strong> كامل جابر
•رياضي وصاحب متحف لمجسمات السيارات وساحات السباق

يصعب اختصار الكلام على بيلي كرم، لذلك يختصر هو التعريف عن نفسه بالقول إنه «باحث عن الجنون»، فهو يعشق هواية تجعله يلامس «خدّ» الموت في سباق السيارات، ثم تسجيل تلك اللحظات في مجسّمات أتت أدقّ من الصور التي التُقطت خلالها فضلاً عن هوايات أخرى

بيلي كرم هو الاسم العالمي لنبيل أنطوان بشارة كرم، بطل لبنان في الرالي، الذي حقّق سبع بطولات في الأعوام 1986 و1991 و1996 و1999 و2000 و2001 وآخرها 2002. عن سبب هذا التفاوت في وقت المشاركة بين سباق وآخر، والتأخر في المشاركة في السباقات وهو المولود عام 1956، يقول: «وقفت العائلة ضدي يوم أعربت عن رغبتي خوفاً عليّ من هواية هي أقرب إلى الموت، فانتظرت إلى أن أصبحت مستقلاً في العمل والإنتاج، وكان عام 1984 هو نقطة الانطلاق في المشاركة في الراليات المحلية والعالمية». وفي عام 1985 حلّ ثانياً في بطولة لبنان، وفي عام 1986 «اشتريت سيارة «روثمن بورش 911SCRC» وهي واحدة من أصل ست في العالم. كنت أنا المالك الوحيد فيما تملك السيارات الأخرى شركات خاصة».
هو رياضي بامتياز، تنقّل في البطولة بين كرة الطاولة والتنس و«السكي» حتى انتخبه الصحافيون عام 1987 «الرجل الرياضي». في ذلك الوقت، بدأ يبدّل في امتلاك سيارات البطولة: PORSCHE, BMW.M3, SUBARAU.WRC, LANCIA واستأجر «بيجو» ليشارك في بطولة الأردن بالسرعة: «فزت خمس مرات في سباق الانترناسيونال عند مرتفع تلّ الرومان بتشجيع من الملك الراحل حسين بن عبد الله وحملت الرقم عينه الذي كان يحمله الملك أثناء مشاركته في سباق السيارات».
في عام 2004 ألغي سباق WRC في لبنان «توقفتُ عن المشاركة ورحت أشارك في بطولة العالم على الجليد ثلاث مرات في العام.

نحو غينيس

إلى السباق، تحتلّ هواية جمع مجسّمات السيارات والطائرات والدراجات النارية والهوائية، فضلاً عن القوارب والبواخرحيّزاً كبيراً في حياة كرم. وقد خصّص جناحاً كبيراً من شركة الأخشاب المحاذية لمحطة كهرباء ذوق مكايل لتعزيز هذه الهواية حتى بات يمثّل شبه متحف على مساحة 1200 متر مربع. ويحتاج زائر المتحف إلى ساعات للتمعن في المجسمات، وخصوصاً العائدة منها لسيارات السباق، التي وضع بينها السيارات التي شارك فيها بالرالي، وبينها كذلك مكتب خاص بالمتحف من زجاج وإطارات سيارات السباق.
وفي آخر «إحصاء» أعدّه كرم لمجموعته تجاوز المجموع 14 ألفاً، من بينها طائرات ودرّاجات، وقد خصّص واجهات لسيارات «الفورمولا وان» والـ«بورش» التي يقتني منها نحو ألفي سيارة إضافة إلى جميع سيارات السباق في العالم.
عن هذه الهواية يشرح: «كنت في أوروبا حينما وجدت في أحد المحال التجارية مجسّماً (لعبة) لسيارة الـ«بورش» التي شاركت فيها بالسباق للمرة الأولى. قرّرت بعدها أن أقتني نموذجاً عن كلّ السيارات التي قدتها أو جربتها، بدأت بواحدة، ثم عشر، فعشرين ومئة. أكثر من ذلك «قررت أن آخذ وكالة «ميني شان» التي تصنع السيارات الصغيرة، فجمعت ألف سيارة دفعة واحدة، ثم كل نماذج السيارات السريعة في العالم حتى بات عندي اليوم أكبر تشكيلة، وسأتقدم في الفترة القريبة إلى موسوعة «غينيس» وأُحضر مندوبيها إلى متحفي، وأتوقّع أن أدخل الموسوعة بما أمتلكه من تشكيلة واسعة لا يملكها غيري في العالم»... ثم يستدرك: «نعم، هناك شخص أميركي يمتلك أكثر من 30 ألف موديل وشكل، لكن ليس لسيارات السباق وللمجسمات التي صنعتها، ولذلك أكون أنا أكبر من يمتلك مجموعة نادرة».

