المعارضة تنتقد القرار وتعزوه إلى السياسة الكيديّة والإملاءات الأميركيّةبينما انتقل الملف اللبناني إلى القمّة العربية التي تبدأ أعمالها غداً في دمشق، تواصَل السجال الحاد بين الموالاة والمعارضة بشأن قرار الحكومة مقاطعة القمّة، في موازاة حملة فريق السلطة المستمرة على رئيس المجلس النيابي نبيه برييوجّه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في الثامنة من مساء اليوم كلمة إلى اللبنانيين والعالم العربي، يعرض فيها وجهة نظر الحكومة من القمة العربية. ولهذه الغاية أيضاً اتصل السنيورة أمس بكل من الرئيس العراقي جلال الطالباني، الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، رئيس الوزراء اليمني علي محمد مجوّر، وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد ووزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي الطيب الفاسي الفهري.
وفي هذا السياق، سئل رئيس المجلس النيابي نبيه بري الموجود في أثينا للمشاركة في أعمال المؤتمر الرابع للهيئة العامة للجمعية البرلمانية الأورو ـ متوسطية الذي بدأ أعماله أمس، عمّا يطلب للبنان من الزعماء والقادة العرب عشية مؤتمرهم، فأجاب «هل ينفع بعد الطلب؟ لا أدري».

دفاع أكثري عن عدم المشاركة

وفيما واصل نواب الأكثرية الدفاع عن موقف الحكومة بمقاطعة القمة، ردت المعارضة سبب القرار إلى الإملاءات الأميركية.
وفي هذا الإطار، عدل الرئيس أمين الجميل عن موقفه السابق الداعي إلى حضور القمّة، التي هي «ليست ملكاً لسوريا» على حد تعبيره، ليصف في موقف مستجدّ قرار الحكومة بمقاطعة القمّة بأنه «رسالة إلى سوريا لضرورة تغيير نهجها تجاه لبنان».
وقال وزير الإعلام غازي العريضي: «إن المملكة العربية السعودية لم تطلب شيئاً من لبنان بشأن القمّة، وقررنا ما يناسبنا». وأعلن أن فكرة دعوة وزراء الخارجية العرب للاجتماع ستجدّد وستكون موضع متابعة «انطلاقاً من الحرص على معالجة المشاكل بشأن العلاقات اللبنانية ـ السورية». وأشار إلى «أننا نفضّل عدم الذهاب إلى حوار جديد مع الرئيس بري، لأن ذلك سوف يعني التسليم بالفراغ القائم».
وبرّر النائب عمار حوري غياب لبنان عن القمة بأن «ما من أحد يمكن أن يملأ كرسي رئيس لبنان»، معتبراً أن «بقاء هذا المركز شاغراً خير تعبير على مدى الجريمة المرتكبة بحق لبنان، وتحديداً من جانب النظام السوري».

ردود وأسئلة من المعارضة

في مقابل هذه المواقف، استفسرت المعارضة عن «المصلحة الوطنية التي أملت اتخاذ قرار عدم المشاركة في القمّة، الذي رأى أصحابه أنّه مؤسف»، وفي هذا المجال سأل رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد «هل هذا القرار يترجم التزام الفريق «السيادي» اليد الممدودة إلى سوريا والاستعداد لطيّ صفحة الماضي، وهو ما أعلن في وثيقة البيال قبل أيام؟ وهل يعزز هذا القرار الضغوط على سوريا للتجاوب سريعاً مع مقررات مؤتمر الحوار الوطني (...) أم هل القرار يستجيب لتطلعات كل اللبنانيين في الخروج من الأزمة الراهنة في العلاقات اللبنانية ـ السورية، ويترجم السيادة والاستقلال اللبنانيين؟ وهل يعكس هذا القرار سياسة الفريق الحاكم في رفضه أن يكون لبنان محوراً أو ساحة لصراع الآخرين على أرضه؟».
ورأى «أن النفي القاطع هو الجواب الصحيح عن كل هذه الأسئلة، وبالتالي، فإن الحكومة الفاقدة للشرعية اتخذت هذا القرار خلافاً لأيّ مصلحة وطنية للبنان وللبنانيين، وانساقت مع نكدها وكيديتها السياسية وراء التعليمات الأميركية المعلنة والصريحة»، متّهماً «فريق السلطة بإنتاج الأزمات وتعقيدها والتسبب بالكوارث في هذا البلد».
ووصف رئيس «التنظيم الشعبي الناصري» النائب أسامة سعد القرار بأنه «غير حكيم، ويؤكد تبعية الحكومة للإدارة الأميركية».
ورأى لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات المعارضة أن القرار «سابقة خطيرة (...) تمثّل دليلاً واضحاً على أن الفريق الحاكم لا يتمتع بأي استقلالية، وهو قد رهن قرار لبنان لسيده الأميركي ـ السعودي».
وبعيداً عن هذه المواقف المتضاربة بين معسكري الموالاة والمعارضة، دعا الرئيس نجيب ميقاتي، خلال حفل أقيم في مقر الرابطة الثقافية في طرابلس، «القادة العرب إلى التوحد والتفاهم لمساعدة لبنان على إيجاد الحل المناسب للأزمة التي يمر بها، وتوضيح آلية العمل بالمبادرة العربية، بالتفاهم مع الفرقاء اللبنانيين والإقليميين والدوليين لإنقاذ لبنان والحفاظ على هذا النموذج الفريد داخل المحيط العربي وفي العالم».
من ناحيته، حذّر النائب السابق تمام سلام إثر زيارته مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني من «أن فشل القمة أو فشل إيجاد مخرج أو حل للقضية اللبنانية، والقضايا الأخرى العالقة في المنطقة سيؤدي إلى مزيد من التدهور».

