strong>يستمرّ الجمود مسيطراً على الساحة السياسيّة بانتظار تحديد «قوى 14 آذار» موقفها من مبادرة رئيس المجلس النيابي الحوارية، فيما أتبعت السفارة الأميركية «نبوءة» ديفيد ولش عن صيف ساخن في لبنان بالحدّ من تنقّلات موظفيها
تنتهي اليوم المهلة التي حددها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لإعطاء الموالاة جوابها عن دعوته للاتفاق على إعلان نيات بشأن حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخاب، قبل الذهاب إلى انتخاب رئيس الجمهورية، وفي حال الرفض تحديد موعد جديد لجلسة الانتخاب المقبلة.
وقالت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» «إن الموالاة لا تتخذ موقفاً سلبياً من مبادرة بري لئلا تظهر في موقع الرافض للحوار من حيث المبدأ، لكنها ستتجه إلى القبول بالمبادرة مع التمسك بأولوية انتخاب رئيس الجمهورية».
وأشارت المصادر إلى أن رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط متحمس للتجاوب مع مبادرة بري، لكن على أساس أنه سيعمل على إقناع حلفائه ولا سيما النائب سعد الحريري من أجل القبول بها، انطلاقاً من اقتناعه بأنه لا حل للأزمة من دون التفاهم مع المعارضة عموماً ومع الفريق الشيعي فيها خصوصاً. ونُقل عن جنبلاط في هذا المجال تعويله على دور بري، مؤكداً أنه يتجه إلى التعاون معه إلى أقصى الحدود لأنه شخصياً مقتنع بأنه لا يمكن أن يكون هناك حل بمعزل عن الشيعة.
وأشارت المصادر إلى أن جنبلاط يتجه إلى اتخاذ مزيد من المواقف المرنة تجاه أكثر من خصم له، لأنه يريد أن يطلّ على المرحلة السياسية المقبلة بتوجهات إيجابية وخصوصاً أنه ينظر إلى استحقاق الانتخابات النيابية قانوناً واقتراعاً على أنه مفصل أساسي في مسار الأوضاع الداخلية وتموضع القوى السياسية في هرم السلطة، وهو في هذا الإطار يرى أن مبادرة بري تُعدّ صيغة منفتحة وفي الإمكان إدخال بعض التعديلات عليها وخصوصاً أنها تتعلق بإعلان نيات يمكن أن تتم ترجمتها بعد انتخاب رئيس الجمهورية وعودة الثقة بين القوى السياسية.
وقالت المصادر «إن جنبلاط يأخذ في الحسبان، في ضوء هذا الموقف الذي يتخذه، مصالح حلفائه المسيحيين في قوى 14 آذار في مواجهة رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون».
ورجحت المصادر عودة النائب الحريري من السعودية خلال اليومين المقبلين تمهيداً لاجتماع تعقده الموالاة بعد غد الأحد أو الاثنين المقبل على أبعد تقدير لتحديد موقفها من مبادرة بري.
وفي حديث إلى محطة «BBC»، جدد جنبلاط تأييده لدعوة بري للحوار، معلناً أنه وعد الأخير بأنه سيحاول إقناع حلفائه في قوى 14 آذار بتلبية هذه الدعوة.
وقال: «عرض بري أن نتحاور على نقطتين مركزيتين، ولا نستطيع إلا أن نلبي هذا الطلب»، كاشفاً أنه شخصياً «لا يمانع الاتفاق على حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخاب كشرط لانتخاب رئيس»، قائلاً «هذا رأيي».
وعلمت «الأخبار» أن قادة الصف الأول في «14 آذار» كلفوا معاونيهم درس صيغ القوانين الانتخابية المطروحة وتقديم اقتراحات بشأن الصيغة الفضلى التي تناسب مصالحهم الانتخابية، على أن تتبلور نتائج عمل هؤلاء خلال الأسابيع المقبلة.

