دمشق ـ الأخبارانطلقت أعمال القمة العربية العشرين، أمس، في دمشق، وسط حضور 11 زعيماً عربياً، تقدّمهم الرئيس السوري بشار الأسد، لذي تسلّم رئاسة القمة فور دخوله إلى القاعة، متجاوزاً بروتوكول التسليم والتسلّم بين دمشق والرياض، في ظل غياب الملك السعودي عبد الله
افتتح الرئيس السوري، أمس، أعمال القمّة العربية بالتأكيد على نفي التدخّل في الشأن اللبناني، مشدّداً على أن بلاده تعرضت لضغوط للتدخّل، فيما أعلن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أنه ينوي التوجّه إلى بيروت في الأيام المقبلة لاستكمال تنفيذ المبادرة العربية، في وقت حذّر فيه الزعيم الليبي معمّر القذافي القادة العرب من «مصير صدام حسين».
وقال الاسد، في كلمته الافتتاحية للقمّة العربية، إن بلاده تعرّضت أخيراً لضغوط من أجل أن تتدخل في لبنان لحلّ الأزمة، مشيراً إلى أنها رفضت ذلك لأن الحل في يد اللبنانيين. وقال إن «الضغوط التي مورست وتمارس على سوريا منذ أكثر من عام، وبشكل أكثر كثافة منذ أشهر، هي من أجل أن تقوم سوريا بالتدخل في الشؤون الداخلية للبنان». وأضاف «كان جوابنا واضحاً لكل من طلب منا القيام بعمل يصبّ في هذا الاتجاه أنه يبقى الحل بيد اللبنانيين أنفسهم، فلهم وطنهم ومؤسساتهم ودستورهم وهم يملكون الوعي اللازم لذلكوأكد الأسد أن «أي دور آخر هو دور مساعد لهم (اللبنانيون) ونحن في سوريا على استعداد تام للتعاون مع أي جهة عربية أو غير عربية في هذا المجال».
ودعا الرئيس السوري الدول العربية إلى كسر فوري للحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة. وقال «ها نحن اليوم نجتمع ودماء شهداء مجازر إسرائيل، بل محارقها في غزة، لم تجفّ بعد أمام صمت العالم وغضب الإنسان العربي». وتابع «ندعو للعمل على الكسر الفوري للحصار المفروض على غزة من قبلنا كدول عربية أولاً كمقدمة لطلب ذلك من دول العالم».
وفي شأن عملية السلام في المنطقة، دعا الأسد إلى «البحث عن الموقف المتوازن الذي يوائم بين متطلبات السلام العادل والشامل (...) وتوفير الحد الأدنى من عناصر الصمود والمقاومة»، مؤكداً أن «الأمن لن يتحقق لأحد إلا من خلال السلام، لا الحروب». وقال «نؤكد في سوريا أن السلام لن يتحقق إلا بعودة الجولان كاملاً حتى خط الرابع من حزيران 1967، والمماطلة الإسرائيلية لن تجلب لهم شروطاً أفضل، ولن تجعلنا قابلين للتنازل عن شبر أو حق».
موسىوأكد موسى أن «هذا التقدم يشكل أساساً كافياً للتحرك نحو انتخاب رئيس للجمهورية ليقود عملية التوافق اللبناني». وأعلن أن «المبادرة العربية سوف تستمر ببذل جهودها، كما سنتحرك لوضع المبادرة موضع التنفيذ الكامل، وسوف أعمل في الأسابيع المقبلة على التوصل إلى ذلك».
ورأى موسى أن القمة «تنعقد والغيوم تملأ الجو العربي الذي أصبحت قتامته مضرب الأمثال، وباتت سلبياته تضرب في جذور النظام العربي». ولفت إلى أن الأنظمة العربية تعاني أزمة ثقة في أنفسها وفي ما بينها «أدّت إلى الوصول إلى درجة غير مقبولة من الاضطراب في العلاقات العربية»، وإلى «درجة غير مسبوقة في تلاعب قوى دولية بقضايانا وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ربما استخفافاً برد الفعل العربي أو توقعاً له رداً مضطرباً متفاوتاً».
عباسودعا عباس العرب إلى «التفكير جدياً» بحماية عربية ودولية للشعب الفلسطيني، مطالباً القمة العربية بتجديد تبنّيها للمبادرة العربية للسلام وتوجيه رسالة إلى العالم للضغط على إسرائيل بالتجاوب مع هذه المبادرة.
