strong>بعد تعويم القمّة العربيّة التي أنهت أعمالها في دمشق، أمس، المبادرة العربيّة الخاصة بالأزمة اللبنانيّة، ينتظر أن يستأنف الأمين العام للجامعة العربيّة جهوده في هذا الإطار متسلّحاً هذه المرّة بدعم القادة العرب لتحرّكه انقسم معسكرا الموالاة والمعارضة بشأن تقويم نتائج القمّة العربية، كما تباينت مقارباتهما لطريقة حل الأزمة اللبنانية. إذ بينما جددت المعارضة التزامها المبادرة العربية مشددة على الحوار الداخلي لإنتاج الحل، نفت الموالاة وجود خلاف لبناني داخلي، رابطة الأزمة بملف العلاقات اللبنانية ـ السورية.
ولفت غداة انتهاء القمّة، اتصال وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس برئيس الحكومة فؤاد السنيورة، الذي اكتفى مكتبه الإعلامي بالإشارة إلى أنه جرى خلال الاتصال «استعراض مختلف الأوضاع في لبنان والمنطقة».
واستقبل السنيورة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومدير الشؤون السياسية في الأمم المتحدة، لين باسكو، الذي مثّل الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون في القمة، وجرى التشاور في أعمالها ونتائجها.

برّي مستمرّ في «مساعيه الإنقاذيّة»

في هذه الأثناء، جدد النائب علي حسن خليل في حديث إلى وكالة «فرانس برس» التزام المعارضة بالمبادرة العربية التي رأى أن تأكيد قمة دمشق على الالتزام بها فرصة لإعادة وضعها موضع التنفيذ.
وعما إذا كانت قمة دمشق قد تعطي دفعاً أو قد تفرمل الحل في لبنان، أكد خليل «أن الدفع لا بد أن تخلقه إرادة اللبنانيين، وهو مطلوب من اللبنانيين أنفسهم قبل أن يطلب من العرب».
ورأى أنه ليس بالضرورة دعوة وزراء الخارجية العرب إلى الاجتماع لبحث ملف العلاقات اللبنانية السورية. وقال: «نحن مع تصحيح العلاقات اللبنانية السورية وإعادة بنائها وفق القواعد التي حددها اتفاق الطائف».
وخلال احتفال لحركة «أمل» في بلدة قبريخا، لمناسبة المولد النبوي الشريف،أكد خليل أن الرئيس بري مستمر في مساعيه الإنقاذية «ولن يتراجع عن مبادرته رغم بعض الأصوات التي لا تريد للبنان الخروج من مأزقه»، موضحاً أن «خطاب المعارضة سيبقى هو هو، قبل القمة وبعدها».
وأكد الوزير المستقيل محمد فنيش،أنه «مهما حاول البعض أن يهرب إلى الأمام، فإننا نصر على منطق الشراكة، ومن يرد أن يلعب لعبة الوقت مراهناً على عدوان إسرائيلي جديد، فرهانه فاشل، لأن المقاومة اليوم أقوى مما كانت عليه في عدوان تموز».
أما الموالاة، فقد قاربت الأزمة من منظار ارتباطها بعوامل خارجية، ورأى المنسّق العام لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد «أن اللبنانيين على لسان الرئيس السنيورة (مساء الجمعة) أكدوا أن الأزمة اللبنانية مرتبطة بالعلاقات اللبنانية السورية، فيما سوريا خلال القمة شددت على أن الأزمة هي نتيجة خلاف الأفرقاء اللبنانيين بين بعضهم البعض».
ورأى سعيد في حديث إلى وكالة «فرانس برس» أنه «تم تبنّي وجهة النظر اللبنانية من جانب جزء كبير من العالم العربي ومن العالم، في حين فقدت وجهة نظر سوريا صدقيتها». ورأى «أن مقولة النظام السوري إنه لا يتدخل في لبنان سقطت خلال القمة، وتبيّن أمام الرأي العام أن الأزمة السياسية في لبنان ترتبط بالعلاقات اللبنانية السورية، لا بخلاف لبناني».
من ناحيته، رأى الرئيس سليم الحص أنه «لا عذر للبنانيين في عدم الجلوس حول طاولة الحوار لمناقشة حالهم والتباحث في المخارج المتاحة من أزمتهم المستعصية»، مناشداً الجميع تلبية دعوة الرئيس بري لاستئناف عملية الحوار بروح إيجابية.
وأكد الحص، في بيان باسم منبر الوحدة الوطنية، «أنه لم يعد من مكان في نظر الناس لأية ذرائع، مهما تكن، لتعطيل المبادرة، مع الترحيب باستئناف الأمين العام لجامعة الدول العربية وساطته الفاعلة بين الأفرقاء اللبنانيين».
وعلى صعيد المواقف من القمّة وآثار نتائجها على لبنان، رأى النائب وائل أبو فاعور أن القمّة كانت «فاشلة إلى أقصى الدرجات»، طالباً «إلزام سوريا وليس التزامها أي مقررات»، فيما ربط السفير جوني عبده في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان» استقرار لبنان بتماشي «هدف رئاسة القمة للسنة المقبلة مع عنوانها، وهو التضامن العربي»، مرجّحاً «أن يكون الحل مع بداية 2009».
وتخوّف من «حادث أمني كبير في نيسان سيكون الشرارة الأساسية التي لا يمكن احتواؤها».

