فداء عيتانييمتاز السياسيون وأرباب العمل في هذه البلاد بذاكرة انتقائية، كما أن وحدة القياس الاجتماعية انتقائية هي أيضاً. فالفرد الواحد عندنا لا قيمة سياسية له، ولكن له قيمة قانونية حين تجري محاسبته، لا حين تُفْرَد له الحقوق. وفي المقابل هو فرد حين يطلب خدمات من ممثّليه السياسيين، وقد تُلبّى أو لا تلبّى، لكنه جمهور طائفي حين يحين أوان المذاهب والانتخابات.
أرباب العمل، بصفتهم من يموّل النهب السياسي للبلاد، ليسوا أفضل حالاً، فقد نسوا لأعوام طويلة العمال والموظفين. حين كانت سندات الخزينة تمثّل هواية وطنية في إفقار الدولة ورفع منسوب أرباح المصارف، كان الحد الأدنى للأجور على حاله اليوم، وحين وصلتنا وفود السياح بعد عملية 9ـ11، لم تتذكر الرساميل لا العمال ولا حقوقهم. وحين بدأت موجات النمو تبشر بالخير، جرى توظيف الطلاب بصفة مؤقتة، تحت شعار مساعدة الجامعيين، وضُرب الاستقرار الوظيفي.
لا يمكن نسيان تخريب النقابات، ولا فرض الضرائب التي تساوي بين الأثرياء والفقراء، حتى لو تباكى أصحاب الرساميل على شاشات التلفزة.