دمشق ـ الأخبارباشرت سوريا أمس التعاطي مع محيطها بصفتها رئيسة للقمة العربية أكثر منها دولة طرفاً في الصراعات الدائرة، مشددة على أن المؤتمر المنعقد في دمشق «نجح» وكشف هوية الجهات «المعزولة»، وأن «من راهنوا على إفشاله هم الفاشلون»
قال وزير الخارجية السوري، وليد المعلّم، رداً على سؤال عن تقويمه لنجاح القمة ومستوى التمثيل فيها، إن الحضور الفعلي على «مستوى الرؤساء والقادة بلغ 15 زعيماً عربياً، إذا ما أخذ بالاعتبار أن سلطان عمان والملك المغربي لا يشاركان شخصياً عادة في القمم العربية، وإذا ما قبلنا العذر العراقي والصومالي»، مشيراً إلى أنّ معدّل حضور القادة في القمم السابقة كان يتراوح بين 13 و14 زعيماً.
وبشأن الملف اللبناني، قال المعلم إن «الرئيس الأسد، في خطابه، مدّ يده لمن يريد من العرب وغير العرب للمساهمة في إيجاد حل للأزمة اللبنانية، وأظهر دور سوريا ورسم البوصلة لتحرك الدبلوماسية السورية في مرحلة رئاسة القمة».
ورداً على سؤال عن اقتراح الرئيس فؤاد السنيورة لوساطة أوروبية لحوار لبناني ـ سوري، قال المعلم: «لم أسمع بما طلبه السنيورة، ولو كان جاداً لحضر القمة وطرح المطالب عليها». أما في ما يتعلق باقتراح رئيس الوزراء اللبناني عقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب في بيروت، فقال المعلم: «لم أسمع بذلك».
وتساءل المعلم، رداً على سؤال في شأن محاولات عزل سوريا في القمة: «هل لمستم في هذه القمة من كان معزولاً فيها؟ يجب أن تشاهدوا من كان معزولاً». وشدّد، رداً على سؤال عن توقيت زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى المنطقة ولبنان، على أنّ «هذا من شأنها. من يقبّل رايس يسمح لها. ربما اشتاق إليها».
أمّا نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، فقال، من جهته، لـ«الأخبار»، رداً على سؤال عما إذا كان لبنان سيُبحث خلال الجلسة المغلقة للقمة: «في الجلسة المغلقة نحن على استعداد للترحيب بأي طرح عربي، هذا سؤال افتراضي. سنرى كيف سيُطرح الموضوع، وفي ضوء ذلك سنحدد موقفنا».
وفي شأن الورقة المتعلقة بالعلاقات العربية ـ العربية، أوضح المقداد أنها «سيطرحها الأمين العام (عمرو موسى)، وهي تتضمن خطوطاً عامة لا شيئاً محدداً». وأضاف، رداً على سؤال عن نفي وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل لوجود محاولات لإفشال القمة: «نأمل ألا يسعى أحد إلى إفشال القمة لأنه إفشال للجميع. القمة تسير باتجاه النجاح، والذين راهنوا على إفشالها كانوا هم الفاشلين. هناك المزيد من الجلسات في هذه القمة، دمشق تؤدي دوراً إيجابياً وبنّاءً في النقاشات، وكل ما يقود إلى وحدة العرب ودعم مواجهتهم للتحديات القادمة».
وتابع المقداد، رداً على سؤال عما يأملون أن يصدر عن هذه القمة من مقررات، قائلاً: «يجب ألا تكون لدينا طموحات بأن هذ القمة ستحل كل مشاكل الوطن العربي؛ فهذه المشاكل تحتاج إلى وقت طويل. لكن المهم أن نضع قدمنا في بداية الطريق وقمة دمشق تخطو خطوة في هذا الاتجاه».
