فاتن الحاجأين أصبح مشروع افتتاح السنة الثالثة في كلية العلوم ـــ الفرع الرابع (البقاع) في الجامعة اللبنانية، بعد توريط الكلية بمبنى «صفقة» لا يمتلك الحد الأدنى من المواصفات الجامعية؟ سؤال يدور في أروقة الكلية، بعدما وقّع رئيس الجامعة الدكتور زهير شكر على عقد إيجار المبنى الجديد وأرسله إلى ديوان المحاسبة.
أما المفارقة التي يسجلها المراقبون فهي أنّ المبنى الجديد لا يغني عن القديم، لكونه يضم شققاً سكنية صغيرة لا تمكّن الكلية من استحدث قاعات تتجاوز مساحة الواحدة منها 50 متراً مربعاً، في وقت تحتاج فيه إلى قاعات بحجم 200 متر مربع، وبالتالي لا يمكن استثمار المبنى الجديد للتدريس كما كان منتظراً، وخصوصاً أنّه كانت هناك نية جدية بافتتاح السنة الثالثة في العام الدراسي المقبل. فـ«المكان لا يستوعب أكثر من 3 أو 4 مختبرات»، تقول المصادر في الكلية.
ويذهب البعض إلى أنّ الإجراء الجديد قد يكلّف الجامعة 400 مليون ليرة سنوياً، لا سيما أنّ إيجار المبنى القديم هو 35 مليون ليرة لبنانية، والمبنى الجديد 163 مليون ليرة، فضلاً عن الأعباء الإضافية التي سيرتبها التفريع واستقدام الجهاز الإداري الجديد على الجامعة.
ومع أنّ الاستشارة الفنية أوصت بأن يتعهد صاحب الملك ببناء قاعات ومختبرات رديفة بمواصفات جامعية، لم يلحظ العقد هذا الأمر، وبالتالي ترك الخيار لصاحب الأرض بأن يبني أو لا يبني. يذكر أنّ مدة العقد 8 سنوات لا 5 سنوات كما جرت العادة. أما المبنى الجديد فيقع في منطقة كسارة على بعد 200م من أفران شمسين، ويبعد نحو كلم واحد عن المبنى القديم (صعوبة الانتقال)، كما أنّه ليس بعيداً عن الطريق العام، ويفتقر السور الجامعي، ما يهدد السلامة العامة، كما قالت المصادر. ويبلغ ارتفاع المبنى 280 سم، ويضم 18 شقة يتوقع تجهيزها خلال الصيف، لتصبح جاهزة لاستقبال الطلاب في العام المقبل. تجدر الإشارة إلى أنّ المبنى القديم الذي يحتضن طلاب السنتين الأولى والثانية فقط، بات غير قادر على الاستيعاب.
وكانت إدارة الجامعة قد رفضت في السابق عرضاً تقدم به أحد الأشخاص من آل الهراوي الذي أعلن عن استعداده لتشييد مبنى بمواصفات جامعية يكلّف الجامعة 250 مليون ليرة لبنانية، وذلك بحجة أنّ مثل هذا الأمر لا يحدث في الجامعة، علماً بأنّه حدث في أماكن أخرى على حد تعبير المصادر، وبذلك تصبح تكلفة المبنى الجديد أعلى على المدى الطويل.
لماذ الإصرار على هذا المبنى بالذات؟
يتحدث المراقبون عن ضغوط سياسية مورست على رئيس الجامعة للقبول باستئجار المبنى، باعتبار أنّ صاحب الملك ينتمي إلى تيار المستقبل. لكن الرئيس، بحسب المصادر، غير مقتنع بالمبنى وتهمه مصلحة الجامعة. أما مدير الفرع ففوجئ بالمبنى غير الصالح للتدريس، وأبى الموافقة على استئجاره، لكونه يستلزم هدم جدران واستحداث قاعات كبيرة، والأخطر استحداث ركائز، وتردد أنّه عُرضت على المدير رشوة في هذا الصدد، لكنه لم يقبلها. ثم توترت العلاقة بعد ذلك بين الرئيس والمدير الذي خضع للتحقيق، وبالتالي للإهانة الشخصية، على حد قول المصادر. وساد الاستياء لأن الرئيس رفض استقبال مجلس الكلية الذي حاول تسجيل موقفه في القضية.
إلى جانب الشق السياسي، بدا أنّ هناك حرتقة شخصية من المدير القديم الذي ينتمي إلى القوات ولم يمدد له، والمدير الجديد، لتتضافر العوامل ويقع الطلاب ضحية التنفيعات والانتقال من السيئ إلى الأسوأ.
في المقابل، رفض مدير الفرع الدكتور وديع ملو والعميد الدكتور علي منيمنة الإدلاء بأي تعليق على القضية، ورميا الكرة في ملعب رئيس الجامعة الذي رفض بدوره تسجيل أي موقف بهذا الشأن.