نيويورك ـ نزار عبودفي غفلة من التاريخ والمسلمين والعرب، تسللت إسرائيل إلى اللجنة الخاصة بعمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، لتصبح هذا العام عضواً كاملاً، لا بالمشاركة في نشاط المنظمة الأمني حول العالم فقط، بل وفي مراقبة كل ما يجري على أراضي الدول التي تشهد نزاعات، بما فيها تلك التي تسهم إسرائيل في صنعها! إضافة إلى أنها ستستفيد من عمليات تدريب قوات حفظ السلام التي تبلغ موزانتها 8.5 مليارات دولار، فيما تقتصر موازنة الأمم المتحدة على 4.2 مليارات. مع الإشارة إلى أن الكثير من موازنات هذه القوات تمولها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي التي لن تتردد في إعطاء إسرائيل حصة كبيرة على مستوى التجهيز وشغل الوظائف الاستشارية الحساسة.
كما يشار إلى أن إسرائيل تطمح بشكل خاص إلى أداء دور في غرب أفريقيا من خلال تشاد، حيث إن عملية «دارفور يوناميد» من أكبر العمليات في تاريخ الأمم المتحدة، إذ سيرتفع عديد القوة من 6 آلاف رجل إلى 26 ألفاً، بينما يبلغ إجمالي عديد قوات حفظ السلام حالياً 130 ألفاً موزعين على 18 عملية في مختلف أنحاء العالم.
تمكنت إسرائيل من نيل العضوية عبر قرار صدر في دورة الجمعية العموميّة الـ51، أي عام 1996 بعد مجزرة قانا الأولى، مستغلة فقرة تقول إنه يحق لأي دولة أن تشارك في عمليات حفظ السلام إذا أسهمت لمدة 3 سنوات في التمويل أو التجهيز، أو في المراقبة لفترة مماثلة... وكان إسهامها بالمراقبة خلال الفترة المطلوبة.
وفي أول اجتماع حضره نائب المندوب الإسرائيلي الدائم لدى المنظمة دان كامرون، الثلاثاء الماضي، طالب بنزع سلاح حزب الله وبإعادة الأسيرين الإسرائيليين، تطبيقاً للقرار 1701، مهدداً بأن «عدم تحقيق الأهداف المرجوة» سيترك «مضاعفات خطيرة على استقرار المنطقة وأمنها». وقال إن دور إسرائيل في دائرة عمليات حفظ السلام الدولية تطور في الأعوام الماضية ليشمل مشاركة الأفراد وحضور قوات الشرطة دورات حفظ السلام في المنظمة.
وأعرب مندوب سوريا في اللجنة، طالب منار، عن أسف بلاده لرؤية إسرائيل وقد استغلت ثغراً إدارية لتصبح عضواً كاملاً في هذه اللجنة المهمة، لافتاً إلى «تاريخ إسرائيل الأسود» في الاعتداءات المتعمدة على قوات حفظ السلام. وشدّد على أهمية تقيد عمليات حفظ السلام بالولاية المنوطة بها، واحترامها للمبادئ الأساسية الواردة في الميثاق، ومنها احترام سيادة الدول وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي. وأضاف: «الأمر الذي يستتبع الحصول، حكماً، على موافقة حكومات الدول التي ستنتشر فيها قوات حفظ السلام. كما نؤكد ضرورة وضع ولايات واضحة وموثوقة وقابلة للحياة، من خلال رؤية تشريعية مؤسسية غير انتقائية أو ازدواجية في المعايير».
ورأى أن عمليات حفظ السلام ليست بديلاً من الحل الدائم للنزاع، بل مجرد «إجراء مؤقت لمنع تفاقم النزاعات ولحلّها ولإقامة أسس سليمة، ثم الانتقال التدريجي نحو بناء السلام، الأمر الذي يستدعي معالجة حقيقية للأسباب الرئيسية للنزاعات بكل جدية وموضوعية».
وحذّر من تفشي ظاهرة الاعتماد على الشركات الأمنية الخاصة لتعزيز أمن مقار الأمم المتحدة.
ورد كامرون بشن حملة محمومة على مندوب سوريا، متهماً إياه باستخدام المناسبة للتهجم على دولته، ودعا إلى بقاء دائرة حفظ السلام «على مستوى رفيع من المهنية»، مدعياً أن إسرائيل نالت العضوية هذه السنة على أسس تقنية بحتة. ورداً على الرد، اتهم المندوب السوري إسرائيل بـ«تزوير الحقائق والتلاعب على المنظمة الدولية بعدما كانت معادية لقوات حفظ السلام طوال تاريخها».
ووصف بيان كامرون بأنه «تضليل يأتي في إطار الحملة اليائسة التي تقوم بها إسرائيل لتشتيت انتباه الرأي العام وصرف أنظاره عن جرائم الدولة الإرهابية والمحرقة التي ترتكبها بشكل يومي في الأراضي العربية المحتلة»، مشيراً إلى نماذج من اعتداءاتها السابقة ومنها: قتل الوسيط الدولي الكونت فولك برنادوت، قصف مقر دولي في قانا عام 1996 وقتل 106 مدنيين كانوا يحتمون به، قصف مقر آخر في مارون الراس عام 2006، وثالث في الخيام قُتل فيه 4 مراقبين دوليين بينهم رائد كندي.
كما لمّح إلى دور لإسرائيل في الاعتداءين على الوحدتين الإسبانية في الخيام والتنزانية قرب القاسمية. وخلص إلى «أن إسرائيل التي تدعي الحرص على موارد المنظمة هي التي سببت إنشاء خمس عمليات حفظ سلام في منطقتنا».
أما مندوبة لبنان، كارولين زيادة، فأثنت على دور قوات حفظ السلام في لبنان منذ 1949، وعلى السرعة التي تألّفت بها قوات اليونيفيل الثانية باشتراك 28 دولة تعبيراً عن مدى «اهتمام الدول الغربية» بعمليات حفظ السلام. وأشادت بدور اليونيفيل في تعزيز الاستقرار والإسهام في الانتعاش الاقتصادي والعمل مع المدنيين لمعالجة ذيول «رفض إسرائيل تقديم معلومات عن أمكنة الألغام» التي زرعتها في الأراضي اللبنانية.