علي درويشآنذاك وقف تحالف أميركا وكندا واليابان وأوستراليا ونيوزيلندا صفاً واحداً رافضاً أي نقاش، مكتفياً بتخصيص بعض الأموال للطاقات المتجدّدة (نحو ملياري دولار مقابل دعم سنوي للطاقات الملوثة من أحفورية ونووية وغيرها يصل إلى أكثر من ثلاثين مليار دولار).
ومنذ بضعة أشهر، اجتمع العالم في بالي (إندونيسيا)، ورغم كل النداءات كان الفشل... ونقول الفشل لأنه، مرة أخرى لم يخرج المؤتمرون (وربما بفعل بعض المتآمرين) بأي قرار فعلي يحدد نسباً ومهلاً لخفض استهلاك النفط والانبعاثات، أو إيجاد دعم حقيقي لبرامج الطاقة في الدول النامية مع تحديد الأموال اللازمة لها. وهنا نعود ونذكّر بالمبلغ الذي يتجاوز الثلاثين مليار دولار سنوياً لدعم الطاقات غير المستدامة في شمال القارة الأميركية وحدها، مقابل المبالغ الهزيلة المرصودة لتنمية الطاقة البديلة عالمياً، التي لا تتجاوز المليار دولار سنوياً في أحسن الأحوال.
هذا على المستوى السياسي العالمي، فماذا تفعل حكوماتنا العربيةباستثناء بعض المشاريع الرائدة هنا وهناك والآتية بفتات الدعم الأوروبي والغربي، لم تتبنّ أي دولة عربية، حتى تلك التي لا تملك نفطاً، أي سياسات أو قوانين تدعم فعلياً عمليات الاستثمار الخاص وغير الاحتكاري في مجال الطاقات المتجددة إنتاجاً أو تطوير تقنيات ما قد يعزّز الأمن السياسي الاقتصادي والاجتماعي.
وفي لبنان الذي بلغ مصروفه على إدارة أزمة الكهرباء منذ 1991 أكثر من 13 مليار دولار، ذهب جزء كبير منها على ملء خزائن الفاسدين والمفسدين باعتراف الحكومات المتعاقبة، ما زال قانون الطاقة الحالي يمنع أي استثمار حرّ في إنتاج الطاقة التي تبقى حكراً على مؤسسة كهرباء لبنان (هناك اتفاقان جديدان مع كهرباء زحلة وشركة أخرى خاصة وُقّعا أخيراً كاستثناء). وإذا قام أحدهم، ولو على المستوى المنزلي بإنتاج الطاقة، فلا يمكنه إدخالها إلى الشبكة كما أنه لا يستفيد من أي بدل مادي.
أما على مستوى قطاع النقل، وهو من الأشدّ تلويثاً وكلفة على الفاتورة الصحية الوطنية، فلم تصل وزارة النقل إلى إقرار أي سياسة لتطوير وسائل النقل العام (هناك بضعة ملايين من الدولارات دُفعت لشركة استشارية كبرى!) بشكل يحترم الحدود الدنيا لراحة الفرد (معظم حافلات النقل الخاصة والعامة هي هياكل وركام). أمّا وزارة البيئة، التي يفترض أن تكون رقيبة على كل ما يجري، فيبدو أن لا حول ولا قوة للموظفين الصغار فيها، فيما «الرؤوس» مشغولة بمحاباة السياسيين.
حتى لا يبقى الكلام في النقد ونُتَّهم بالسلبية، نؤكد على الضرورات الآتية وهي غيض من فيض:
- تحرير سقف إنتاج الطاقة على المستوى الخاص للسماح بالاستثمار اللااحتكاري في إنتاج الطاقة ووضع قانون تغذية الشبكة (Feed-in Law) يغطى من زيادة نسبية بسيطة على التعرفة.
- مساعدة شركة كهرباء لبنان على الاستثمار في الطاقة البديلة والمتجددة عبر تسريع وصول الغاز الطبيعي للمعامل المؤهلة لاستعماله.
- تركيب مجموعات توربينات هوائية في المناطق التي تتوافر فيها الرياح لما في ذلك من فوائد على جميع النواحي.
- تعزيز فرص صغار المستثمرين في قطاع النقل الحضري عبر تأمين تسهيلات جمركية لتحديث أسطول النقل ما قد يخفف من الاعتماد على المركبة الخاصة.
- رفع مستوى تمثيل لبنان على المستوى السياسي الإقليمي لجهة استقلالية الموقف وصلابته في التعاطي مع قضية حساسة مثل تغير المناخ والتعامل معه.
* باحث بيئي ورئيس جمعية الخط الأخضر