دمشق لا تعترض على المبادرة

من جهة أخرى، نقل زوار الرئيس بري عنه أنه يعتبر مبادرته بمثابة فرصة، على الموالاة الاستفادة منها وعدم تضييعها، لافتاً إلى أن هذه المبادرة لا تعترض عليها دمشق لأنها تريد للبنان أن يخرج من أزمته لأن في ذلك مصلحة سورية ـــــ لبنانية مشتركة. وأكد بري أن ما طرحه هو إعلان نيات، الغاية منه تسهيل التوافق على أن يترك البحث في التفاصيل إلى ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية «ولذا فإنني أستغرب الموقف السلبي الذي تتخذه الموالاة من هذه المبادرة التي تنطوي على تسهيلات كثيرة».
من جهته، أعلن النائب السابق غطاس خوري، بعد زيارته والنائب السابق منصور غانم البون البطريرك الماروني نصر الله صفير، «إننا ننظر بإيجابية إلى المبادرات المطروحة إذا كانت ستؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية كمفتاح لحل الأزمة»، مشدداً على انتخاب «الرئيس قبل كل شيء».ونفى وجود تباين مع النائب جنبلاط الذي «أوضح أنه يريد التشاور مع النائب سعد الحريري ومع بقية قادة 14 آذار قبل اتخاذ الموقف النهائي».
رئيس الحكومة إلى القاهرة
وقبيل الاجتماع المرتقب لقوى 14 آذار، تابع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة اتصالاته بوزراء خارجية الدول التي شاركت في اجتماع «أصدقاء لبنان» في الكويت، فاتصل أمس بوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس وبوزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، وعرض معهما المعطيات التي طرحت ونوقشت في الاجتماع و«السبل الممكنة لتفعيل الدعم من أصدقاء لبنان لمؤسسات الدولة اللبنانية في هذه المرحلة».
ومساءً، غادر السنيورة بيروت متوجهاً إلى القاهرة مع عائلته لقضاء إجازة خاصة.
ووسط هذه الأجواء، حملت المعارضة على اجتماع أصدقاء لبنان الذي انعقد في الكويت. وتعليقاً على مقررات الاجتماع، أصدرت العلاقات الإعلامية في «حزب الله» بياناً جاء فيه «لطالما أكّد حزب الله دعمه وترحيبه بأي مسعى عربي أو صديق من شأنه مساعدة الأطراف اللبنانية على تجاوز العقبات والتوصل إلى حل للأزمة الداخلية في إطار الحفاظ على السيادة والوحدة والصيغة اللبنانية، وما زلنا ندعم أي مسعى في هذا الإطار، وخصوصاً المبادرة العربية ورؤيتها المتكاملة للحل، إلا أننا نؤكد في المقابل رفضنا لأي تدخل من أي دولة كانت في الشأن اللبناني لا يراعي إرادة اللبنانيين بجميع تلاوينهم، وخاصة إذا كان هذا التدخل انحيازاً إلى مصالح خاصة تأتي على خلفية نيات سياسية مبيّتة».
وذكّر البيان «بعض هؤلاء أنّه ينبغي عليهم أن يكونوا على مسافة واحدة من جميع الأطراف في لبنان وأن يحترموا إرادة اللبنانيين ومساعدتهم بما يريدونه وإلا فقدوا دورهم كوسيط فاعل ومقبول وحيادي، وتحولوا إلى طرف وجزء من المشكلة لا الحل، وهو دور له مخاطره الجمّة»، فيما رأى مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله السيّد نوّاف الموسوي، بعد لقائه السفير التونسي محمد مسعود، أنه بدلاً من أن تصبّ مقررات اجتماع الكويت «في تعزيز الجهود الوفاقية لحل الأزمة اللبنانية، أتت أشبه ما تكون بإعلان صريح عن حرب مفتوحة ضد المعارضةوأعرب وزير الخارجية والمغتربين المستقيل، فوزي صلوخ، عن خشيته من أن تصبح بعض الاجتماعات حول لبنان «ثقالات» للحل فيه.
ورأى أن تصريح مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش عن صيف ساخن في لبنان لم يأت من فراغ، مشيراً إلى أن السفارة الأميركية أوضحت أن ما قاله ولش يعكس ما سمعه في لبنان.
وأشار وزير الطاقة المستقيل، محمد فنيش، إلى أن التصريحات الأميركية تؤكد أن تعطيل حل الأزمة اللبنانية سببه دور الولايات المتحدة في لبنان، فيما دان لقاء أحزاب وقوى المعارضة ما نتج من اجتماع الكويت باعتباره «تدخلاً بشؤون داخلية ومحاولة مفضوحة لتدويل الأزمة اللبنانية».
على صعيد آخر، أكد عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب سليم سلهب، أن نواب التكتل يريدون انتخاب رئيس توافقي هو العماد ميشال سليمان، و«لكن يبقى التوافق على الموضوعين الآخرين: حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخاب».
من ناحيته، اتهم رئيس «تيار التوحيد اللبناني»، الوزير السابق وئام وهاب، السعودية بالوقوف إلى «جانب الخطة الأميركية المرسومة في لبنان وهو خط تسعير الخلاف اللبناني ـــــ اللبناني، وبدا ذلك واضحاً في الدعوة إلى الاجتماع الدولي الذي عقد في الكويت وتداول الوضع اللبناني».
ورحب وهاب في تصريح، بعد استقباله سفيرة فنزويلا سعاد كرم، بالنائب جنبلاط في المعارضة. وعن بعض التواصل أو الرسائل مع سوريا، قال وهاب «سوريا قلبها كبير».

السفارة الأميركية تحذّر رعاياها

ووسط هذه الأجواء، وبعد تصريحات ولش التي توقّع فيها صيفاً ساخناً في لبنان، أعلنت السفارة الأميركية في لبنان أنها ستحدّ من تنقّلات موظفيها إلى زحلة، وذلك بعد حادث مقتل عضوين من حزب الكتائب يوم الأحد الماضي. كما أعلنت أنها ستحدّ حالياً من تنقلات موظفيها بسبب «الوضع الأمني المتقلب والأزمة السياسية في البلاد»، ناصحة الأميركيين المقيمين في لبنان بتوخّي الحذر وإبلاغ السلطات اللبنانية عن «أي تحركات مشبوهة وغير عادية». ودعتهم السفارة إلى «الحفاظ على حدّ أدنى من الظهور العلني».