وفاء عواد
في موقف لافت للانتباه، مضموناً وتوقيتاً، بادر منسّق الأمم المتحدة في بيروت، غير بيدرسن، إلى تغيير ترتيب الأولويات في جدول معالجة الأزمة السياسية القائمة في لبنان، عبر إعلانه أن مسألة الانتخابات النيابية المبكرة «مثيرة للاهتمام، وهي قيد النقاش، حالياً، مع مختلف الأطراف»، مرفقاً بالإشارة إلى أن هذا الأمر يتطلّب «انتخاب رئيس للجمهورية، ثم اتفاقاً على القانون الانتخابي».
وإذا كان بيدرسن قد استبق بكلامه عودة الأمين العام عمرو موسى إلى بيروت، ومضى ليودّع ثلاثة أعوام قضاها في لبنان، فإن موقفه استلزم قراءة معارِضة، لم تخلُ من الترحيب بـ«الخطوة الممتازة» التي هي مطلب المعارضة منذ نهاية عدوان تموز، ومن التحذير، في الوقت عينه، من إمكان أن يكون الاقتراح المفاجئ بمثابة «طعم ما» لإمرار مصالح مؤقتة.
فبعيداً عن «المبالغة» في البناء على موقف بيدرسن وكلامه «اللافت»، ذكّر أمين سرّ تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان بأنه «عندما يصل الوضع إلى أزمة خانقة تشلّ المؤسّسات، في كل الأنظمة، فإن الحلّ الوحيد يكون بإجراء انتخابات نيابية مبكرة تعيد ترتيب الموازين وتخرق الدائرة المغلقة للأزمة»، لافتاً إلى أن هذا الاقتراح «جديّ ووارد، ولو بعيداً عن الصخب الإعلامي».
ونفى أن يكون موقف بيدرسن بمثابة نعي لإعلان القاهرة، بل «ربما يكون تمهيداً لفتح آفاق جديدة قد تستفيد منها أي مبادرة». ولا يتردّد كنعان في وضع هذا الموقف في إطار «إدراك المجتمع الدولي لحقيقة تبلور الرؤية اللبنانية مع تكوين سلطة ديموقراطية»، مستشرفاً إمكان «انتقال هذا الإدراك إلى سائر الأطراف المعنيين بالملف اللبناني».
وتتلاقى قراءة عضو اللقاء الوطني خلدون الشريف مع قراءة كنعان لجهة استبعاد أن يكون كلام بيدرسن نعياً للمبادرة العربية، فـ«قد يكون بمثابة ضغط دولي لإمرار مبادرة موسى ومصالح مؤقتة»، عبر رمي طعم يستهدف «تقديم وعد مسبق للمعارضة، لإقناعها بالتخلّي عن مبدأ المشاركة، والقبول بالتشكيلة الحكومية وفق صيغة 17/13/10»، ولكن «إذا كان بيدرسن قد توصّل إلى خلاصة مفادها أن الأزمة لا تحلّ إلا بانتخابات مبكرة، فإن هذا يكون ممتازاً».
وفي معزل عن كون قرار إجراء الانتخابات المبكرة «أمراً وفاقياً» يستوجب حلاً سياسياً، وفق قراءة مصدر سياسي بارز، ذكّر عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الحاج حسن بأن هذا الأمر «مطلب قديم، لطالما نادت به المعارضة ورفضته قوى 14 شباط»، مشيراً إلى أن الكرة هي في ملعب الفريق الآخر، فـ«هل يوافق أوصياؤه؟». وجاء الردّ على لسان أحد نواب المستقبل الذي أعلن أن الانتخابات «ستتمّ في موعدها»، لأن «لا مجال تقنياً للحديث عن هذا الموضوع حالياً»، ولكن إذا أصبحت الظروف مؤاتية فـ«لا مانع من مناقشة الأمر».
يحكم الانتظار الصورة السياسية الداخلية التي لا تزال أسيرة الجمود، وما ستؤدي إليه الجولة الثالثة لموسى في بيروت من تداعيات.