غسان سعودمرّة أخرى، تبتعد قوى 14 آذار عن الحشد الجماهيري في ذكرى 14 آذار، بشعار «مدِّ اليد بهدوء إلى الشركاء في الوطن بعدما أثبتت قوى 14 آذار حضورها الشعبي الكبير في 14 شباط الماضي».
وكما كان السبب المعلن في الذكرى الأولى والثانية هو التزام تأمين الأجواء لنجاح طاولة الحوار الوطني (14 آذار 2006) ولحوارات الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري (14 آذار 2007)، يقول أحد أقطاب الأمانة العامة لهذه القوى إنهم سيقدمون في مناسبة الذكرى الثالثة ورقة عمل تؤسس «لأي لبنان نريد»، وتترجم ما اتفق عليه في الحوارات السابقة، إضافة إلى وضع رؤية واضحة لما سيُتَّفَق عليه. وفي معلومات المسؤول في 14 آذار أن هذه الورقة ليست مجموعة تسويات وتنازلات، بل هي مبادئ، ينكب مفكرو 14 آذار على إعدادها وصياغتها منذ أشهر، تتضمن رؤية تجمع 14 آذار السياسيّة، الاقتصاديّة، والاجتماعيّة.
ويرى أحد نواب الأكثريّة النيابيّة أن هذه الورقة ـ الرؤية سترتكز أساساً على ثابتة أن قوى 14 آذار ليست تجمّع طوائف، بل هي تعبّر عن تجمع عابر للطوائف. من هنا سيسعى المؤتمرون في 14 آذار المقبل في «بيال» إلى تحسين العلاقة مع أبناء الطائفة الشيعيّة، وفق خطة تترجم أخيراً ما يردده أقطاب 14 آذار منذ ثلاثة أعوام عن أن «الطائفة الشيعيّة لا تحتكر بشخصين». كما سيحضر الهمُّ المسيحي المتعلق بالمشاركة وتفعيل الدور بقوة في المؤتمر أيضاً، و«ستؤخذ هواجس المسيحيين، التي يتاجر بها البعض، في الاعتبار عملياً». وهكذا ستكون الملفات التي تعني المسيحيين والشيعة في صلب المبادئ الثابتة والواضحة لقوى 14 آذار «التي ستصوغ في 14 آذار المقبل كل ما حاول جمهور 14 آذار 2005 قوله خلال الأعوام الماضية»، بحسب نائب سابق. وكان معدّو «معاً... نحقق حلم لبنان» (شعار المؤتمر) قد حرصوا على أن يعلن النائب عن المقعد الشيعي في بيروت غازي يوسف برنامج المؤتمر الذي سيكون بعنوان «ربيع 2008»، فيما تركوا للمسؤول السابق في التيار الوطني الحر سامي نادر شرح شعار الحملة «معاً.. نحقق حلم لبنان» (معاً برتقاليّة).
وكان لافتاً، بحسب أحد نواب المعارضة، قول يوسف إن انتفاضة الاستقلال مدينة في انطلاقها للذين «ناضلوا لإنهاء حقبة التدخل الإسرائيلي في لبنان»، متجنباً بذلك عبارة «الاحتلال الإسرائيلي» ومتجاهلاً الذين ناضلوا قبل الانتفاضة بكثير لإنهاء حقبة التدخل السوري في لبنان. ويرى النائب المتني أن المؤتمرين ربما أرادوا تكريم زميلهم النائب إلياس عطا الله بصفته «مناضلاً لإنهاء حقبة التدخل الإسرائيلي في لبنان»، مشيراً إلى أن المعارضة لن تتمثل بالأكثرية في رفضها المسبق لورقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، وستنتظر ما ستقدمه الأكثرية «عسى أن يكون خيراً».
واستغرب النائب قول الأكثريين إنهم «معاً يريدون بناء لبنان» في ظل برنامج عمل يكرس الفئوية عبر حصره التواصل مع «قواعد 14 آذار»، وتعهده بحث سبل مشاركة المغتربين «المنضوين تحت راية مشروع الاستقلال»، وكأن المجتمعين لا يقصدون بـ«معاً» أكثر من أحزاب 14 آذار وتياراتها.