مجلس قيادة إقليم زحلة الكتائبي، الزميل نصري ماروني وسليم عاصي، إضافة إلى جرح خمسة آخرين.
وشرحت مصادر أمنية لـ«الأخبار» تفاصيل الحادث الأمني، وقالت إن إقليم حزب الكتائب كان قد دعا قبل أيام إلى حضور حفل افتتاح بيت الكتائب في حي حوش الزراعنة، والمشاركة في القداس على نية الشهيد بيار الجميل. وأضافت أن مواطناً كان يحاول المرور بسيارته قرب مكان الاحتفال، فتلاسن مع عدد من الكتائبيين الذين تمنّوا عليه تغيير وجهة سيره. وتابعت المصادر الأمنية روايتها قائلة إن المدعو (ج. ز)، بعد أن غيّر وجهة سيره، عاد حاملاً رشاشاً حربياً، وبدأ بإطلاق الرصاص على الاحتفال الكتائبي، ما أدى إلى سقوط مسؤول الإعلام في إقليم زحلة الكتائبي، الصحافي نصري الماروني، وسليم عاصي، وجرح نجله و3 آخرين. وأوضحت أن سامي الجميّل نجل الرئيس الأسبق، رئيس الكتائب، أمين الجميّل، كان قد غادر الاحتفال قبل وقوع الإشكال الأمني بعدة دقائق، لافتة إلى أن الحادثة بدأت فردية وانتهت بين موالاة ومعارضة.
أمّا الرواية الكتائبية فتقول إنّه «فيما كان إقليم زحلة الكتائبي يحتفل عند الرابعة من بعد ظهر اليوم (أمس) بتدشين قسم الكتائب في حوش الزراعنة في المدينة، بحضور منسّق اللجنة المركزية في الحزب، الشيخ سامي الجميّل، وحشد كتائبي من أبناء المنطقة والبقاع، وبعد لحظات على مغادرة الجميّل موقع الاحتفال، أقدم مسلّحون يستقلّون سيارة على إطلاق النار على المشاركين في الاحتفال».
واتّهم قيادي في كتائب زحلة، النائب إلياس سكاف بـ«العبث بأمن زحلة»، مشيراً إلى أن الإشكال الأمني رسالة «دموية» من المعارضة ضدّ التحرّك الشعبي السلمي الذي انطلق قبل يومين في المدينة لمطالبة نواب زحلة ودائرتها بانتخاب رئيس للجمهورية، ووضع حدّ للفراغ في سدّة الرئاسة الأولى.
وفي المقابل، نفى أحد المُقرّبين من النائب إلياس سكاف صحّة المعلومات التي تحدّثت عن تورّط أحد أنصاره في الحادثة، طالباً من القوى الأمنية توقيف كلّ من يظهر تورّطه، «لأنّنا نرفض العبث بأمن زحلة، ونرفض الانجرار وراء الفتنة مهما كانت الظروف، فكل قوى زحلة السياسية ترفض استخدام العنف في الاختلاف السياسي». ودعا الأنصار كافة إلى «ضبط النفس» والالتزام بتوجيهات الجيش وقوى الأمن الداخلي.
وأشار إلى أنّ «المشكلة وقعت بعد إقفال الطريق من جانب شباب من الكتائب خلال مرور اثنين من سكان المنطقة، فأوقفوهما ووقع الإشكال».
إلى ذلك، عُقدت، مساء أمس، سلسلة من الاجتماعات بين أقطاب وقيادات من المدينة تمحورت حول الآلية الواجب اعتمادها لتهدئة الأمور وضبط الشارع، مع توفير كل الدعم والمساندة للقوى الأمنية للقيام بدورها في حفظ الأمن داخل مدينة زحلة. وعلمت «الأخبار» أن اتصالات على أعلى المستويات أجراها الرئيس أمين الجميّل مع قيادات في الموالاة والمعارضة لتهدئة الأجواء في زحلة، مع دعوته الكتائبيين في المدينة إلى ضبط النفس وعدم الانجرار وراء الفتنة. كما دعا التيار الوطني الحر في زحلة جميع أنصاره إلى الابتعاد عن أي توترات في الشارع و«ضبط النفس» وعدم الانجرار وراء إشكالات متفرقة و«عدم الرد على أي استفزاز مهما كان حجمه». وأوضحت جهات متابعة في المدينة لـ«الأخبار» أن وفداً من المطارنة الموارنة والكاثوليك والأرثوذكس سيزور قيادات زحلة الكتائبيّة و«الكتلة الشعبيّة» للتهدئة، والمطالبة بتسليم مطلقي النار إلى العدالة. وأوضحت أن الوفد الروحي سيلتقي النائب إلياس سكاف ورئيس الكتائب أمين الجميّل.