صور ـ آمال خليللم تستفق طيردبّا الجنوبيّة بعد من صدمة استشهاد ابنها الأوّل عماد مغنيّة، ليأتيها نبأ ابنها الثاني الذي استشهد أثناء قيامه بواجبه الجهادي. شهر واحد بين مغنيّة والشهيد أحمد هاشم هاشم الذي نعته المقاومة الإسلامية، أوّل من أمس، ولا يزال اللون الأسود مرافقاً لطيردبّا. الشوارع والأزقّة الضيقة التي لا تزال «تقرأ القرآن» وتضيء الشموع أمام صور الشهيد مغنية الحاضر كيفما اتجهتَ في البلدة، يأتيها استشهاد هاشم برهاناً جلياً من طيردبا على أنها فعلاً أنجبت المقاومين. ورغم أنّ هاشم ينتمي إلى بلدة الناقورة، إلّا أن أسرته آثرت أن يُدفن في ثرى بلدة طيردبّا التي احتضنتهم، والتي نشأ الشهيد بين أرجائها منذ تهجيرهم القسري من البلدة الأولى إثر الاجتياح الإسرائيلي الأول في عام 1978، أي قبل ثلاثين عاماً تماماً... وها هي اليوم تشيّعه شهيداً، بعدما زفّته قبل أسبوعٍ واحد عريساً.
انطلق موكب التشييع من أمام مستشفى جبل عامل في صور باتّجاه طيردبّا. هناك، في طيردبّا، جاب نعش الشهيد شوارعها محمولاً على أكتاف رفاقه الذين ارتدوا الزيّ العسكري، ويتقدمه مسؤول منطقة الجنوب في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق، إضافة إلى شخصيات وفاعليات سياسية واجتماعية وأهالي المنطقة.
وتعهّد قاووق أن «يبقى لبنان بلد الشرفاء والأوفياء وساحة الانتصار، ولن نسمح بأن يكون معبراً ومحطّة للمشاريع الأميركية والأهداف الإسرائيلية». وردّ على من «يعيشون عقدة نقص أمام الوصاية الأميركية» بالقول: «كفى إدانة ومذلّة لكم أن تراهنوا على المشاريع الأمريكية والحروب الإسرائيلية»، مشيراً إلى «أنّ البيت الأبيض ليس قادراً على أن ينظّف سجل أحد أو أن يغطّي أحداً، لأنّه هو رمز الإرهاب العالمي». وأكّد قاووق «أنّنا نعرف تماماً من هم أصدقاؤنا ومن هم أعداؤنا، ونحن نودع الشهداء، فلم يفاجئنا أنّ الميليشيات في لبنان التي رحّبت وسهّلت الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، هي نفسها اليوم التي ترحّب وتشكر الأساطيل الأميركية ووصايتها». إلّا أنّه «طمأن»، في الوقت عينه، «أولئك الذين يراهنون على الحروب الإسرائيلية أنّ الإدارة الأميركية هي اليوم في خيبة كبرى، لأنها تعرف أنّ عنوان فشلها وعجزها وإسرائيل في لبنان هو أنّ المقاومة تعزّزت وقويت قدراتها سياسيّاً وشعبياً وعسكرياً».
وكذلك شدّد على «أنّ المقاومة وجماهيرها لن تسمح بأن يكون في لبنان موطئ قدم لجنديّ أميركي أو إسرائيلي، فلا مكان للأميركيين على أرض لبنان، مكانهم في البحر، وسيبقون في البحر، أمّا هنا فلا موطئ قدم لهم، لأنّ لبنان هو ساحة انتصار وسيبقى البلد الذي كلما نظر إليه بوش وكلّ أتباعه في لبنان والمنطقة أصيبوا بالخيبة وبالمرارة». وختم قائلاً: «كما تعهّدنا في الماضي أن نحرّر الأرض، نتعهّد اليوم أن نرفع الوصاية الأميركية عن لبنان وأن نحميه من إسرائيل».