النبطية ــ كامل جابرمثّلت بطاقة المعايدة التي وزعتها جمعية التوعية الاجتماعية والإرشاد الصحي «وعي» في مناسبة عيد الأضحى المبارك، في المناطق الجنوبية، الانطلاقة الرسمية الأولى للجمعية، التي أثارت بعض الجدل وعلامات الاستفهام، ليس بأهدافها المعلنة عبر البطاقة بل حول المجموعة «الروحية» التي تديرها، وخطابها الديني «المنفتح».
جاء في أهداف الجمعية أنها تسعى إلى «تنمية روح التآلف والتضامن بين جميع اللبنانيين في كل المناطق اللبنانية، وإنشاء المؤسسات التربوية والثقافية وتشجيع المواهب العلمية والطاقات الإبداعية والعمل على اكتشافها وتطويرها، وتأمين المساعدات المادية والمعنوية للمرضى من المحتاجين والفقراء، والقيام بدراسات علمية وأبحاث ميدانية وإحصائيات للوقوف على حقيقة الآفات الاجتماعية المتفشية بدقة، وإقامة ندوات في مختلف المواضيع الاجتماعية، وإقامة رحلات اكتشاف ومعرفة، ومخيمات ثقافية وترفيهية».
ويؤكد مؤسس الجمعية السيد ياسر إبراهيم عدم انتماء الجمعية إلى أي جهة سياسية «لا أحد في هذا البلد غير مرتبط بأحد، لكننا نؤكد أننا غير مرتبطين سياسياً، بل توجهنا نحو العمل الاجتماعي الفكري؛ في ظل الحالة السياسية المضطربة على مستوى البلد عموماً، وإطباق الثنائي الشيعي في الجنوب. نحاول أن نفتح طاقة نور، متنفّساً للتعبير عن الرأي الثقافي والفكري، الذي قد لا يكون بعيداً عن السائد السياسي، إنما بقالب اجتماعي محض. لسنا مستعدين للعمل ضد حزب الله أو حركة أمل، بل جلّ ما نبتغيه هو جوهر العمل، وذلك من خلال المشاركة في الحياة الجنوبية العامة».
قد يكون الكلام على خروج هذه الجمعية ومن فيها عن «الثنائية الشيعية، حزب الله وحركة أمل» جعل الشائعات تدور حول ارتباطها بتيارات «14 آذار»؛ ويردّ إبراهيم: «حتى لا نفسر غلطاً، نحن مجموعة من الجامعيين، وأخرى من رجال الدين، وقد كنا واضحين في اجتماعات الهيئتين العامة والإدارية، نحن نرد على أي تفسير في غير محله أو الحملة الدعائية المضادة، بمزيد من الموضوعية والتواضع، مع تأكيدنا المطلق أننا لسنا حركة سياسية. إن الخلفية الثقافية والفكرية للمؤسسين تنطلق من المشكلة في العالم الإسلامي عموماً، والشيعي خصوصاً بشأن الأزمة الفكرية البنيوية. نحن حركة شيعية لا نختبئ خلف أصابعنا، ونحن ندعو إلى مراجعة التراث الديني بشكل واع وتحسين العلاقة معه بطريقة واضحة وإلغاء فكرة التعبّد للتراث، ومشكلتنا في الطائفة أنه لم يجرؤ أحد بعد على غربلة التراث وفرز الفاسد عن غير الفاسد؛ إن وجود حراس للتراث يمنع علينا الطعن بالفاسد والبحث عن المناسب؛ وبناءً على ذلك توجّهنا سيكون ضمن دائرة التوعية الفكرية والثقافية والاجتماعية، مع قناعتنا بأننا لسنا بديلاً عن أي جهة، لنكن متواضعين، نحن نسلم للقوى السياسية بحقها الطبيعي في العمل، لكننا نرفض عدم الاعتراف بحقنا في العمل. لهذا نطلب التنوع، بعض القوى الشيعية تشخص المصلحة الشيعية، هناك آخرون لهم مصلحة، ومطلبنا أن يحق لنا كذلك تشخيص المصلحة الشيعية. نحن لا نقول إن هذه القوى لا تهتم بالناس، بل قدمت الكثير لأبناء الجنوب، لكن هناك مساحة ضيقة نختلف حولها معها».
