قدّم طلاب الثامن أساسي في ثانوية راهبات الوردية في جبيل نصائح إلى الزعماء اللبنانيين. الموضوعات جاءت تطبيقاً لدرس اللغة العربيّة عن النمط الإيعازيّ جبيل ـ جوانّا عازار
تبدو كريستال حداد (14 عاماً) ناقمة على الحكام «الظالمين المقنّعين بقناع الطهارة»، كما وصفتهم في الموضوع الذي طلبته معلّمة اللّغة العربيّة بعنوان «تقديم النصائح والإرشادات إلى اللبنانيين، شعباً وحكاماً، لتوطيد السلام في لبنان». تسأل كريستال الزعماء السياسيين: «متى ستعرفون معنى الرحمة وتتعلّمون حبّ الوطن بصدق؟ أوَلَم تسأموا من الحروب والدماء المهدورة في كلّ زاوية من لبنان؟».
أما النصيحة التي تقدّمها كريستال في مقالها، فهي «أن لا يستعمل الحكام الشعب الجاهل والشبان المتحمّسين للحرب». وتقول: «اعثروا على الشتائم التي أطلقتموها بعضكم على بعض وارموها في سلال النفايات التي تعجز حتى عن استقبالها». وتطالب الحكّام «بالإصغاء إلى صرخات الأولاد الجياع، ونواح أمّهات الشهداء، والأهالي أمام أبواب المدارس، والمزارعين....». وتنعت غالبية الشعب «بالسكارى الذين لم يعرفوا التوقّف عن الشرب، فلم يعوا ماذا يفعلون بأولادهم الذين يقذفونهم إلى معترك السياسة والأحزاب، هؤلاء يتبعون بمعظمهم السياسييّن كالعميان، ويعلّمون أولادهم التبعيّة، وينتخبون من يشتريهم بتنكة بنزين». لهؤلاء تقول كريستال: «لا تعبدوا ربّين»، وتحضّهم على العودة إلى صوابهم، «والتمرّد على آلهتهم المكلّلين بالكذب والرياء». وتصرخ: «تلك السمكة التي حاولت الغوص في مشاريع عظيمة خنقتموها». وطالبت الجميع باسترجاع الجنّة، داعية الصيّادين إلى «استرجاع لؤلؤتنا الغالية التي غرقت في البحر وابتلعتها الأمواج».
بدورها، ترى كريستينا فخري (13 سنة) أنّ «الوطن غدا مبعثراً إلى مناطق نفوذ يتلاعب بها كلّ سياسيّ على هواه، فيتبعه الناس كالقطيع». وتقول كريستينا في مقالها، إنّ العديد من اللّبنانييّن يتأثرون بالزعماء إلى درجة تحجب عنهم إمكان انتقاد أدائهم، وبالتالي يسيرون مغمضي الأعين لا يعرفون مصيرهم. وتطالب بـ«تناسي النزاعات التي ورثناها أباً عن جدّ، والخروج من أنفاق الخصام وأقفاص التبعيّة، وعدم الغرق في وحول الحقد والتخبّط في مستنقعات الضغينة». وتؤكد كريستينا أنّ الطفل بات يعرف أنّ الجهل يتحكّم بكثيرين، حتّى أصبح الحكّام يسيّرونهم بجهاز التحكّم، وهي تتألم لهذا «الواقع المزري». وتقول: «غلّفوا مصالحكم الشخصيّة بأوراق فسادكم وارموها كلّها، لا تتعاملوا مع أفراد الشعب على أنّهم عبيد في أسواق النخاسة». يؤلم كريستينا أن يمسك بالحكم سياسيّون يستشري فيهم الفساد السياسيّ ويتبادلون الاتّهامات باستمرار. تطالبهم بالتحلّي بالمسؤوليّة، وبالكف عن توطيد الخلاف وإحلال السلام. وتصرخ: «اهدموا حصون الكذب والرياء، جهّزوا للحقيقة مهداً واسهروا على لبنان، فلا تعلمون متى يأتي السارق ويسلبكم إيّاه». وتختم المقال: «لكم وطن واحد هو لبنان، وهو لا يقدّر بأيّ ثمن. فلا أحد يهب الجواهر للخنازير». هذه الجوهرة التي لا تقدّر من أحد، تفقد برأيها من قيمتها بسبب السياسييّن وتصفيق الناس لهم. وهي تعد كلامها صرخة تعبّر عن ذاتها وقناعاتها، ولا تطلب من أحد الاقتناع به، وجلّ ما يهمّها هو إيصال فكرتها. من هنا تسعى في المستقبل إلى التخصّص في الصحافة أو العلوم السياسيّة إلى جانب الإخراج أو تصميم الأزياء.
وتوضح معلّمة المادة، إلهام فدعوس، أنّ الطلاب أنجزوا موضوعاتهم خلال حصة واحدة استغرقت 55 دقيقة، وهي لم تتوقّع من الطلاب هذا القدر من الكلام، «فقد أسقطوا على الورق كلّ ما في دواخلهم»، فكانت الكتابات بمعظمها جيّدة. لكن الطالبتين كريستال حدّاد وكريستينا فخري نالتا العلامة الأعلى وهي 17 من 20، وقد كانت مقالتاهما مطابقتين لشخصية كلٍّ منهما. وهنا تمنّت فدعوس أن تصل صرخة طلابها إلى المعنييّن. فعلى رغم صغر سنّهم، يرون الأمور بوضوح. وتختم بكلام لأحد الطلاب في موضوعه: «خلّونا نلبس الألوان يللي بدنا ياها».