وقال عباس إن «المفاوضات مع الإسرائيليين لا يمكن أن تتقدم وتنجح، بل أيضاً لا يمكن أن تستمر على وقع الجرافات الإسرائيلية وهي تنهب الأراضي الفلسطينية وتبني المستوطنات فوقها، أو على وقع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية»، مشدداً على أن كل ذلك يهدف إلى ضرب إمكان قيام دولة فلسطين مستقلة.
ورأى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أن بلوغ نهاية العام الجاري من دون التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل سيضع المنطقة على «فوهة حقبة جديدة من التوتر». وأشار إلى أن «القدس الشريفة تتعرض لأشرس هجمة استيطانية عبر مصادرة الأراضي وبناء المستعمرات وهدم البيوت وتستهدف عروبتها وإحكام الحصار بتطويقها بسلسلة من المستوطنات». وقال إن هذه التطورات تتناقض مع مقررات مؤتمر أنابوليس ومؤتمر باريس.
وطالب عبّاس القمة العربية، إزاء هذه التطورات، «بتوجيه رسالة واضحة إلى العالم تؤكد على تمسك دول الجامعة العربية بخيار السلام من خلال مبادرة السلام العربية»، مشدّداً على ضرورة أن يترافق هذا الالتزام بتحرك من المجتمع الدولي، وخصوصاً اللجنة الرباعية الدولية لإلزام إسرائيل بالتجاوب مع هذه المبادرة.
وعن الوضع الداخلي الفلسطيني، كرر عباس مطالبة «حماس» بالتراجع عن الانقلاب والقبول بالالتزامات التي قبلت بها منظمة التحرير الفلسطينية والذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة.
القذافي
كعادته في القمم العربية، ألقى الزعيم الليبي معمر القذافي خطاباً، دعا فيه إلى قيام اتحاد عربي أفريقي. وحذر القادة العرب المتحالفين مع الولايات المتحدة من أنهم قد يلقون مصير الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وتساءل «لماذا لم يحقق في مقتل الرئيس الفلسطيني أبو عمار (ياسر عرفات) ولماذا لم يحقق في شنق صدام حسين؟». وأضاف مخاطباً القادة العرب «يمكن أن يأتي الدور عليكم كلكم. فصدام كان صديقاً للأميركان وأخيراً باعوه. ونحن أصدقاء أميركا».
وهاجم القذافي الدول العربية لأنها تعتبر القضية الفلسطينية هي الضفة الغربية وقطاع غزة فقط، وجدد دعوته لإقامة دولة فلسطينية إسرائيلية مشتركة. وقال «كلّنا مختلفون بعضنا مع بعض الآن. لا شيء يجمعنا أبداً إلا القاعة هذه. للأسف الشديد نحن أعداء لبعضنا، كلنا نكره بعضنا ونتخاصم مع بعضنا ونكيد لبعضنا ونشمت في بعضنا ونتآمر على بعضنا. نحن مخابرات نتآمر على بعضنا. نحن عدوّ لبعضنا». وأضاف «كرامة العرب راحت ووجود العرب راح وماضيهم راح ومستقبلهم راح».
وقال القذافي، الذي بدأ كلمته بمخاطبة الرئيس السوري بـ«ابني الرئيس بشار الأسد»، إنه لا مصلحة للعرب بمعاداة إيران. وأضاف «ليس من مصلحتنا أن نستعدي الإيراني، وإذا كان هناك مشكلة بين إيران وإحدى الدول العربية (الجزر الإماراتية الثلاث) فليتمّ اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لحلها». وأضاف «لا مفرّ لكم من إيران». وتابع إن «إيران جار مسلم وأخ مسلم وليس من مصلحتنا أن تكون إيران عدوّة».
بوتين
في رسالة إلى القمّة العربية، رأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن من الضروري «حماية» لبنان من «أي تدخل أجنبي». وقال «هناك مهمة خاصة حالياً وهي الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله السياسي ووحدة أراضيه وحمايته من أي تدخل أجنبي». وعلّق على خطة الجامعة العربية بالقول «إننا ندعم مبادرة منظمتكم النافذة لتسوية القضية اللبنانية».
ولفت الرئيس الروسي إلى أن التسوية العادلة والشاملة للصراع العربي الإسرائيلي تشكّل مقدّمة للحل في الشرق الأوسط، مشدداً على أن هذا الحل يجب أن يتماشى مع مبادئ القانون الدولي وبطريقة سلمية.