دمشق ـ أرنست خوريعكس المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية السوري وليد المعلّم والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، في نهاية اليوم الطويل لاجتماعات وزراء الخارجيّة العرب، أجواء ما بدا أنها «رغبة سوريّة جدّية في تهدئة أجواء القمّة» وعدم تحويلها إلى ساحة للمناكفات الإضافيّة.
واتفق كل من موسى والمعلّم على وصف هذه الاجتماعات بأنها كانت «ناجحة وجرت في أجواء إيجابيّة من العصف الفكري الصريح».
وأكّد المسؤولان على حضور الملفّات الخلافيّة، من الأزمة اللبنانيّة والخلافات العربيّة ـ العربيّة، في الاجتماعات وإن بشكل هادئ. وحسم المعلّم رفض إرسال الرئيس فؤاد السنيورة كلمة إلى القمّة، على قاعدة أنّ «من لا يحضر القمّة لا يلقي كلمة». كما ردّ على احتمال مطالبة قوى 14 آذار الوزراء العرب بعقد اجتماع عربي في بيروت لحلّ الأزمة اللبنانيّة، بالتأكيد على رفض «النزول إلى مستوى هذا الخطاب، فعندما تطلب الحكومة اللبنانية هذا الشيء رسميّاً حينها نردّ».
غير أنّ المعلّم أصرّ على اعتبار أنّه يبقى هناك ما وصفه بـ«شعرة موسى» في هذه الأزمة. وأضاف إنّ «الحلّ في الدرجة الأولى يقع على عاتق اللبنانيين أنفسهم وعلى عاتق الدول العربية ثانياً، والتي لها علاقات خاصة مع لبنان تستطيع من خلالها أن تشجّع الأطراف اللبنانية من أجل الحوار وفق المبادرة العربية وعلى مبدأ لا غالب ولا مغلوب».
وفي ردّه على سؤال «الأخبار»، عن نيّة رئيس المجلس النيابي نبيه بري طرح «أفكار جديدة» نهاية الشهر الجاري للسير بحلّ للأزمة الرئاسيّة، أشار موسى إلى أنه «ليس هناك أيّة مبادرة إلا المبادرة العربيّة، وكل ما قيل عن وجود مبادرة أخرى هو تقارير صحافيّة غير صحيحة، فقط المبادرة العربية تحظى بتأييد كبير لبنانياً وإقليمياً ودولياً».
وتابع موسى إنّ زيارته إلى لبنان «ستكون قريبة»، لكنّه نفى أن يكون قد حدّد موعداً لها. وأشار إلى أنّ هذه الزيارة ستنطلق من إطارين: الأوّل هو مقرّرات وزراء الخارجيّة بتجديد تفويضه متابعتها، والثاني من منطلق التفاهم الكامل مع الأطراف اللبنانية حول بنود المبادرة، علماً بأنه رفض الإجابة عن سؤال حول استمرار وجود خلافات بين الوزراء العرب بشأن تفسير هذه البنود، أكان من ناحية الحصص الوزاريّة أو تلازم انتخاب رئيس توافقي مع الاتفاق على تأليف حكومة «وحدة وطنيّة».
وتحاشى المعلّم التعريج في كلامه بشكل مباشر على التأزّم الحاصل بين دمشق والرياض، مكتفياً بالإشارة إلى أنّ «من يتوقّع أن تزداد الأمور سوءاً (في العلاقات العربيّة) هو من يريد هذا السوء». كذلك، فإنّ موسى استبعد أن تزول الخلافات بين عواصم القرار العربي قريباً. وشدّد على أنّ الأهم يبقى «في أن لا تتحوّل هذه الخلافات إلى عداوة وحدّة».
بدوره، شدّد المعلّم على أنّ شعار «قمّة العمل العربي المشترك لن يقتصر على أيام القمة». وقال إنّ الرئيس بشّار الأسد «سيواصل جهوده من أجل وحدة الصفّ العربي طيلة العام، ومن الواضح أنّ الجلسات المغلقة التي سيعقدها القادة العرب ستشهد بحثاً للخلافات العربية ـ العربية».
وعن طبيعة الاجتماع الثاني لوزراء الخارجية الذي ناقش بنداً واحداً، وهو الخلافات العربيّة، برز خلاف بين المعلم وموسى في توصيفه؛ فالأوّل وصفه بأنه كان «تشاوريّاً»، بينما أصرّ موسى على أنّه «لم يكن اجتماعاً تشاوريّاً بل رسمياً».
وكشف الوزير السوري أنّ الاجتماع الأوّل «أنجز جدول الأعمال ومشاريع القرارات التي ستُعرَض على القادة العرب» يومي غد وبعد غد. وأوضح أنّ الاجتماع المسائي كان عبارة عن «تبادل آراء بنّاء وإيجابي تمّ على إثره تكليف الأمين العام بإعداد ورقة ستُرفَع إلى القادة لإقرارها».
كما أفصح موسى عن أنّ الوزراء أقرّوا مشروعين حول الأزمة اللبنانيّة، تمّت الموافقة عليهما بالإجماع؛ الأوّل ورقة تنصّ على «التضامن مع لبنان واستقلاله». والثاني فهو قديم ـ جديد، لأنه عبارة عن «دعم المبادرة العربية، وإعادة تكليفي في الاستمرار بها».
وعن «الضغوط» التي تمارسها واشنطن على حلفائها العرب لعرقلة قمّة دمشق، رأى المعلّم أنّ هذه الضغوط «لا أثر لها على القمّة»، مع إقراره بوجود «ضغوط كثيرة على القمة ومراهنات كثيرة على إفشالها». غير أنه أعرب عن اعتقاده بفشل هذه الضغوط بما أنّ «الأمور مقرونة بنتائجها».
وكان واضحاً أنّ بحث قضايا العراق وفلسطين جاء في مرتبة متأخّرة، فكانت أجوبة المسؤولَين العربيَّين حولهما عامّة وغير محدّدة. وكشف المعلّم أنّ «الموضوع الوحيد الذي لم يُطرَح خلال اجتماعَي الوزراء أمس، هو المبادرة اليمنيّة بين حركتي فتح وحماس». وأعاد السبب إلى «انتظار الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لمعرفة ما إذا كان بحاجة إلى مساعدة عربيّة في مسعاه».