4.7 ملايين دولار يخصّصها مجلس الوزراء اليوم
يشكو سجن رومية من اكتظاظ بنزلائه الذين فاق عددهم ثلاثة أضعاف
قدرته الاستيعابية. وبعد بدء ترحيل السجناء الأجانب المنتهية محكومياتهم، من المتوقع أن يُقِرّ مجلس الوزراء الخطوة الثانية على طريق تخفيف الاكتظاظ، عبر منح اعتمادات لإنشاء مبنى جديد في السجن المذكور. أما تطبيق قانون تنفيذ العقوبات، فعلى عاتق وزارة العدل التي لم تحرّك ساكناً بعدالمشروع المطروح على مجلس الوزراء اليوم بدأ البحث فيه يوم 5/11/2007، عندما عُقِد في السرايا الحكومية اجتماع برئاسة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، وحضره رئيس سرية السجون في قوى الأمن الداخلي وضباط آخرون، إضافة إلى ممثلين عن الوزارات والإدارات المعنية بأوضاع السجون في لبنان.
في الاجتماع المذكور، دُرِست أوضاع السجون في لبنان، وتم التركيز على مشاكلها، وأبرزها الاكتظاظ. فعدد السجناء كان في ذلك الوقت قد بلغ 5776 موقوفاً ومحكوماً، بينهم 3694 في سجن رومية الذي بُني في ستينيات القرن الماضي لتستوعب أبنيته الحالية نحو 1050 سجيناً. أما عدد الموقوفين الأجانب الذين انتهت أحكامهم، بحسب إحصاءات الأمن العام والأمن الداخلي، فبلغ 1245، منهم 485 مسجونين في أماكن توقيف تابعة للأمن العام، وأكبرها سجن يقع تحت جسر إميل لحّود، و760 موقوفاً أجنبياً في رومية وسجون المناطق.
كما طُرِحت في الاجتماع مسألة محاكمة موقوفي فتح الإسلام المحالة قضيتهم على المجلس العدلي، الذين بلغ عددهم أكثر من 220 موقوفاً. فقد تبيّن أنه ليس في لبنان قاعة محكمة تتسع لمحاكمتهم، إضافة إلى صعوبة نقلهم من قصر عدل بيروت وإلىه عند بدء المحاكمة. وقد اقترح أحد الحاضرين إنشاء هنغار ضمن حرم السجن أو في محيطه ليكون قاعة لمحاكمة هؤلاء.
دراستان واختلاف في الأرقام
وقد عُرِضت في الاجتماع دراسة لتأهيل سجن رومية، كان مجلس الإنماء والإعمار قد أعدها، من دون لحظ بناء قاعة المحكمة. وبلغت الكلفة 4 ملايين و602 ألف دولار أميركي.
ونتيجة لهذا الاجتماع، عُرِضت اقتراحات على مجلس الوزراء أقرها خلال جلسته التي عقدها يوم 10/11/2007، أهمها:
1ـــــ ترحيل الأجانب المنتهية أحكامهم على نفقة الدولة اللبنانية.
2ـــــ تكليف مجلس الإنماء والإعمار أعمال دراسة وتنفيذ أشغال توسعة سجن رومية ودراسة وتخطيط أشغال إنشاء قاعة محاكمة ضمن حرم السجن.
3ـــــ الطلب إلى وزارة العدل العمل على تنفيذ المرسوم التطبيقي المتعلق بتنفيذ العقوبات والمباشرة بذلك على الأقل في محافظتي بيروت وجبل لبنان.
وبناءً على تكليف مجلس الوزراء، أعدّ مجلس الإنماء والإعمار دراسة قدّم ملخصها إلى وزير الداخلية الذي أحالها على مجلس الوزراء لمناقشتها وإقرارها اليوم. والدراسة الأخيرة تظهر الحاجة إلى بناء جديد في السجن مساحته 4400 متر مربع، إضافة إلى قاعة للمحاكمة مساعتها 800 متر مربع. وقد قدّر المجلس الكلفة الإجمالية بنحو 4 ملايين و730 ألف دولار أميركي، وفق الآتي:
3 ملايين و300 ألف دولار للأشغال المدنية، و500 ألف دولار أميركي لتوريد تجهيزات وتركيبها، تُضاف إليها «مهام الدراسة والإشراف بنسبة حوالى 7%» البالغة 250 ألف دولار أميركي. كما طلب مجلس الإنماء والإعمار مبلغاً احتياطياً بنسبة 6 % بلغت 250 ألف دولار، ثم أضاف الضريبة على القيمة المضافة.
