معركة ــ آمال خليلوحدها عملية إعمار المركز الثقافي الأول في بلدة معركة (قضاء صور) على أرض تابعة للأوقاف التابعة للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، لم تتوقف بسبب الجدل الدائر بشأنه بين الأهالي والبلدية ولجنة الوقف. إذ إن الأشغال مستمرة منذ شهر في العقار الرقم 1571 البالغة مساحته أقل من دونم واحد.
فالمركز الذي منحت السعودية للحكومة اللبنانية تكاليفه التي تقارب 800 ألف دولار، كهبة بعد عدوان تموز في إطار تبنيها إنشاء خمسة مراكز في لبنان، اثنان منها في الجنوب (أحدهما في النبطية)، يتولى الإشراف عليه مجلس الإنماء والإعمار الذي انتدب مكتباً هندسياً وتنفيذياً لإنجازه.
ولمّا تنص الهبة على وصاية البلدية على المركز، بدءاً من تأمين قطعة أرض، وصولاً إلى تأمين الطواقم البشرية والإشراف على إدارته، قدّم الوقف في معركة قطعة الأرض التي كان أحد أبناء البلدة قد وهبها.
كسواه، ولّد المركز خلافات واتهامات متبادلة بين بعض الأهالي والبلدية والقوى الحزبية النافذة في البلدة. فالأهالي من جهتهم يرفضون إنشاءه في ذلك الموقع «الضيق غير المناسب لمركز ثقافي يؤمّه الناس لوقوعه في الحارة القديمة بين حسينية النساء من جهة، ومقبرة البلدة من جهة أخرى. بالإضافة إلى خضوعه لاحقاً للأوقاف الشرعية التي ستسمح أو تمنع وفق نظامها، ما قد يفرض أنواعاً من الأنشطة الثقافية والدينية، ويمنع أخرى فنية أو موسيقية». وفي المحصلة، لن تجد بعض الفئات في البلدة التي تضم مختلف التوجهات الحزبية والعقائدية العلمانية والدينية موطئ قدم لها. والأسوأ برأي البعض ما يفرضه الواقع بأن على البلدية أن تدفع للوقف مالك الأرض بدل إيجار شهرياً (حوالى 400 دولار) وتأميناً للمصاريف، وبالتالي فإنها تدفع من الصندوق البلدي من الرسوم التي تجبيها من الأهالي». وفيما يؤكد هؤلاء أن «أشخاصاً عديدين اقترحوا تأمين أراض أخرى لإنشاء المركز تشتريه البلدية ويعفيها لاحقاً من الإيجارات، ويكون بعيداً من التجاذبات الحزبية التي تسيطر على لجنة وقف البلدة، ويكون مفتوحاً كذلك لكل أنواع الأنشطة الثقافية والفنية».
ويشاطر رئيس البلدية الحالي حسن سعد الأهالي الرأي بأن الموقع ليس مناسباً لمركز ثقافي، إلا أنه يرمي المسؤولية على البلدية السابقة برئاسة أحمد حجازي التي «اختارت الموقع وسجّلته في التنظيم المدني، لتضع الشركة المتعهدة الدراسات الهندسية». واللافت أن سعد «فوجئ بعد أيام من تسلّمه رئاسة البلدية في منتصف أيار من عام 2007، بطلبه في التنظيم المدني للتوقيع على رخصة إنشاء المركز، لأنه لم يكن على علم مسبق بشأن الهبة، وبأنه راجع محاضر الجلسات السابقة للمجلس البلدي ولم يجد ذكراً فيها للمركز. ولمّا حددت البلدية السابقة الموقع، فإن الأوان قد فات لتبديل الموقع ولتكليف المجلس البلدي البحث عن قطعة أرض أخرى، الذي كان صعباً هو الآخر لضعف الإمكانات، لا سيما أن البلدية كانت مدينة بـ18 مليون ليرة لدى تسلمه. بالإضافة إلى أن أحد المهندسين المشرفين من مجلس الإنماء والإعمار أبلغه باستحالة نقل المركز إلى مكان آخر، وإلا تخسر البلدة الهبة. ما وضع البلدية ورئيسها، كما الأهالي، أمام الأمر الواقع».
لكن حجازي يرفض جعله «شمّاعة»، ويوضح أنه كان مقرراً أن تبني السيدة رندة بري حسينية على الأرض ذاتها. ولمّا استحقت معركة الهبة لإنشاء المركز، اعتمد النافذون، لا المجلس البلدي، إنشاءه عليها، وأعطى الأوقاف للبلدية إفادة تسمح بإقامته في ذلك المكان. وقد أعطى مجلس الإنماء والإعمار للبلدية مهلة ستة أشهر لتأمين موقع آخر انتهت في حزيران من عام 2007، إلا أن النافذين التزموا بقرارهم. وأمام هذا الواقع «وافق المجلس على القرار، كي لا تخسر بلدة معركة فرصة إنشاء المركز الثقافي الأول فيها».
وفي ما يخص الإيجار المختلف عليه، يؤكد سعد أن لجنة الوقف أعفت البلدية من الرسوم. والأهم أن البلدة ستحظى بإنشاء مركز ثقافي آخر باسم جميل بيرم، المربي الأول الذي درّس في البلدة وأنشأ مدرستها الرسمية، وستنفذه أسرته على نفقتها الخاصة. ويقول سعد إن البلدية قد اختارت له «موقعاً مناسباً نالت الإذن باستثماره من وزارة التربية لمدة 99 عاماً».