صناعة المجسّمات

أما هواية صنع مجسّمات السيارات، فتعود إلى الطفولة، يوم كان عمره نحو ست سنوات «نحن أصحاب مصنع خشب، كان والدي يحضر لي قطعاً منه فأحوّلها لعباً من سيارات وقطارات وشاحنات وبواخر، ومع الوقت صرت أضيف إليها الأكسسوارت من الخشب المعدّ بالمنشار الصغيرولأنه امتلك حرفة التصنيع والتجسيم جسّد لحظات تاريخية، نقلاً عن صور حيّة تتعلق بحياته وحياة بعض المشاهير في السباق والرياضة، في مجسّمات متواضعة وضخمة تشبه النحت الدقيق ووضعها في خزائن وواجهات زجاجية مع مرآة عاكسة. وشملت المجسّمات ساحات السباق ونقاط الانطلاق وكاراجات التصليح والتأهيل في الملاعب العالمية والمحلية، لحظات جرت في كل العالم، أتى بمختلف «ماكيتاتها» ومعدّاتها وناسها، المواقع والملاعب، الخطوط، الرياضيين والحكام وحتى المشاهدين. وقد جعل الأشخاص شبه حقيقيين بعدما رسم وجوههم وأرقامهم على الدمى الصغيرة التي أحضرها من مختلف بلدان العالم، أو أوصى بتصنيعها «خصّصت ميزانية سنوية لهذا الأمر، ونجحت من خلال الدمى والسيارات، في تسجيل اللحظة التي كانت ترتفع فيها سيارتي في الهواء مع ما كان يدور حولي في الخارج. جعلت كلّ شيء في المجسم يشبه الحقيقة، فضلاً عن الاجتماعات واللقاء بأبطال العالم في السباق». يشرح «في البدايات كنت أعدّ كلّ التفاصيل بنفسي وأسهر على تحقيق المجسم، ولأن الوقت لم يعد يسعفني على القيام بما أريد بنفسي، بت أستعين ببعض المتخصصين أو ممن علّمتهم الحرفة حتى تجاوز عدد المجسّمات الـ360».
تجد بين المجسمات لقطات من أشهر الأفلام في العالم، وخصوصاً «أفلام الخمسينيات والستينيات والسبعينيات شرط أن يكون في الصورة السيارات التي استخدمها الممثلون العالميون في الأفلام». وهناك نحو ثلاثين مجسماً للحروب العالمية الأولى والثانية، وحرب الخليجوالمعارك اللبنانية المحلية، بين القوى الحزبية والسياسية، دخول السوريين إلى لبنان، معارك الجيش اللبناني التي خاضها ببسالة، وترحيب الجماهير به. وقد بدأ الإعداد لمجسم عن معارك نهر البارد، فيما جسّد آخر مجسم صنعه معركة مارون الراس بين أبطال المقاومة والإسرائيليين.
لا ينام كرم كثيراً لأنه مشارك في أكثر من عمل تجاري ورياضي ومحلي (فهو أحد أركان شركة أبناء أنطوان بشارة كرم للأخشاب، وعضو مجلس إدارة كازينو لبنان، عضو مجلس إدارة شركة إنترا، عضو مجلس إدارة نادي السيارات، نائب رئيس بلدية الرابية وعضو في 4 شركات، فضلاً عن سفره الدائم للمشاركة في الراليات وأعمال التجارة). وهو لم يشجع ابنه على السير في خطاه «أنا عذّبت عائلتي التي كانت تخاف عليّ من قيادة السرعة، وقد تعرّضت لعدة حوادث سبّبت لي إصابات مختلفة ونجوت أكثر من مرة بأعجوبة، فالربح يحتاج إلى مخاطرة، وخصوصاً في المنافسات العالمية والإقليمية».



strong>خيبة «الفورمولا وان»

من الأمور التي تثير الحسرة في نفس كرم، مجسّم أعدّه عن سباق «الفورمولا وان» لأنه عجز عن تحويله إلى حقيقة بعدما كان قد سعى جديّاً لإحضاره إلى لبنان عام 2000.
«أعددت الدراسة وعرضتها على الرئيس إميل لحود ورئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري من أجل إقامته في منطقة «السوليدير»، وقطعنا أشواطاً بذلك بعدما أحضرنا اللجنة المتخصصة إلى لبنان وعرضنا عليها الدراسات من الألف إلى الياء»... لكن هي السياسة في هذا البلد «التي تسرق كل شيء، الطموحات والأحلام والمشاريع التي كان يمكن أن تجعل من بلدنا محط أنظار العالم. هذا البلد نحبه ونزعل من أجله ليس من أجل أنفسنا، لكن، ليس باليد حيلة».
لا يحبّذ بيلي أن يحوّل متحفه الخاص في الوقت الحالي، إلى متحف عام «كنت أنوي، فيما لو نجح مشروع «الفورمولا وان»، أن أنقل مجموعاتي إلى صالة خاصة كانت ستفتح أمام العامة في السوليدير، لكن عندما «فرط» المشروع عدلت عن الفكرة لأن الديكورات كانت ستكلف مبالغ ضخمة». لكن كرم يوضح أن رؤساء ووزراء ونواباً وسفراء دول عربية وأجنبية وأصدقاء وتلامذة مدارس وطلاب جامعات، شاهدوا مجموعته الضخمة حيث هي اليوم.