إذاً، ورغم اختلاف المشاريع المقترحة في الدراستين واختلاف المبالغ المالية، من المنتظر أن تُقَرَّ اليوم الخطوة الأولى لبدء تنفيذ أعمال البناء التي من المتوقع أن تخفف أزمة الاكتظاظ. أما القرارات الأخرى التي اتخذها مجلس الوزراء، لناحية ترحيل الأجانب والشروع بتطبيق قانون تنفيذ العقوبات، فماذا حل بها؟
ترحيل الأجانب
طُرِحَت قضية ترحيل الأجانب من المجتمعين في السرايا ومجلس الوزراء والمؤسسات الأمنية (أمن عام وأمن داخلي) والجمعيات الأهلية لعدة أسباب، أولها السبب الإنساني. فهؤلاء المطروحة قضيتهم أنهوا محكومياتهم، إلا أنهم بقوا في السجن، إما لأنهم لا يملكون كلفة الانتقال إلى بلادهم، أو لأن أوراقهم الثبوتية غير مكتملة. ويُضاف إلى ما ذُكِر النفقات المترتبة على الدولة أثناء وجودهم في السجن واكتظاظ السجون التي لا تتسع للموقوفين والمحكومين غير المنتهية محكومياتهم بعد. وقد بدأت المديرية العامة للأمن العام ترحيل من أنهوا محكومياتهم تباعاً، إما على نفقة بلادهم، كما حصل مع المصريين الذين فاق عددهم مئة وخمسين، وإما على نفقة الدولة اللبنانية. وأكّد مرجع في الأمن العام أن المديرية مستمرة بعملية الترحيل، وأن عدداً ممن أنهوا محكومياتهم لم يُرَحَّلوا بعد لأسباب قانونية يتعلّق معظمها بالأوراق الثبوتية العائدة لهم، وأنهم سيرحّلون فور تأمينها.
قانون تنفيذ العقوبات
صدر قانون تنفيذ العقوبات عام 2002 لمعالجة مشكلة الاكتظاظ في السجون، وللعمل على إصلاح سلوك السجناء المحكومين، عبر خفض عقوبات حسني السلوك منهم. ويفترض أن يؤدي ذلك إلى إخلاء سبيل عدد كبير منهم، ما يؤدي إلى التخفيف من مشكلة اكتظاظ السجون. ويستلزم تنفيذ القانون تأليف لجنة في كل محافظة برئاسة قاضٍ متفرغ، يعاونه ضابطان وطبيبان ومساعد اجتماعي. ويتطلب تنفيذ القانون تفريغ عدد من القضاة وتأمين الأطباء والمساعدين الاجتماعيين، لكن عدد المساعدين الاجتماعيين العاملين حالياً في ملاك وزارة الشؤون الاجتماعية يبلغ 8 فقط من أصل 111، إضافة إلى 4 مساعدات اجتماعية بالوزارة من مراكز الخدمات الإنمائية. وفي اجتماع السرايا المذكور، عُرضت عوائق تطبيق قانون تنفيذ العقوبات، وتحديداً لجهة «النقص في إعداد القضاة العدليين بسبب عدم إجراء تشكيلات قضائية». ولكن بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحّود الذي كان السنيورة يراه العقبة الاساسية أمام إجراء التشكيلات القضائية، لا يزال قانون تنفيذ العقوبات في الأدراج، ما يشير إلى إهمال الدولة وتقاعسها عن القيام بواجباتها.
السجون من «الداخلية» إلى «العدل»
وكانت اللجنة التي اجتمعت في السرايا قد درست مشروع نقل إدارة السجون من وزارة الداخلية إلى وزارة العدل، ورأت أن هذا الأمر بحاجة للآتي: ـــــ صدور المرسوم اللازم لتنظيم مديرية السجون (أعِدَّ عام 1977). ـــــ التنسيق بين وزارتي الداخلية والعدل بشأن المرحلة الانتقالية. ـــــ حسم موضوع حماية السجون بين الوزارتين، حتى لا يكون هناك تنازع صلاحيات بينهما. لكن حتى اليوم، لم تُنَفَّذ أي من الحاجات المذكورة.
(الأخبار)