نادر فوز
أشعلت الخطابات النارية أحياء بيروت، متخطّيةً هدفها الأساسي في تعبئة الجماهير ودفع الحشود إلى المشاركة في التحركات التي كان آخرها ذكرى 14 شباط. بين الرشقات النارية وظهور القنّاصين ورمي الحجارة والاستعانة بالعصيّ، يزداد التوّتر في شوارع العاصمة ويتنقّل في المناطق اللبنانية المختلفة، وأبرزها الضنيّة والشوف. وتُسقط الأحداث الأخيرة نظرية وجود طابور خامس يفتعل المشكلات، لتظهر إلى العلن مؤشرات الاعتداءات ذات الطابع المذهبي قبل أي اختلاف سياسي.
وفيما يستمرّ الهدوء الحذر في بعض الأحياء، وتبرز مظاهر مسلّحة في أخرى، يرى نائب سابق ومعارض حاليّ أنّ بعض الجهات المحلية «على رأسها تيّار المستقبل، اتّخذت قراراً واضحاً بإشعال فتيل الانفجار الداخلي عبر تنظيمها بعض الميليشيات ونشرها في أحياء حسّاسة من بيروت». وأعرب النائب السابق عن خشيته «من توسّع هذه الأحداث إلى كل الأحياء غير المصبوغة بمذهب معيّن»، مشيراً إلى وجود حالات من «التهجير الضمني لبعض المواطنين من عدد من المناطق».
ووضعت الشخصية المعارضة خطة قوى الأكثرية ضمن إطار وضع المزيد من الضغوط على حزب الله، «المرافقة للهجمة الإسرائلية والأميركية عليه بهدف الوصول إلى تسوية سريعة في لبنان تضع حداً للخسائر السياسية المستمرّة للسلطة». ولم يخفِ النائب السابق تخوّفه من أن توصل هذه الضغوط والممارسات الجارية بحق الحزب، «وبعض القوى الممانعة للمشروع الأميركي»، إلى تحويل الشوارع إلى ساحات قتال ضارية «ستكون أفظع من الحروب الداخلية التي شهدها لبنان ابتداءً من العام 1975» إذا لم يحافظ الحزب على قراره بتوحيد البندقية والعداء الوحيد لإسرائيل.
ويؤكد مسؤول العلاقات السياسية في التيّار الوطني الحرّ، جبران باسيل، أنّ توتّرات الوضع الأمني ترجمة واضحة لـ«الكلام السياسي والهجوم الكلامي الذي ظهر خلال الأسبوع الفائت قبل ذكرى 14 شباط».
ورأى باسيل أنّ السلطة، بهذه الممارسات، تسعى إلى تنفيذ التصريحات الصادرة من الخارج، و«هو تعبير عن رفض للمبادرة العربية عبر الدعوة للانتخاب الفوري لرئيس للجمهورية وتأكيد الدعم الخارجي لحكومة السنيورة»، مشيراً إلى أنّ الأمر تخلٍّ عن مفهوم السلّة المتكاملة التي ستؤمّن الاستقرار.
ويشدّد عضو اللقاء الوطني، خلدون الشريف، على أنّ المعارضة لم تتّخذ أي قرار بإفلات الوضع الأمني، لكن «هناك قرار طبيعي بمنع الأذيّة عن أنفسنا». وتوقّع الشريف أن تزداد الضغوط على كل الجبهات والأصعدة، مشيراً إلى ضرورة فهم الحوادث الداخلية من خلال المشهد الاقليمي العام، «حيث ثمّة ضغوط اقتصادية ومالية على كل من إيران وسوريا، وحصار على غزّة، ومحاولة حصار حزب الله وتوصيفه كقوّة مارقة في الداخل اللبناني».
ولفت الشريف إلى أنّ لبنان، كسائر البلدان المحيطة، سيعيش بتصاعد أخطر درجات الضغوط لإسقاط مشروع الممانعة العربية، في الداخل والخارج.
أما رئيس مجلس قيادة حركة التوحيد وعضو جبهة العمل الإسلامي، الشيخ هاشم منقارة، فوصف الأحداث الأخيرة بـ«الأقرب إلى الحادثة العابرة، ولا قرار سياسياً من أي طرف بافتعالها»، مشيراً إلى أنه ليس من مصلحة القيادات السياسية الكبرى إفلات السيطرة على الأمن.