ماريانا يزبك
أحجية تدجين البندورة أبقت علماء النبات مشغولين لعقود، إلى أن توصلوا بعد أدلة عديدة، منها انتشار الأصناف البرية للبندورة، تنوع الأصناف المحلية، وحتى ذكرها في المخطوطات القديمة، إلى أنها نشأت وتدجنت في أميركا الجنوبية والوسطى، ولم يعرفها العالم القديم حتى أول القرن السادس عشر مع «الاستكشاف» الإسباني. فعندها عرفها الإيطاليون بـ«التفاح الذهبي»، ما يعني أن البندورة الأولى لتصل إلى أوروبا كانت صفراء اللون! أما الفرنسيون فقد عرفوها بـ«تفاح الحب»، لاعتقادهم بأن لها خصائص مثيرة للشهوة الجنسية. ولكن طريق البندورة في أوروبا لم تكن سهلة. فعلماء النبات الأوروبيون، تعاملوا معها بحذر على مدى قرن كامل، إذ ربطوا هذه النبتة بأقربائها المنتشرة أصلاً في العالم القديم وبكثرة في منطقتنا، والتي عرفت بالخصائص السامة. وأشهر هذه النباتات هي عنب الدب ونبات آخر معروف بوصفه مخدراً، وهو منتشر في منطقة المتوسط، هو نبات البنج. أما الأكثر خطورة، فهو الأتروبا بلادونا، الذي يستخرج منه الأتروبين الذي يستعمله أطباء العيون لتمديد البؤبؤ، والذي قد يسبب الشلل. اجتهد المزارعون على مدى آلاف السنين لتخليص البندورة من مزاياها السامة عبر انتقاء أصنافها، فنجحوا في ذلك.