وفي شأن زيارة رايس إلى لبنان، قال المقداد: «يبدو أن هنالك انهياراً في سياسة الولايات المتحدة وفي معسكرها في المنطقة. يبدو أنها أتت (رايس) لكي تؤكد لحلفائها أن لديهم طرفاً يمكن الاستناد إليه. اقول لمن يتّكل على الأجنبي إنه سيكون مخطئاً. وإذا تطرّقنا للبنان بشكل خاص، فالوضع فيه لا يمكن حله إلا من خلال اللبنانيين وبين اللبنانيين وفي إطار المبادرة العربية وفق صيغة لا غالب ولا مغلوب وفي إطار التوافق».
بدورها، قالت مديرة دائرة الإعلام الخارجي في وزارة الخارجية السورية، بشرى كنفاني، رداً على سؤال عن «الهدوء السوري» في خطاب الأسد: «إنّ خطاب الرئيس لا يمثّل تغييراً في الموقف، بل التعاطي الإيجابي المنطقي الذي أردناه دائماً وباستمرار وللمستقبل». وأضافت، ردّاً على سؤال عن المقاطعة اللبنانية لأعمال القمة: «كنا نريد أن يأتي لبنان. هذا الغياب لم يكن في مصلحته، ولا في مصلحة العمل العربي المشترك. نأمل أن تتغلّب الحكمة العربية على هذا الموقف السلبي». وتابعت كنفاني، ردّاً على سؤال آخر عن العلاقات العربية ـ العربية: «بالتأكيد هناك انقسام وهناك خلافات، لكن من وجهة نظرنا، لا توجد خلافات عصيّة على الحلّ إذا توافرت الإرادة الصادقة للتوصل إلى القواسم المشتركة».
وعمّا إذا كان لبنان قد تقدم بطلب لعقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب في بيروت، قالت كنفاني: «لم نتسلم شيئاً من لبنان، وإذا تسلمنا، (طلباً كهذا)، فسوف يُدرَس حسب الأصول في الأمانة العامة للجامعة العربية والرئاسة» التي تولّتها سوريا للقمة العربية.
وعن تصريحات السنيورة يوم أول من أمس، أوضحت كنفاني: «لم يقل الرئيس السنيورة شيئاً جديداً. الاتهامات القديمة ـ الجديدة نفسها تتكرر باستمرار. سوريا لا تعطّل الحل، اللبنانيون أنفسهم يملكون هذا الحل، والأكثرية تتجاهل الواقع اللبناني والخلافات اللبنانية، وهي للأسف تعلّق المشاكل على المشرب السوري». وأضافت: «نرجو من الأطراف العربية التي لها صداقات في لبنان أن تسهم في الحل، وقد خص وزير الخارجية الأشقاء في السعودية ومصر».
وفي ما يتعلق بمستوى التمثيل في القمة، رأت كنفاني أنه «إذا ما أخذنا بالاعتبار الضغوط غير المسبوقة من الأطراف الغربية على الدول العربية لخفض مستوى التمثيل في القمة، فإن هذا التمثيل يُعتبر جيد جداً، ونحن مرتاحون».
أما المندوب السوري الدائم لدى الجامعة العربية يوسف أحمد، فقال من جهته، رداً على سؤال لـ«الأخبار» في تفسيره لهدوء خطاب الأسد مقارنة مع التصريحات النارية التي أطلقها بعض المسؤولين السوريين أول من أمس، ومن بينهم المعلم: «إن الرئيس الأسد تحدّث كرئيس للقمة، لا كرئيس لسوريا. لم يتغير شيء في سياستنا، وما قاله الرئيس يعكس ديناميكية السياسة السورية». وأشار إلى «أننا مرتاحون جداً جداً للأجواء».
وبدا أمس أن المسؤولين السوريين يتجنبون الرد على أسئلة الصحافيين في شأن مواقفهم من تصريحات الفيصل، في خطوة تبدو أنها تستهدف إفشال محاولات الرياض حرف الأنظار عن القمة.