برّي يحضّر لمبادرة حواريّة للبحث في حكومة الوحدة الوطنيّة وقانون الانتخاباتتستهلّ الحكومة الأسبوع السياسي بعد عطلة الأعياد، بجلسة تعقدها اليوم في السرايا الكبيرة لبت موضوع مشاركة لبنان أو عدمها في القمة العربية المقررة في دمشق يومي السبت والأحد المقبلين، استناداً إلى حصيلة المشاورات التي أجرتها الحكومة مع عدد من الدول العربية، وأبرزها مصر والسعودية. وكان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة قد عاد إلى بيروت، مساء أمس، بعدما أمضى إجازة عائلية في سلطنة عمان.
وقد أجرى السنيورة في اليومين الماضيين اتصالات بكل من وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل والمصري أحمد أبو الغيط، والإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد والعماني يوسف بن علوي.
من جهة أخرى، وكما كان متوقعاً، أعلنت الأمانة العامة للمجلس النيابي في بيان مساء أمس تأجيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقرّرة اليوم إلى ظهر الثلاثاء في 22نيسان المقبل. ونقل البيان عن رئيس المجلس نبيه بري قوله إنه «من البديهي تقريب موعد الجلسة في حال حصول أي تطور إيجابي».

طاولة حوار للـ14 مجدّداً

وسبق تأجيل الجلسة، إعلان بري أنه سيدعو أركان الحوار الأربعة عشر بعد ظهور نتائج القمة العربية إلى طاولة الحوار في الشهر المقبل تحت عنوان التشاور لاستكمال ما توقفت عنده من بحث في حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخابات «مع مصارحة اللبنانيين بالشّاردة والواردة حتى لا يأكل الفاجر مال التاجر»، لافتاً إلى أن «الأكثرية والمعارضة موافقتان على حكومة الـ10-10-10 وإن أنكرتا ذلك».
وأوضح بري في حديث إلى تلفزيون الجديد، أول من أمس، أنه سيمهّد لهذا الحوار بمشاورات مع بلدان عربية، وخصوصاً السعودية، مصر وسوريا، واتصالات مع عواصم غير عربية. ونفى علمه بأن يكون لدى رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون أي مبادرة، واصفاً الكلام الذي نشر في الصحف عن ذلك بـأنه «غير دقيق»، ومشيراً إلى أن «المعارضة قدمت أكبر تنازل عندما قبلت بعدم ترشيح عون لمصلحة المرشح التوافقي».
واتهم بري النائب عمار حوري بتحوير الكلام الذي قاله خلال استقباله وفد 14 آذار. ورداً على سؤال عن ترميم الحكومة، رأى برّي أن «العطار لا يصلح ما أفسده الدهر»، مضيفاً أن «هذه الحكومة التي تفتّت البلد وأوصلته إلى ما أوصلته هي أكثر من سرطان».
ووصف علاقته برئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري بـ«العادية»، وتوجه إليه قائلاً: «أمام حقبة أساسية، عليه أن يقرر بين أن يكون استمراراً لوالده الشهيد الرئيس رفيق الحريري، أو أن يكون زعيماً لطائفة»، مشيراً إلى أن الحريري يذهب إلى مكان يحاول الناس الرجوع منه.
وعن علاقته برئيس «اللقاء الديموقراطي»، قال: «العلاقة معه قصة تاريخية. وتعبير الصديق اللدود معروف، والاتصالات لم تنقطع يوماً مع الأخ وليد جنبلاط، وهذا لا يعني أننا متفقان» وذكّره بقول والده الشهيد كمال جنبلاط «البطولة تأنف أحياناً ممارستها»، كما وصف رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع بـ«القنبلة الصوتية».
وأكد بري أنه ضد ذهاب أي شخص غير رسمي إلى القمة حتى لو كان الرسمي غير شرعي، معتبراً أنه من غير الممكن أن يمثل وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ لبنان في القمة «فهو وزير مستقيل يصرّف الأعمال فقط»، داعياً جميع الوزراء المستقيلين إلى الاستمرار بتصريف الأعمال.
وإذ كشف أن هناك أشخاصاً قيد التوقيف في قضية اغتيال اللواء الركن فرنسوا الحاج، رفض توزيع الاتهامات، داعياً إلى انتظار نتائج التحقيقات.
وأكد بري في حديثه التلفزيوني المباشر الأخير له، لكونه ناشد مناصريه «عدم إطلاق النار ولم يرتدعوا»، قيام السلطة بعمليات فرز سكاني عبر نقل نفوس 36 عائلة من شبعا وحاصبيا والهبارية وكفرشوبا وكفرحمام إلى الباشورة والبسطة التحتا، مشدداً على أن لبنان ليس العراق. وأكد «أن لا خونة في لبنان والجميع وطنيون ولكن متطرفون»، قائلاً «لعن الله الجشع».

