strong>من خلال شاشة عملاقة، أطلّ الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله على جموع المشيّعين، مباركاً لـ«الحاج رضوان» الوسام، وهو الذي «كان يصنع النصر ويطلب الشهادة، وأخيراً وصل»، ومعزّياً والديه اللذين أسّسا بيتاً «كان كله جهاداً... واليوم، بات كله شهادة»
وعد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بـ«إنصاف» الشهيد في الأيام الآتية، بسبب ضيق الوقت و«الأحبّة في الانتظار»، مختصراً موقف «حزب الله» من عملية اغتيال الشهيد عماد مغنيّة ببعث الرسائل، وعلى «مسامع العالم كله»، في أكثر من اتجاه.
الرسالة الأولى كانت باتجاه الصهاينة الذين يرون في استشهاد مغنيّة «إنجازاً كبيراً»، قائلاً: «نحن نرى فيه بشارة عظيمة بالنصر الآتي والحاسم والنهائي، لنتذكر قليلاً، هكذا كانت الحال مع الشيخ راغب. قتلوه، فتصاعدت المقاومة، وخرجت إسرائيل من العاصمة، من الجبل، من البقاع الغربي، من أغلب الجنوب، باستثناء الشريط المحتل... وهكذا كانت الحال مع القائد الشهيد السيد عباس الموسوي، قتلوه وظنّوا أن المقاومة ستنهار في قتله، فتصاعدت ورسمت خطها البياني التصاعدي. وبعد سنوات قليلة، خرجت إسرائيل مهزومة ذليلة مدحورة في عام 2000 بفعل دمه وبفعل المقاومة التي حملت اسم عباس الموسوي، لا بفعل القرارات الدولية ولا المجتمع الدولي».
وإذ أشار إلى أن «حرب تموز ذات الصلة الوثيقة بعماد مغنيّة ما زالت مستمرة، سياسياً وإعلامياً ومادياً وأمنياً، ومدعومة من الدول نفسها»، اختصر رسالته الأولى بالقول: «فليكتب العالم كله، وعلى مسؤوليتي، يجب أن نؤرّخ لمرحلة بدء سقوط دولة إسرائيل»، مضيفاً «إذا كان دم الشيخ راغب أخرجهم من أغلب الأرض اللبنانية، وإذا كان دم السيد عباس أخرجهم من الشريط الحدودي المحتل، باستثناء مزارع شبعا، فإنّ دم عماد مغنية سيخرجهم من الوجود».
واستشهد بكلام لمؤسس إسرائيل بن غوريون حين قال: إنّ إسرائيل تسقط بعد خسارة أول حرب، وقد خاضت إسرائيل حربها في تموز 2006. وكبار القادة الاستراتيجيين في إسرائيل سموها الحرب الأولى، وقد أجمعت إسرائيل بِيَمينها ويسارها وَبِمُتَطَرِّفيها ومُتطَرِّفي مُتَطَرِّفيها على أنّها خسرت الحرب...
وقال في رسالته الثانية: «ليطمئن كل المحبين والقلقين، وليعرف العدو أنّه ارتكب حماقة كبيرة جداً، فأنا بين يدي الحاج عماد وأمام إخوانه الذين يعرفون كل الحقائق. أقول للصديق وللعدو: لا وهن ولا ضعف ولا خلل في جسد المقاومة، إخوة عماد مغنية سيواصلون طريقه ومشروعه وجهاده، ودم الحاج رضوان سيزيدنا قوة وتماسكاً ووحدة وصلابة وحافزاً لمواصلة الطريق بأفق أوسع وأكبر. في هذه النقطة، أودّ أن أقول للعدو قبل الصديق إنّ الحاج عماد أنجز مع إخوانه كل عمله، وهو اليوم إذ يرحل شهيداً لم يبقِ خلفه إلا القليل مما يجب القيام به. منذ انتهاء حرب تموز في 14 آب بدأنا نعدّ ليوم آخر، ليوم نعرف فيه أنّ إسرائيل ذات الطبيعة العدوانية ستعتدي على لبنان وتشن حروباً أخرى عليه وعلى المنطقة، وهذا ما أوصى به فينوغراد نفسه، ولكن نحن منذ 14 آب كان المهجرون يعودون، ولكنّ الذين كانوا يقاتلون بدأوا منذ اليوم الأول يستعدون لحرب قد تكون قادمة. وما تَوَعَّدْتُ به في السابق فهو ليس عن المستقبل فهو قد أنجز، أنجزه الحاج عماد وإخوانه».
