دمشق ـ الأخبارشدّد الرئيس السوري بشار الأسد، في الجلسة الختاميّة للقمّة العربية أمس، على أن سوريا ستبقى في «قلب العالم العربي»، واصفاً الجو الذي ساد جلسات القمة بـ«الإيجابي والبنّاء». وأضاف «أريد أن أختم هذه القمة بالقول إن أهم إيجابية هي الجلسة المغلقة ليلة أمس (أول من أمس) التي كانت من أهم أحداث القمة، حيث ابتعدت عن المجاملات وسادها الجو الصريح من قبل الجميع من دون استثناء، والأهم أنه كان هناك تقبّل لهذه الصراحة بالرغم من تعارض الأفكار في كثير من الأحيان».
وقال الأسد إن الجلسة المغلقة ناقشت الموضوع العراقي، مشيراًَ إلى أنه ينتظر المزيد من الأفكار من العراقيين خلال رئاسته للقمة في المرحلة المقبلة «لكي نقوم بالتعاون كدول عربية مجتمعة مع الحكومة العراقية بهدف الوصول إلى استقرار العراق والسيادة الكاملة». وأشار إلى الموضوع الفلسطيني، لافتاً إلى أن المبادرة اليمنية لحل الخلافات بين حركتي «فتح» و«حماس» هي «مبادرة هامة»، لكنه أوضح أن «هناك بعض التفاصيل المطلوبة لإكمال هذه المبادرة وجعلها قابلة للتنفيذ». وقال إنه «سيتم التعاون مع المسؤولين اليمنيين لإنجاح هذا الجهد». وعن التضامن العربي، أشار الأسد إلى أن له علاقة «بدور الدول التي تستطيع لعب دور بين الدول المختلفة».
وفي ختام القمّة، عقد وزير الخارجية السوري وليد المعلّم والأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، مؤتمراً صحافياً في فندق أبيلا في دمشق. ورأى الوزير السوري أن «أهم ما حملته القمة هو مناقشة العلاقات العربية ـ العربية، التي ناقشها القادة العرب مطوّلاً في اجتماعهم المغلق، حيث ركّزوا على ثلاثة مواضيع هامة وهي العراق وفلسطين وآليات تفعيل العمل العربي المشترك وضوابط منع تدهور العلاقات العربية ـ العربية من خلال الآليات الموجودة في مجلس السلم العربي».
وأضاف أن «قمة دمشق لها نكهة غير كل القمم الأخرى من خلال التعامل الواضح والشفاف الذي ساد».
وشدد المعلم على أن «أي قمة عربية لم تعان كما عانت قمة دمشق قبل انعقادها من ضغوط ورهانات على الانقسامات العربية، لذلك أن تعقد القمة في موعدها وفي مكانها هذا نجاح»، مشيراً إلى «سلاسة النقاشات فيها على كافة المستويات» ما جعلها «مميزة، ووضعت لبنة مهمة يمكن البناء عليها في القمم المقبلة».
ورداً على سؤال عن تصريحات نظيره السعودي سعود الفيصل أول من أمس بأن لا أحد يريد عزل سوريا، قال المعلم «لا نعتقد بأن هناك دولة عربية واحدة تريد عزل سوريا لأن سوريا هي قلب العروبة النابض».
لكنه أضاف أن «هناك نقاطاً لا أتفق فيها مع الفيصل، وخصوصاً في ما يتعلق بالجانب اللبناني، حيث أكدنا من سوريا أننا مستعدون للتعاون مع المملكة العربية السعودية لدعم الحل في لبنان. ولكن مع التأكيد أيضاً أن الحل هو لبناني ولا أحد يحلّ محل اللبنانيين، وعلينا أن نشجعهم على الحوار».
وتابع المعلم «قلنا منذ البداية إننا نريد أن يحضر رئيس لبناني القمة، لكننا لسنا نحن من يذهب لانتخاب رئيس (...) المبادرة العربية واضحة والعرب اتفقوا على ثلاث نقاط متكاملة، ولكن يجري الآن تحريف لهذه المبادرة، هذا خروج عن المبادرة».
وأكد المعلم، رداً على سؤال عن لبنان، «تم طرح موضوع لبنان في الجلسة المغلقة، ولكن ارتأى بعض القادة العرب أنه لا يجوز بحث موضوع لبنان في غياب لبنان»، مشيراً إلى أن الأزمة اللبنانية «نوقشت باستفاضة في اجتماع كبار المسؤولين ووزراء الخارجية»، حيث جرى تأكيد التضامن مع لبنان ودعم المبادرة العربية ودعم جهود الأمين العام لجامعة الدول العربية
لمواصلتها.
