البقاع ـ أسامة القادري
غداة جريمة قتل الصراف أحمد الخطيب وسلبه في محلة المصنع، وبعد أشهر على الحادثة، شرع الصرافون عند المنطقة الحدودية باتخاذ التدابير الوقائية لتحقيق أمنهم الذاتي، بغية درء أي عملية سلب قد تعاد في ظل الأوضاع الأمنية الصعبة التي يمر بها لبنان. ويجري ذلك في ظل غياب شبه كلي للدوريات الأمنية السيّارة على خط بر الياس ـــــ المصنع، حيث تنتشر المحالّ التجارية ومكاتب الصيرفة.
الصراف محمد ياسين أصيب منذ سنة بطلق ناري عندما تعرض لعملية سلب كادت أن تودي بحياته، أثناء عودته إلى منزله ليلاً. يقول ياسين: «بعد مقتل زميلنا تشددت بتأمين سلامتي وأمني، فوضعت حارساً شخصياً أمام المحل يحرسني أثناء نقل الأموال، بالإضافة إلى زيادة الموظفين في المحل، فضلاً عن كاميرات المراقبة في الداخل والخارج».
ولأن تكاليف التدابير الوقائية باهظة، تشارك الصراف محمد حمود وجاره بتوظيف حارس أمني يدفعان أجرته مناصفة. ورغم تركيب حمود لكاميرات مراقبة، إلا أن «الحاجة لها أكبر، فهي لا تمنع الجريمة، بل هي أداة لكشفها». ويعترض حمود على صيغة رخص السلاح «اقتناءً وحيازة» التي أجيزت له لكونه صرافاً من دون ذكر «حملها»، الأمر الذي يسبب له إرباكاً مع عناصر الأمن أثناء نقله للأموال، «ما يضطرنا إلى استخدام شركات نقل الأموال».
بدورهم، يقول زملاء الصراف إبراهيم عبد الهادي إنه أول من اتخذ التدابير الوقائية، إن من جهة نوافذ الزجاج «المصفح» أو الكاميرات التي تسجل على مدار الساعة ليلاً ونهاراً، أو عبر زيادة العاملين معه. وهو اتخذ هذه الإجراءات بعد مقتل زميله الخطيب ويراها «خيراً من أن لا تأتي أبداً» لكونها من الضرورات. لكن عبد الهادي يشتكي أيضاً من التأخير في تسليمه رخصة حمل السلاح وحيازته، إذ لا أحد من الأشخاص قبل العمل معه حارساً من دون رخصة حمل سلاح. أما محمد منصور فيسلّم أمره لله، مشيراً إلى أن إجراءاته اقتصرت على تغيير أوقات عمله، اذ أصبح يداوم في مكتبه من الساعة التاسعة صباحاً بدلاً من السادسة، ويقفل عند الثالثة عصراً بدل الثامنة أو التاسعة مساءً.
من جهته، يشرح محمد العجمي التكاليف الباهظة لعملية «الحيطة والحذر» التي اتخذها داخل العمل وخارجه. ويقارن أيضاً لجهة دوام عمله عندما كان الجيش منتشراً أثناء نهاية ولاية رئيس الجمهورية وبعد تخفيف الجيش انتشاره ويقول: «عندما كان الجيش منتشراً، كنا نفتح منذ ساعات الصباح الأولى حتى ساعات متأخرة من الليل مطمئنين، أما اليوم فإننا نقفل باكراً قبل الغروب».
ولدى سؤالنا محمد نسبين، الصراف العتيق، عن إجراءاته الاحترازية، علق قائلاً إن حادثة قتل الخطيب ومحاولة قتل ياسين ذكرتاه بأيام الحرب الأهلية عندما كان الصرافون ينقلون الأموال من البقاع إلى بيروت، «كنا أهدافاً مطموعاً فيها من الميليشيات، فنضطر لاستخدام سيارتين. إلا أنه رغم ذلك، تعرضنا مراراً للسلب بقوة السلاح».