«حزب الله» يحذّر من الترميموحذر قاسم خلال احتفال لجمعية التعليم الديني من أن «ترميم الحكومة يعني أنهم لا يريدون الحل وفق المبادرة العربية، وهذا يعني إسقاط المبادرة التي تضع في رأس مشروعها انتخاب رئيس توافقي للجمهورية».
وأكد الرئيس السابق لحزب الكتائب كريم بقرادوني أن خطاب الرئيس بشار الأسد في افتتاح القمة عكس انفتاحاً إيجابياً تجاه الملف اللبناني، «وعلى جميع اللبنانيين»، متمنياً على اللبنانيين «بدلاً من فتح الملفات ومهاجمة بعضهم بعضاً ومهاجمة سوريا، أن يتلقّفوا فرصة القمة العربية وكلام الرئيس السوري لتحسين العلاقة اللبنانية ـ السورية».
ورأى الأمين العام للحزب الشيوعي، خالد حدادة، خلال محاضرة في حاصبيا، «أن الأنظمة العربية عاجزة عن اتخاذ القرارات نتيجة التدخلات الغربية، وهي تسير بحكم الاستمرار. لذلك إن حصلت قمم أو لم تحصل «مثل قلّتها». وتساءل: «ما دام هناك قمة، فماذا يمنع لبنان من المشاركة؟ ولماذا أجّل قراره إلى ما بعد القرار السعودي؟ جميعهم يدّعون العفة ويسيرون وراء أي قرار يتخذ على المستوى الإقليمي».

صفير: الانقسام يصيب منّا مقتلاً

على صعيد آخر، أكد البطريرك الماروني نصر الله صفير، خلال قداس «أحد تجديد البيعة»، على نية قيامة لبنان ووحدة اللبنانيين، الذي دعت إليه الرابطة المارونية في حضور رئيس الرابطة الدكتور جوزف طربيه وأعضاء المجلس، أن المشهد الذي نراه في الساحة الوطنية لا يبدو مشجعاً، مشيراً إلى أن الانقسام الذي نشهده على الساحة اللبنانية، لم نشهده من قبل، وهو يصيب منا مقتلاً». وقال: «إن الوضع الخطير الذي نعيشه اليوم يقتضي منا أن نرص صفوفنا، ونجمع قوانا، ونعير وطننا انتباهنا لننهض به من كبوته. وبعد القداس، استقبل صفير أعضاء «الرابطة» وألقى طربيه كلمة أمل فيها «أن تتحقق المصالحة اللبنانية التي تبدأ بمصالحة داخل الطوائف»، مؤكداً أنه «لا خلاص للبنانيين إلا بأن يجتمعوا ويقرروا مصيرهم الذي هو بيدهم».
في غضون ذلك، أكد رئيس «تيار المردة»، سليمان فرنجية، خلال لقاء حاشد مع وفد من التيار في كسروان زار بنشعي، أن «الأمور في طريقها إلى التسوية مع بكركي، ولكن على أساس ثابت وبرنامج، مشدداً على «أن الحوار يجب أن يكون صريحاً وبوجود العماد ميشال عون وبمباركة البطريرك».
وتطرق إلى مقاطعة لبنان القمّة العربية فقال: «الرئيس السنيورة يبرر عدم الذهاب إلى القمة بأنه لا يريد أن يأخذ مكان رئيس الجمهورية المسيحي. لكننا جميعنا نتذكر أنه عندما كانت هناك قمة في السودان وقمة أخرى في جدة، لم نلاحظ أن السنيورة كان حريصاً على رئيس الجمهورية الماروني الذي كان لا يزال موجوداً في قصر بعبدا، بل رأينا السنيورة يذهب إلى القمة ويحاول أن يلقي كلمة ضد رئيس الجمهورية».
وأضاف: «الآن أصبح السنيورة وفريقه حريصين على رئيس الجمهورية الماروني وعلى الموارنة. وأين كان هذا الحرص في الطائف عندما كانوا يصوغون الاتفاق؟ وأين كان حرصهم على الموارنة في السنوات الخمس عشرة الماضية؟ ولا سيما عندما كان رحمه الله الرئيس رفيق الحريري يطلب مني أن أهاجم البطريرك من أمام بابه». وطمأن إلى «أن رئيس الجمهورية الماروني المسيحي عائد إلى بعبدا وكرسي الرئاسة، وسيكون مارونياً، سياسياً ومذهبياً، لا مارونياً بالتذكرة.