وشدد المعلم، رداً على سؤال حول تزامن زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى المنطقة مع انعقاد القمة، «انسوا رايس. القمة انتهت بنجاح».
وعن دور سورية كرئيس للقمة في إيجاد حل للوضع الفلسطيني، قال المعلم «إن الرئيس بشار الأسد سيكون على اتصال مع قادة السلطة الفلسطينية ومع قادة حماس بشأن تنسيق المواقف ورفعها إلى القيادة اليمنية لمتابعة مبادرتها بشأن الوضع الفلسطيني وتحقيق المصالحة، لأنه لا وقت للانقسامات الفلسطينية ـ الفلسطينية».
وعما إذا كانت بلاده تخشى من ضربة عسكرية محتملة للمنطقة، قال المعلم «نحن نجحنا في عقد القمة وقلنا منذ البداية أي ضربة موجهة للقمة هي ضربة لكل العرب. وأن نخشى ضربة عسكرية أميركية فإن الإنسان الفطن يجب أن يحسب حساباته كلها خاصة في ضوء إدارة تستطيع أن تضرب ولا تعرف كيف تخرج».
وأضاف «نأمل ألا تكون هناك ضربة عسكرية، ونحن نسعى إلى الحوار لكي نجنّب هذه المنطقة المزيد من الدمار ونجنّب الأميركيين المزيد من القتلى».
وعن العلاقات السورية ـ المصرية، قال المعلم «التاريخ برهن صحة مقولة إنه عندما تكون سوريا ومصر متعاونتين فإن المخاطر المحيطة بالمنطقة تواجه بقوة، ولكن مع الأسف كان هناك رؤى مختلفة حول الأزمة اللبنانية، ولقد رأينا الافتتاحيات المصرية ماذا قالت، ومع ذلك لم نرد، وكان خطاب الرئيس بشار الأسد أن لا ننحدر إلى مستوى الحملات الإعلامية».
وشدد المعلم على أنه «لا يوجد في العلاقات العربية ممانع أو معتدل، وإذا تعلّق الأمر بفلسطين والعراق، كلنا ممانعون وكل ما يتعلق بحقوقنا العربية فنحن ممانعون فيه، والقمة لا تطلب من إسرائيل شيء، فهي تدّعي أنها تريد السلام، ومن يرده فالطريق واضح إليه وعليها أن تعلن التزامها بقرارات مجلس الأمن».
من جهة ثانية، قال المندوب السعودي الدائم لدى الجامعة العربية رئيس الوفد السعودي إلى القمّة، أحمد القطّان، ردّا على سؤال لـ«الأخبار» عن تعليق بلاده على كلام المعلّم إنه لا يكفي أن تقول السعودية إنه لا يمكن لأحد أن يعزل سوريا، «نريد أن نعرف ما هو المطلوب تحديداً من المملكة السعوديّة؟ هل المطلوب منها الضغط على الأكثرية اللبنانية لكي تقبل بأن تعطي الأقلية نصف أعضاء الحكومة؟ هذا غير معقول. موقف الرياض واضح من الأزمة اللبنانية، وهو موقف العقل: يجب انتخاب رئيس للجمهورية، وبعدها يجري تأليف حكومة، وبعد 4 أو 5 أشهر تنظّم انتخابات ويفوزوا فيها ومبروك عليهم».
وردّاً على سؤال عما إذا كانت عبارة «حكومة وحدة وطنيّة» تفهمها الرياض بأنها تقوم على مبدأ المثالثة بالتساوي للأكثرية والأقلية ورئيس الجمهورية، قال القطان «هل الأقلية أصلاً تقبل بمبدأ المثالثة، فهم رفضوا مبدأ المثالثة».
وأضاف، رداً على سؤال عمّا إذا كانت هناك ضمانات بأن تأتي حكومة وحدة وطنية بعد انتخاب الرئيس، «ليس هناك رغبة حقيقية في حلحلة الأمور».
وأوضح أنه «ليست جميع الأطراف لا ترغب بحلٍّ»، بل بعضها. وتابع «دعني أطرح الأمور بالعكس: لو كانت الأقلية هي من فاز في الانتخابات الأخيرة وتملك الأكثرية النيابية، بمعدّل 60 في المئة في مقابل 40، هل كانت لتقبل المناصفة في الحكومة؟».
وأضاف «هناك من يعطّل المبادرة العربية لأنه لا يريد حلّ الأزمة». وعند الاستفسار عمّا إذا كانت سوريا هي من يعطّل المبادرة، أجاب: «أنا أوضح موقف المملكة العربية السعودية، فنحن مقتنعون بأن ثمّة طرفاً يعطّل المبادرة، اسألوا سوريا إذا كانت هي تعطّلها».