وعن دائرة نشاط الجمعية، يقول: «نحن ضمن محافظتي الجنوب وليس خارج هذا الإطار، وإذا قدّرت لنا إمكانات مقبولة فقد نتوسع بعملنا ليشمل مناطق لبنانية أخرى. في لقاءاتنا نعمل في مسارين: الأول اجتماعي مع جامعيين وشباب مثقف؛ والآخر لتأسيس لقاء علمائي ديني. فكرة الجمعية وحركتها بدأت قبل حرب تموز، هي ليست وليدة الحرب أو ما بعدها. ونحن في أعقاب الحصول على العلم والخبر وجّهنا بطاقات ودعوات تهنئة بالأعياد إلى مختلف الأطراف السياسية والحزبية والثقافية والاجتماعية الموجودة على الساحة الجنوبية، ومعها بيان مختصر عن وجهة عملنا وهو بمثابة بيان توضيحي لهدفنا».
ولجهة العلاقة مع المرجعية الدينية لمدينة النبطية؟ يقول: «بعد العلم والخبر، عملنا على طمأنة إمام مدينة النبطية الشيخ عبد الحسين صادق، وقلنا إننا لن نعمل أو نقوم بأي نشاط ديني إلا بمشورته ورعايته؛ وقد أبدى إعجابه واستأنس للفكرة، ونحن لا يمكن أن نتحرك إلا تحت مظلة المرجعية الدينية لمدينة النبطية، إمامها ومفتيها، ولا بد من العودة إليه؛ ونحن عندنا ثقة مطلقة بحركته الرعوية».
ومن أين التمويل؟ «تمويلنا هو من الأموال الشرعية، من الخمس، ولا مصدر مالياً آخر عندنا حتى الآن؛ لم نقم بأي مبادرة باتجاه وزارة الشؤون الاجتماعية؛ لأن الأمر قد يحتاج إلى واسطة، لذلك نؤثر أن نمول نشاطنا من الخمس حتى نؤمّن هامشاً من الحرية في العمل من دون قيود أو شروط».
وعن المعلن من نقاش بشأن الدين يقول إبراهيم: «التشيع هو فكر نهضوي وفكري، نحاول أن نقول ذلك، وإنه فكر ديني قديم قائم على فكرة الاعتراض، لسلطة غير عادلة، على خلاف بعض الداعمين لأنظمة ظالمة؛ هناك فكر شيعي وخطاب شيعي متلبّس بالخرافات والأساطير، هذا الأمر يحتاج إلى نقاش وعلاج. نحن مع المرجعية الدينية العربية سواء أكانت في النجف أم في لبنان ونحترم المرجعية في إيران، أعتقد أن العقل العربي ينتج فقهاً، مرتبطاً بالتقاليد العربية، بخلاف العقل الصفوي المرتبط بتقاليد مختلفة عن التقاليد العربية، وبالتالي، إنتاجه الفقهي سيكون مرتبطاً بذاك التقليد البيئي. نحن مع المرجعية الدينية الأصيلة التي هي أقرب إلى التشيع العاملي».
ويختم: «نحن مع المقاومة ما دامت الظروف بحاجة إليها؛ إشكالية التيارات السياسية المناوئة أنها تبرز الإشكالية الطائفية والمذهبية، ولم تسعَ إلى طمأنة حزب الله؛ فيما هناك من هاجم المرجعية الشيعية وشتم وحقّر العقائد والطقوس الشيعية، هذه هجمة، وللأسف لم نر هذه التيارات تعلن موقفها مما جرى».