صور ـ أمال خليل
أسس كل من الجامعة الإسلامية ومعهد C&E عهداً جديداً في صور، فبُثت روح الحيوية المحلية فيها مجدداً، بعدما كانت المدينة تعرفها في فصل الصيف فحسب. فالطلاب الذين ينحدر معظمهم من طبقات اجتماعية متوسطة فما فوق، استعادوا «صورية» المدينة بعدما ضاهتها الجنسيات المتعددة وباتوا يشاركون جنود اليونيفيل في مقاهي المدينة وأسواقها وشوارعها التي تتزاحم فيها الآليات العسكرية البيضاء وسيارات المعجبين الذين «يجرّبون حظهم» بين الطالبات.

لا يشعر أدونيس أطاميان (25 عاماً) بأنه المسيحي الوحيد في الجامعة الإسلامية في لبنان ـــــ مبنى صور، أو الطالب الأرمني الأوحد في الجنوب. فالجامعة «الحل» كما يصفها «لا يحطّمها اسمها الذي يقطع على البعض الطريق إليها، لأنه لا إسلام مفروضاً على المسلمين وسواهم بل إنها «صور» صغيرة لما تجمعه من منوعات ثقافية وشكلية. ويكفي أدونيس ومعه 250 طالباً انتسبوا إلى الجامعة، أنها أنهت «غربتي البيروتية الإجبارية لتحصيل دراستي الجامعية، وأعادتني إلى رحاب أهلي ومكاني حيث نشأت، وأعفتني من أعباء المشوار اليومي المادية والمعنوية».
مبنى الجامعة الذي أقيم في الأساس بإيعاز من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ليصبح حوزة دينية ومركز الإمام موسى الصدر للدراسات قبل أن يحوّله المجلس إلى جامعة، يقع بمحاذاة البحر على جادة الرئيس نبيه بري أو شارع الاستراحة المكتظ بالمطاعم والمقاهي والفنادق وبكل شيء قد يصرف اهتمام الطلاب عن التركيز في متابعة المحاضرات في قاعاتها المطلّة على البحر، على حد تعبير الطالب أحمد رحال. لكن الإدارة الأكاديمية في الجامعة تعيد أحمد وسواه إلى سكّة الدراسة لنجاحهم الذي من خلاله تنجح تجربة الفرع في صور الذي لم يفتتح سوى كلية إدارة الأعمال في عامه الأول لقلّة عدد المسجّلين. الصرامة المبالغ فيها، برأي الطلاب، لا تجعلهم يشعرون بأنهم انتقلوا إلى المرحلة الجامعية بل يستكملون صفاً آخر في المدرسة، وخصوصاً أنّ الدوام الطويل لا يسمح بالجمع بين العلم والعمل الذي يقوم به عشرات الطلاب على غرار نظام التعليم الأميركي المعتمد في معهد C&E الذي يبعد عشرات الأمتار، وهو ما أجبر القادرين منهم على ترك عملهم فيما يخشى البعض الآخر أن يضطر لأن يضحّي بالعلم في مقابل العمل مثل علي آراج (22 عاماً) الذي لا يستطيع التنسيق بين مواعيد الجامعة وعمله في الطرش.
من جهتها، تجد خديجة مديحلي أسباباً كثيرة للفرح في صور، فقد أصبحت فتاة جامعية حرة في تنقلاتها وأوقاتها، وإن كان حلم بيروت البعيدة يراودها. صور «لا تشكو من شيء»، بل إنها تمثل عالماً آخر مقارنة ببلدة المنصوري حيث تسكن، رغم أنها تبعد كيلومترات قليلة فقط، أقلّه أنه بإمكانها أن تستمتع بالبحر المجاور والكورنيش المفتوح على كل شيء.
ما أوّله شرط آخره نور. لكن إدارة الجامعة الإسلامية في صور فرضت على الطلاب حظر النشاطات ذات الطابع الحزبي والسياسي داخل حرمها تحسباً لتداعيات من شأنها خلق انقسامات بينهم، علماً بأنه لا ممنوعات سياسية حادة تسجّل بينهم. ويعمل الطلاب المنتمون إلى «حركة أمل» على كسب «معركة حرية التعبير في الجامعة عبر سماح إدارتها بتأليف شعبة حزبية فيها تنظّم نشاطات متعددة».