وأضاف: «اليوم حزب الله والمقاومة الإسلامية في أتم الجهوزية لمواجهة أي عدوان محتمل. وأنا أقول أي عدوان على لبنان وأي حرب على لبنان. في الماضي تحدثت عن الصواريخ، لكنني اليوم سأتحدث عن الشباب لأنّه بين يدينا قائد هؤلاء الشباب وواحد من كبار قادتهم. فينوغراد يقول: «إنّ عدواً من آلاف المقاتلين صمدوا لعدة أسابيع أمام جيش إسرائيل»، ويعترف بالهزيمة. اليوم بعد أن قتلوا الحاج عماد فليسمعوني جيداً: في أي حرب مقبلة لن ينتظركم عماد مغنية واحد ولا عدة آلاف من المقاتلين، لقد ترك لكم عماد مغنية خلفه عشرات الآلاف من المقاتلين المدربين المجهزين الحاضرين للشهادة».
وانتقل إلى رسالته الثالثة حيث قال: «للعدو لأننا لا نغدر، وللصديق طلباً للعذر، أقول لقد قتل الصهاينة الحاج عماد مغنية في دمشق، وكل معطياتنا الميدانية والتحقيقية حتى الآن تؤكد هذا الأمر، وقد تعاطى الإسرائيليون مع المسألة بتلميح أقوى من التصريح في تحملهم لمسؤولية الاغتيال، أقول لهم لقد قتلتم الحاج عماد خارج الأرض الطبيعية للمعركة، نحن وإيّاكم كانت معركتنا وما زالت على أرضنا اللبنانية، لقد اجتزتم الحدود، لن أتكلم الآن كثيراً ولكنني سأستعير عبارة واحدة من حرب تموز عندما خاطبتكم في المرة الأولى وقلت لكم: أيّها الصهاينة إن أردتموها حرباً مفتوحة فلتكن حرباً مفتوحة ووعدت المؤمنين بالنصر. اليوم كلمة واحدة فقط، أمام هذا القتل في الزمان والمكان والأسلوب، أيّها الصهاينة إن كنتم تريدون هذا النوع من الحرب المفتوحة فليسمع العالم كله: فلتكن هذه الحرب المفتوحة. نحن نملك كما كل البشر حقاً مقدساً في الدفاع عن النفس، وكلّ ما يؤدي هذا الحق في الدفاع عن بلدنا وإخواننا وقادتنا وشعبنا سنقوم به».
وفي الرسالة الرابعة، توجه إلى الداخل اللبناني قائلاً: في ذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كنا نوّد أن تجمع الشهادة بين الساحات، ولكن يشاء البعض أن يحوّل المناسبة دائماً إلى حفلة شتائم وسباب واتهامات لا طائل منها، ولا يكفي أن يتناوب الخطباء على الشتم لتنتهي حفلة الشتم بيد ممدودة. اليد الممدودة عندما نرى أنها صادقة لن تجد منا إلا يداً ممدودة، ولكني أربأ بمناسبة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأربأ بمناسبة هذا التشييع لقائد كبير من قادتنا في المقاومة، أن أرد على حفلة الشتائم هذه، ولكن في الاختصار أيضاً أكتفي بكلمة واحدة: لبنان الذي قدمنا على أرضه أغلى قادتنا وأزكى علمائنا وأحب إخواننا وأبنائنا ونسائنا وأطفالنا شهداء، لبنان هذا لن يكون إسرائيلياً في يوم من الأيام، ولن يكون موطئاً للصهاينة، ولبنان هذا لن يكون أميركياً في يوم من الأيام ، لبنان هذا لن يقسّم، ولبنان هذا لن يفدرل، ومن يطلب الطلاق فليرحل من هذا البيت، فليذهب إلى أسياده في واشنطن وفي تل أبيب. لبنان هذا سيبقى بلداً للوحدة الوطنية والعيش المشترك والسلم الأهلي، ورغم أنوف الأقزام بلداً للمقاومة وبلداً للانتصار وبلداً للكرامة الوطنية.
وتابع: أقول بكلمة مختصرة، برغم إرادة أولئك الذين يستدعون الجيوش للحرب على لبنان وسوريا لأنهم أصغر من أن يشنوا حرباً، وبالرغم من أولئك الذين يستدعون الفتنة في الليل والنهار، لبنان هذا باق باق بلداً للوحدة وبلداً للكرامة وبلداً للشهامة وبلداً للسيادة وبلداً للعزة، ولذلك كان دائماً وأبداً يستحق الشهداء من قامات عباس الموسوي وراغب حرب وعماد مغنية ورفيق الحريري.