strong>«بسبب استشعار الحرج»، تنحّى ثلاثة قضاة عن المشاركة في هيئة المحكمةالناظرة في الدعوى المرفوعة ضد سلطان أبو العينين، بجرم تأليف عصابة مسلحة وتنفيذ اغتيالات. أما المتهم أبو العينين، ورغم تعهّده للمحكمة بالمثول أمامها، فتغيّب عن حضور جميع الجلسات بحجة المرض
حسن عليق
بسبب حالته الصحية التي تسوء بالتزامن مع مواعيد جلسات المحاكمة، لم يمثل سلطان أبو العينين أمام محكمة الجنايات في بيروت منذ بدء محاكمته عام 2001، بتهمة تأليف عصابة مسلحة وتنفيذ عمليات اغتيال بين عامَي 1993 و1999. أبو العينين (اسمه الحقيقي حسن)، وبحسب القرار الاتهامي في القضية، كان خلال الفترة المذكورة يرأس مجموعة من 10 أشخاص، أبرزهم شهاب القدور (أبو هريرة، مسؤول عسكري في «فتح الإسلام» قُتِل في طرابلس أثناء تبادل إطلاق النار مع قوى الأمن الداخلي)، إضافةً إلى شحادة جوهر الذي يظهر على وسائل الإعلام على أنه عضو في «عصبة الأنصار» حيناً، و«جند الشام» أحياناً و«تنظيم القاعدة» أحياناً أخرى. أمّا المتهمون الآخرون، فترى المحكمة أنّ سبعة منهم فارّون من وجه العدالة، وتحاكمهم غيابياً، فيما لا يزال المتهم سليمان العطاونة في السجن منذ 8/7/2000، مع زميله خالد الشبطي الموقوف منذ 21/12/2005.
عدم مثول سلطان أبو العينين أمام المحكمة مسلسل متعدد الفصول. فبتاريخ 6/2/2004، أُعلِمت المحكمة بأن مخفر صيدا الجديد أبلغ أبو العينين بوجوب مثوله أمامها. ولأنه لم يحضر في الجلسة اللاحقة، اعتبرته المحكمة فاراً من وجه العدالة. وقبل هذا القرار وبعده، كانت المحاكمة تسير ببطء، بسبب الإجراءات القانونية والبيروقراطية، كتبليغ المتهمين والشهود، وتعيين محامين وعدم حضور بعضهم. وبقيت المحاكمة تسير على هذا النحو حتى يوم 27/3/2006، عندما ورد إلى المحكمة من المحامية هتاف وهبة، بوكالتها عن أبو العينين، طلب استرداد مذكرة التوقيف الغيابية وإيقاف تنفيذ مذكرة إلقاء القبض الصادرتين بحق موكلها.
بدء سلسلة تنحي القضاة
بعد ثلاثة أيام، تقدمت المستشارة في محكمة الجنايات القاضية غادة أبو كروم بعرض تنحيها عن متابعة النظر في هذه الدعوى، معلّلة الطلب بـ«استشعار الحرج». في اليوم ذاته، قُبِل عرض التنحي، وقرر الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في بيروت القاضي جهاد الوادي تعيين القاضي ألبير قيومجي مكان أبو كروم. وفي اليوم ذاته، قررت محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضي ميشال أبو عراج وعضوية المستشارين حارس الياس وألبير قيومجي قبول طلب وكيلة المتهم حسن أبو العينين الرامي إلى وقف تنفيذ مذكرة التوقيف الغيابية ومذكرة إلقاء القبض الصادرتين بحقه. لكن المحكمة بيّنت في قرارها أنها اتخذته بعدما «تعهد المستدعي الحضور أمام المحكمة».
الجلسة الأولى بعد تعهد أبو العينين الحضور أمام المحكمة عُقِدت يوم 23/6/2006، حيث أحضر المتهمان سليمان العطاونة وخالد الشبطي. وقد قدّمت المحامية هتاف وهبة تقريراً طبياً يفيد أن وكيلها أبو العينين يعاني التهاباً في الرئة والمسالك البولية، وأرفقته بقائمة بالأدوية التي صُرِفت له. وقد قررت المحكمة، وخلافاً لطلب النيابة العامة، قبول المعذرة الطبية.
بعد ستة أشهر، وتحديداً في الجلسة المنعقدة يوم 6/12/2006، تعافى المتهم سلطان أبو العينين من التهاب الرئة والمسالك البولية، لكن التقرير الطبي الذي قدمته وكيلته للمحكمة بيّن أنه مصاب باحتقان الرئة، وأنه بحاجة إلى الراحة مدة عشرة أيام. وبعد نحو ثلاثة أشهر، عقدت جلسة أخرى للمحكمة، إلا أن سلطان أبو العينين لم يحضر أيضاً. فقد أصيب مجدداً، بحسب التقرير الطبي، بالتهاب رئوي حاد. قبلت المحكمة مجدداً المعذرة الطبية.
بعد هذه الجلسة، أحيل القاضي أبو عراج على التقاعد لبلوغه السن القانونية، وانتدبت القاضية هيلانة اسكندر لرئاسة محكمة الجنايات. وفي الجلسة التي عقدت برئاستها يوم 27/6/2007، لم يحضر أبو العينين، لأنه بحاجة إلى الراحة مدة ثلاثة أيام. قُبِلت المعذرة الطبية مجدداً.
الجلسة اللاحقة لم يحضرها سلطان أبو العينين أيضاً، لكن هذه المرة، غابت معه القاضية هيلانة اسكندر، بعدما عرضت تنحيها في 23/1/2008، لاستشعارها الحرج. وبعد سبعة أيام، قبل عرضها، وانتَدَب القاضي جهاد الوادي المستشارة كارول غنطوس لإكمال تشكيل هيئة محكمة الجنايات من أجل النظر في الدعوى، على أن يترأس القاضي حارس الياس هيئة المحكمة.
لم تعقد المحكمة أي جلسة لها بحضور المستشارة كارول غنطوس، بعدما عرضت تنحيها هي الأخرى عن النظر في القضية، «لاستشعارها الحرج» أيضاً. وكما حصل في الطلبات السابقة، قُبل طلبها أيضاً يوم 11/2/2008، وانتدب القاضي عبد زلزلة مكانها.
بعد يومين، عُقدت محكمة الجنايات، وكان بإمكان وكيلة سلطان أبو العينين عدم التقدم بالتقرير الطبي، الذي يفيد أن المتهم مصاب هذه المرة بارتفاع في ضغط الدم، فقد تغيب القاضي زلزلة عن القضية، وأرجئت الجلسة إلى 10/4/2008.
في انتظار الجلسة المقبلة، لا بد من إيراد ملاحظتين. الأولى أن المتهم خالد الشبطي، منذ توقيفه، يتقدم بشكل دوري، خلال الجلسات وقبلها وبعدها، بطلبات لتخلية السبيل فاق عددها 15 طلباً، إلا أن المحكمة ردّتها جميعاً. أما الملاحظة الثانية، فهي أن سلطان أبو العينين، عقد يوم 28/6/2007 مؤتمراً صحافياً في مخيم الرشيدية، رغم أنه في اليوم السابق كان قد تقدّم عبر وكيلته بتقرير طبي إلى المحكمة يفيد بأنه بحاجة إلى الراحة مدة ثلاثة أيام.