من أقفل المجلس النيابي؟

في جانب آخر، تواصل السجال بين الموالاة والمعارضة على خلفية حملة الفريق الأول على دعوة الرئيس بري إلى الحوار، واتهامه بإقفال المجلس النيابي، فردت «كتلة التنمية والتحرير» على بيان نواب الأكثرية، أول من أمس، مجدّدة تأكيدها أن مجلس النواب ليس مقفلاً «إلّا أمام الحكومة التي تمارس العصيان الدستوري، بعدما سقطت عنها صفتها الميثاقية، والدستورية والشرعية»، مشيرةً «إلى أن الأكثرية وحكومتها هما سبب تعطيل دور الدولة والفراغ الرئاسي وتجميد المبادرات»، وطالبت رؤساء الكتل البرلمانية والقادة السياسيين للأكثرية بـ«تحمل مسؤولياتهم ولجم الكلام الموتور وإعادة تصويب لغة الخطاب السياسي»، بما يدعم «الحوار والتأسيس على المبادرة العربية».
بدورها، أشارت كتلة «الوفاء للمقاومة» الى أن «من يعطل إمكان عقد الجلسات التشريعية العامة هو إصرار فريق الموالاة على تجاوز الدستور، وتوريط مجلس النواب بارتكاب أو إقرار المخالفات الدستورية، وفرض التعاطي مع حكومة غير دستورية وغير شرعية وغير ميثاقية».
من جهته، أيّد النائب ميشال المر بعد استقباله القائمة بالأعمال الأميركية ميشال سيسون، التي عزّته بوفاة شقيقته، دعوة الرئيس بري إلى طاولة الحوار، مؤكّداً أنها مفيدة جداً. وتمنّى أن يصبح النائب سعد الحريري رئيساً للحكومة.
وأوضح أنه لا حاجة إلى المصالحة مع العماد ميشال عون «لأننا لسنا على خلاف، فالفرقة شيء والزعل شيء آخر». وأشار إلى «أن لبنان لم يضيّع فرصة ذهبية بعدم ذهابه إلى القمة، لأن الفرصة الذهبية هي بعدم الذهاب إلى القمة»، موضحاً «أن غياب لبنان عن القمة أفضل من أن يمثّله موظف عادي أمام الملوك والرؤساء العرب».
في غضون ذلك، كان موضوع القمّة والوضع اللبناني محور اتصال هاتفي بين المرجع العلّامة السيد محمد حسين فضل الله والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، ودعا فضل الله خلال الاتصال إلى «أن يقدم كل فريق التنازلات إلى الفريق الآخر لحل الأزمة، من دون تحميل فريق بعينه المسؤولية عن التعطيل أو الحل».
على صعيد آخر، تابعت البطريركية المارونية و«تكتل التغيير والإصلاح»
نتائج اجتماع الرابية أول من أمس، وأطلع راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس مطر البطريرك نصر الله صفير على نتائج الاجتماع، التي وصفها مطر بالإيجابية. والتقى مطر النائب إبراهيم كنعان ووضعه في أجواء اجتماعه مع صفير.
وأعلن كنعان أن المشاورات الأخيرة، التي أجريت في الرابية حددت الأطر اللازمة للنقاش، مشيراً إلى أن المحادثات ستُستكمل في القريب العاجل.
إلى ذلك، ذكرت وكالة «فرانس برس» أن 15 نائباً من قوى الرابع عشر من آذار وجّهوا قبل أيام عريضة إلى الحكومة عن ملف المعتقلين في سوريا، تطالب بـ«التفاهم مع الحكومة السورية أو من دونها، على العمل لإيجاد حل نهائي لهذا الملف وفي أسرع وقت، عبر الطلب من الأمين العام لجامعة الدول العربية السعي إلى جلاء مصير المفقودين والمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية خلال مهلة ثلاثة أشهر». وأشارت العريضة إلى أنه «في حال الرد السلبي للسلطات السورية، يجب المبادرة إلى عرض هذه القضية على الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، لتأليف لجنة تحقيق دولية واتخاذ كل ما يلزم من تدابير ملزمة».
في مجال آخر، أفيد من الجنوب، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي أوقفت أشغال الحفريات التي بدأت بها أول من أمس بمحاذاة الحدود في منطقة الوزاني. وسحبت المعدات الثقيلة المستخدمة في اتجاه قرية الغجر.