strong>رغم انتقال ملف التحقيق في أحداث مار مخايل إلى المرحلة الثانية من العملية القضائية، لا تزال قضية توقيف القاصرين من دون أي مساءلة، مع أن ذوي عدد منهم يؤكدون تعرّض أبنائهم للإساءة، مما يعدّ مخالفة لقانون حماية الأحداث
بعد تنحّي قاضي التحقيق العسكري سميح الحاج عن ملف أحداث مار مخايل، وتعيين قاضي التحقيق العسكري الأول رشيد مزهر للنظر في هذه القضية، من المنتظر أن ينهي الأخير قراءته للملف لبدء النظر في هذه القضية، التي يُجمع عدد كبير من القضاة على أنها الأكثر أهمية في كل القضايا المحالة على المحكمة العسكرية منذ شبكة محمود رافع المتهمة بالتعامل مع العدو الإسرائيلي. لكن ختم التحقيقات الأولية في هذه القضية لم ينهِ كل ما يتّصل بها. فقد ذكرت مصادر قضائية لـ«الأخبار» أن التحقيق العملاني أو الداخلي الذي أجراه الجيش إثر أحداث مار مخايل لم يشمل سوى ما حصل على الأرض خلال إطلاق النار وقبله وبعده، من دون أن يشمل التحقيق الإجراءات التي اتخذها عناصر من الجيش خلال توقيف عدد من المدنيين في منطقة مار مخايل، أو خلال التحقيق معهم لاحقاً، علماً بأن التحقيق العملاني لم يشمل ضباطاً أرفع من قائد فوج التدخل الخامس الذي كان منتشراً في المنطقة التي وقعت فيها الجريمة.
وفي هذا السياق، لم تتخذ قيادة الجيش أي إجراءات للتحقق مما ذكره عدد من أهالي القاصرين الذين حققت معهم الشرطة العسكرية بعد توقيفهم يوم أحداث مار مخايل، والذين يبلغ عددهم خمسة، وأفرج عنهم يوم الثاني من شباط بحسب ما ذكر التقرير الذي أصدرته النيابة العامة في التاريخ المذكور.
وكان عدد من أهالي القاصرين الخمسة قد كشفوا لـ«الأخبار» أن أبناءهم تعرضوا للإهانة وتعرية بعض الفتيان منهم أمام المسجونين الآخرين، فضلاً عن مخالفات قانونية تتمثل في عدم الاتصال ببعض الأهالي لإبلاغهم أن أبناءهم موقوفون، وعدم حضور مندوب اجتماعي للتحقيق الذي أجري معهم، خلافاً للمادة 34 من القانون الرقم 422 الصادر عام 2002 (قانون حماية الأحداث المخالفين للقانون والمعرضين للخطر)، التي تنص على وجوب أن يُعلِم المسؤول عن التحقيق مع الحدث فوراً «أهله أو أولياءه أو المسؤولين عنه، إذا كان ذلك متيسراً، وأن يتصل فوراً بالمندوب الاجتماعي المعتمد ويدعوه إلى حضور التحقيق». إضافة إلى ما ذُكِر، قال عدد من أهالي القاصرين الخمسة لـ«الأخبار» إن أبناءهم سُجنوا مع أشخاص راشدين، علماً بأن الفقرة الثالثة من المادة الثانية من القانون المذكور تنص صراحة على عدم جواز هذا الأمر. وبعد نشر «الأخبار» في عددها الصادر يوم 2 شباط 2007 خبر توقيف القاصرين، الذي نقلت فيه عن ذوي أحدهم تعرّضهم للإهانة والإساءة، ذكر مصدر قضائي لـ«الأخبار» أن الشرطة العسكرية نفت أن يكون هذا الأمر قد حصل أثناء التحقيق مع القاصرين. من ناحية أخرى، ذكر مصدر في قيادة الجيش أن ما تحدّثت عنه العائلات «لا يحصل في الجيش»، ولذلك، فهو «لا يستحق الرد عليه».
بالمقابل، عاود ذوو ثلاثة من القاصرين الذين كانوا موقوفين التأكيد لـ«الأخبار» ما تحدّثوا عنه سابقاً، نافين في حديث سابق أن يكون أحد من الأفراد الراشدين في العائلات قد حضر التحقيقات التي أجراها محققو الشرطة العسكرية مع الأحداث. وأكّد أحدهم أنه لم يوقِّع حتى على محضر التحقيق مع الحدث، بل وقّّع فقط على سند التعهد الذي أطلق سراح القاصرين بموجبه. كما أكّدت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» أن أي مندوب اجتماعي لم يحضر أياً من مراحل التحقيق مع القاصرين.
ورغم ما ذُكِر، لم تفتح أي سلطة تحقيقاً جدياً في القضية للتحقق مما إذا كانت الشرطة العسكرية في الجيش قد خالفت القانون خلال سماعها لإفادات القاصرين. كما أن أي جهة قضائية أو عسكرية، لم تستدعِ القاصرين وذويهم للاستماع إلى إفاداتهم، وللتحقق مما إذا كانوا على استعداد لذكره على صفحات «الأخبار» مع ذكر أسمائهم، وهو ما لم تفعله «الأخبار» التزاماً منها بما تنص عليه القوانين، وخاصة قانون حماية الأحداث المعرّضين للخطر.
(الأخبار)