رضوان مرتضى«طغى موضوع الإرهاب على عالمنا العربي، وتبدّل الخطاب من المناخ القومي أو التقدمي أو الوطني أو الحضاري أو الثقافي الى المناخ الإسلامي والجهادي والشرعي والفقهي والفتوي. وبدلاً من الأحزاب العلمانية أو القومية أو العقلانية، نشأت حركات وتنظيمات تسوّغ قتل الأرض باسم السماء وتصفية المدنيين باسم الدين (..)». كان هذا جزءاً من مقدمة القرار الاتهامي الذي صدر امس عن قاضي التحقيق العدلي في جريمة عين علق القاضي رشيد مزهر.
جريمة عين علق وقعت بتاريخ 13 شباط 2007 يوم دوّى انفجار في منطقة عين علق في المتن الشمالي، ليتبيّن أنه ناجم عن عبوتين ناسفتين وضعتا كلاً على حدة داخل باصين معدين لنقل الركاب. وأدّى الانفجار إلى استشهاد 3 مواطنين وجرح 20 آخرين تقريباً. وإثر التحقيقات، أعلنت قوى الامن الداخلي في اليوم نفسه توقيف شبكة تضم أربعة أشخاص سوريين في مناطق المتن الشمالي وطرابلس والحمرا وجونية، كانوا على صلة مباشرة في ما بينهم، حيث عثر في شقق كانوا يستخدمونها على كمية من المتفجرات وكرات حديدية كالتي استخدمت في التفجير المذكور. وأقر أحد هؤلاء الأربعة بأنه كان أحد اللذين وضعا العبوة في إحدى الحافلتين بأمر من قائد فتح ـ الإسلام شاكر العبسي شخصياًبموازاة ذلك، كانت الاتهامات السياسية تكال الى المخابرات السورية، ليأتي بعدها مؤتمر صحافي لوزير الداخلية حسن السبع اثر انعقاد مجلس الوزراء بتاريخ 13/3/ 2007 «ليؤكد» الاتهامات السابقة. يومها سئل السبع: «هل صحيح أن الاستخبارات السورية هي من كان يوجّههم (الموقوفين السوريين الأربعة)؟» فأجاب: «سمّوا أشخاصاً في «فتح الإسلام»، ولا يخفى على أحد أن فتح الإسلام هي فتح الانتفاضة، وهي جزء من الجهاز الأمني المخابراتي السوري والتعاون الذي ساد بينهما كان وثيقاً جداً». تابع: «لفتح الإسلام قسم داخلي مرتبط بالقضايا اللبنانية ويشهد تنسيقاً كاملاً مع أجهزة الاستخبارات السورية». وبعد الجريمة بأشهر، منحت مكافآت للضباط الذين «كشفوا جريمة عين علق وكشفوا أن لفتح الإسلام قسماً ينسّق مع أجهزة المخابرات السورية».
أما في 18 شباط 2008، فقد أصدر المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا مطالعته في جريمة عين علق وحصر فيها الاتهام باتجاه شاكر العبسي وتنظيم فتح الإسلام بالوقوف خلف تفجير الباصين. كما طلب ميرزا الادعاء على العبسي وعناصر من فتح الإسلام بجرائم تصل عقوبتها إلى الإعدام.
وبالعودة الى القرار الاتهامي، فقد سرد مزهر كيفية نشأة تنظيم فتح الإسلام وسيرة شاكر العبسي، وعرض فيه وقائع إعداد خطة التفجير وتنفيذها من قبل مصطفى س. وعمر ح. كما عرض القرار كيفية التنسيق بين المدعى عليهم جميعاً ودور كل منهم في القضية. وذكر القاضي مزهر في متن قراره: «تبيّن أن أهداف التنظيم الذي أنشأه العبسي كانت حضّ اللبنانيين على الاقتتال الطائفي وإثارة الحرب الأهلية في ما بينهم وحضّهم على القتل والتخريب والنهب والاعتداء على حياة الآمنين وزعزعة الأمن والاستقرار في لبنان».
وبالتالي لم يخالف مزهر مطالعة ميرزا وطلب عقوبة الاعدام لخمسة متهمين بينهم شاكر العبسي. كما سطر مذكرة تحر دائمة توصلا الى معرفة الهوية الكاملة لسبعة آخرين. فيما اخلى سبيل رجل وامرأة بكفالة مالية.