«المعارضةعبد مأمور»

واستقبلت الموالاة مبادرة بري بفتور، وقال عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب فؤاد السعد في حديث إلى «صوت لبنان»: «الحوار جرّب على دفعتين وعلى مدى أشهر طويلة ونعرف مقررات الحوار أين أصبحت (...) ولكن تبقى إمكانية البحث أفضل من أن يدير أحدنا ظهره للآخر».
ورأى النائب عمار حوري أن كلام بري عن جولة سيقوم بها في الخارج «تقدم دليلاً على أن المعارضة لا تملك من أمرها شيئاً وهي عبد مأمور»، مشيراً إلى فشل مقررات مؤتمر الحوار الوطني وفشل مبادرة بعلبكورد على اتهام بري له بتحوير حديثه مع وفد «14 آذار»، بإعادة نشر نص المقابلة التي أجرتها معه إذاعة «صوت لبنان» عقب اللقاء.
بدوره، رأى النائب مصطفى علوش في حديث إلى الإذاعة نفسها أنه باستثناء الدعوة إلى طاولة حوار، فإن كلام بري «كان عاماً ولم يأتِ بجديد حقيقي ولا بخرق حقيقي»، معتبراً «أن أفضل طريقة للحوار هي بفتح مجلس النواب».
ووسط الحديث عن ترميم الحكومة وتعيين وزير بديل من الوزير الراحل بيار الجميّل، أوضح حزب الكتائب «أن أولوياته تقول بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتجنيد كل صداقات لبنان لإنجاز هذا الاستحقاق قبل أي موضوع آخر تنفيذاً للبند الأول من المبادرة العربية». وقال: «أما إذا تعذر ذلك وحالت الشروط التعجيزية للمعارضة دون بلوغ هذا الهدف على مستوى الداخل، ولم تتمكن القمة العربية من رسم خريطة طريق لإخراج لبنان من المأزق الراهن، فإن الحزب يدعو إلى مناقشة كل الخيارات البديلة تمهيداً لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب».
وفي لوس أنجلوس، جدّد جعجع خلال لقائه عدداً من كوادر «القوّات» الدعوة إلى مقاطعة القمة العربية، متحدثاً عن وجود عدد من الإشكالات التي تمنع هذه المشاركة، ومنها أن لبنان من دون رئيس جمهورية، وطريقة توجيه الدعوة، مشدداً على أن «لا مشكلة مع النظام السوري لكن يبدو أنه هو من لديه مشكلة معنا».
ورأى أن «حزب الله هو الجهة الوحيدة القادرة على إدخال البلاد في حرب أهلية»، معتبراً في الوقت عينه أن الحزب لا يجاري النظام السوري «في إرادته إدخال البلاد في حرب أهلية».
من جهته، طالب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان «اللبنانيين بألّا تفوتهم فرصة اجتماع القمة العربية، فيشاركوا فيها من خلال وفد لبناني يصطحبه الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى لزيارة سوريا، فيحمل الوفد في جعبته كل الهواجس والتساؤلات لوضع حد لها، وأولها قضية الإمام موسى الصدر ورفيقيه لتكون على جدول أعمال القمة العربية».
في غضون ذلك، ركّز النائب جنبلاط في موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء» على الشؤون الاقتصادية والمعيشية، داعياً الحكومة إلى «اتخاذ جملة من الإجراءات التي تسهم في تعزيز الصمود السياسي والاقتصادي والمعيشي لمنع انزلاق البلاد نحو الانهيار»، لافتاً إلى أن أول هذه القرارات رفع الأجور.
كما طالب باتخاذ خطوات جذرية في قطاع الكهرباء كالخصخصة «لوقف النزف المالي الهائل الذي تتكبده الخزينة سنوياً جرّاء خسائر كبرى تفرضها مواقع نفوذ تحاول الإيحاء وكأنه حتى في هذا القطاع هناك كهرباء مقاومة وكهرباء غير مقاومة». ودعا إلى فتح باب التطويع للجيش «من دون الأخذ في الاعتبار المعايير الطائفية والمذهبية».

صفير ينوّه بدور فرنسا

على خط آخر، نوّه البطريرك الماروني نصر الله صفير بعلاقة فرنسا بلبنان. وقال خلال استقباله في بكركي، أمس، القائم بالأعمال أندريه باران، إثر القداس التقليدي السنوي الذي يقام في اثنين الفصح من كل عام على نية فرنسا، إن الأخيرة عملت «ما بوسعها لتجد حلاً لمشاكلنا يهدف إلى المحافظة على كرامة لبنان، وإيجاد حل للوضع الذي يتخبط فيه».
من جهته، أكد باران «أن فرنسا كانت وستبقى إلى جانب لبنان للخروج من أزمته»، وشدد على «ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية لتعود المؤسسات إلى لعب دورها كما يجب»، لافتاً إلى «العلاقات اللبنانية ـ الفرنسية والمارونية ـ الفرنسية».
وخلال استقباله وفداً كتائبياً، زارّ الصرح البطريركي مهنئاً بعيد الفصح، رأى صفير أن الوضع صعب جداً «بحيث إن الناس يعجزون عن حله، لأن كلاً منهم ذاهب عكس سير الآخر».
وفي المواقف السياسية، دعا رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية، الدكتور علي الشيخ عمار، خلال احتفال في البقاع الغربي بذكرى المولد النبوي الشريف إلى انتخاب «رئيس توافقي في 25 آذار، تعتبر بعده الحكومة الحالية بحكم المستقيلة، ثم يقوم الرئيس الجديد بدعوة جميع الأطراف إلى قصر بعبدا لحوار جامع وشامل حول مختلف الأمور وخصوصاً في موضوع حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخاب».