149;اغتياله عملية استباقية لحرب شاملة ونحن مستعدون للمواجهة وصنع نصر جديد أكد الأمين العام لحزب الله أن صواريخ المقاومة تطال كل الداخل الإسرائيلي،وحذّر العدو من أن نتيجة أي عدوان بري على لبنان، ستكون انهيار جيشه، مقسماً على الثأر للشهيد عماد مغنية «في الزمان والمكان اللذين نختارهما»

غادر مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية السفير هشام يوسف، بيروت عائداً الى القاهرة، تاركاً أمر عودته وعمرو موسى الى لبنان للأمل بذلك، بعدما لفت الى أن «الفجوات ما زالت كبيرة»، وأكد أن المبادرة «مستمرة» والجهود «ستستمر».
في هذا الوقت، انشغلت الساحة السياسية بـ«نصيحة» السعودية لرعاياها والتهديد للسفارة الكويتية، فتوقف الرئيس سليم الحص أمام الحذر الذي أبدته السعودية والكويت حيال زيارة مواطنيهما للبنان، راجياً «أن تكون دواعي الحذر عارضة جداً، فلا تستمر طويلاً».
فيما اتصل الرئيس نجيب ميقاتي بالسفير الكويتي عبد العال القناعي الذي عاد أمس الى بيروت، مستنكراً، وزار السفير السعودي عبد العزيز خوجة مستوضحاً النصيحة للرعايا السعوديين، ومسلماً رسالة الى الملك السعودي يتمنى فيها إعادة النظر في القرار.
وأوفد رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي بزي والمدير العام لشؤون الرئاسة في المجلس علي حمد، الى القناعي، لنقل شجبه واستنكاره للتهديد وتأكيده «مرة أخرى على تقديم كل ما يلزم لحماية السفارة وبعثتها». كما زار موفدا بري السفير السعودي عبد العزيز خوجة.

إدانة واسعة لـ«تهديد السفارة الكويتية»

أما النائب وليد جنبلاط، الذي اتصل بالقناعي مستنكراً التهديد للسفارة، فاتهم «النظام السوري وحلفاءه» باعتماد «سياسة ترهيب وتخويف سفارات وممثليات الدول التي وقفت الى جانب لبنان»، وأن «هذا النظام يسعى جهده قبل القمة العربية للعب كل الأوراق ولا سيما في وجه محور الاعتدال العربي الذي أكد تمسكه بالمحكمة الدولية واستقلال لبنان ونظامه الديموقراطي مقابل محاولات إسقاطه وخطفه نحو مواقع تتناقض مع مرتكزاته التاريخية». كما اتهمه بتعطيل المبادرات، وسأل: «ما هذه المخيلة الخصبة عند الأصيل والوكيل في إنتاج العقبات المصطنعة الواحدة تلو الأخرى بهدف إجهاض كل الحلول؟».
كما اتصل مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني بخوجة والقائم بالأعمال الكويتي طارق الحمد، ورأى في تصريح «أن ترهيب البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية في لبنان، هو لتفريغ علاقة لبنان مع إخوانه العرب وأصدقائه من مقوِّمات علاقاته مع العالم». واتصل بالحمد أيضاً النائبان بطرس حرب وعلي عسيران، فيما اتصل النائب مصطفى هاشم بالقناعي مندداً بـ«التهديد المخابراتي الرخيص». كما استنكر تهديد السفارة، النواب: محمد الحجار، عزام دندشي، هاشم علم الدين وأنور الخليل وعدد من الشخصيات الرسمية والحزبية.
في هذا الوقت، التقى السفير السعودي الوزير مروان حمادة، واستقبل وفداً من الأمانة العامة لقوى 14 آذار، ضم النائبين سمير فرنجية ووائل أبو فاعور ونادر الحريري وميشال مكتف. وقال فرنجية إن الزيارة للتضامن «بعد التهديدات التي تلقتها المملكة في الفترة الأخيرة»، ورأى أن «الرسائل الأمنية» هي «جزء من سياسة التخريب وتهديم الجمهورية اللبنانية التي يقوم بها النظام السوري».
على صعيد آخر، أبرق النائب محمد رعد الى رئيس مجلس الأمة الكويتي جاسم الخرافي، باسم كتلة الوفاء للمقاومة التي تضم 14 نائباً، معرباً عن الشعور «بالحيف والظلم والإساءة التي صدرت عن بعض النواب والوزراء والإعلام في الكويت تجاه قائد كبير من قادة المقاومة الإسلامية في لبنان تم اغتياله على أيدي الموساد الإسرائيلي»، وقال: «لقد انتظرنا موقفاً تضامنياً يدين الإرهاب الصهيوني ولم نكن نتوقع فتح محاكمة غيابية لرجل قائد أعز بجهاده أمة العرب والمسلمين»، مؤكداً أن حزب الله والمقاومة «يحرصان كل الحرص على الأخوة والتضامن العربي، وخصوصاً في مواجهة الكيان الغاصب الفلسطيني ومشروعه التوسعي الذي يهدد أمن المنطقة واستقرارها».
وفي مهرجان حاشد، أقامه حزب الله في الضاحية الجنوبية لمناسبة «أسبوع المقاومة الإسلامية» وذكرى استشهاد السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب ومرور أسبوع على استشهاد عماد مغنية، ألقى السيد حسن نصر الله خطاباً عبر شاشة عملاقة، ذكّر في مستهله بأن الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان مستمرة منذ عام 1948، وقال للمتحدثين عن قرار الحرب والسلم: «أيها المساكين، إن هذا القرار ليس في أيديكم ولو كنتم حكومة، بل هو في يد إسرائيل منذ 1948»، و«إذا كنتم تريدون الحصول عليه وانتزاعه، عليكم أن تكونوا أبطالاً وأسوداً لتنتزعوه من قلب أولمرت وباراك وأسيادهما في واشنطن». وأشار الى أن الامام موسى الصدر «كان يشتري السلاح»، قائلاً لـ«قيادات فريق السلطة: ما دمتم تعتبرون أن فكره لبناني (...) تعالوا لنحتكم الى فكره في مسألة المقاومة والصراع العربي الإسرائيلي وفي الوضع الداخلي».
وأكد أن التحقيق في اغتيال مغنية «مسؤولية سورية بالكامل»، وأن حزب الله يتعاون معه بما لديه من معطيات. وقال إن هذا التحقيق ما زال مستمراً ومتواصلاً «بجدية عالية جداً»، كاشفاً أن ما توافر من معطيات حتى الآن «زاد قناعتنا بمسؤولية إسرائيل عن هذا الاغتيال». ورأى أن «هناك من يريد أن يحرف مسار المسؤولية باتجاه آخر»، مستغرباً التحذيرات الأخيرة لبعض الرعايا العرب والغربيين، وقال: «إذا كان المقصود هو الحذر منا فعدونا وخصمنا وثأرنا عند الإسرائيلي، ونحن لم نوجه اتهاماً لأحد. وإذا كان المقصود هو الخشية أو الحذر ممن قد يدخل على الخط فليعلنوا ذلك وليوضحوه ولا يتركوا الأمور ملتبسة (...) إلا إذا كان هناك أيضاً احتمال آخر لاستغلال هذه المناسبة لدفع الأمور إلى مزيد من التوتر والتشنج مع إسقاط المبادرة العربية للذهاب إلى التدويل».

«زوال إسرائيل نتيجة حتمية قهرية»

وبعدما ذكّر باستراتيجية المقاومة لتحرير الأرض والأسرى والدفاع عن لبنان، جدّد دعم «أي حوار وطني يؤدي إلى استراتيجية دفاع وطني حقيقية تتحمل فيها الدولة واللبنانيون جميعاً، بالفعل مسؤولية الدفاع عن لبنان». وطمأن أعداء إسرائيل و«أصدقاءها والمراهنين عليها»، إلى أن زوالها «نتيجة حتمية قهرية»، بسبب: وجودها الطارئ والغريب، وجودها بفعل الإرادة الدولية والواقع الدولي الذي سيتغير خلال سنوات قليلة، صمود الشعب الفلسطيني 60 عاماً، الواقع الديموغرافي في فلسطين، ممانعة بعض الدول العربية والممانعة الشعبية الشاملة، فقدان الزعامات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، فقدان العقيدة في المجتمع الصهيوني، وسقوط هيبة الجيش الاسرائيلي وقدرة الردع والثقة لديه وثقة الشعب به.
ونبّه الى ان اغتيال مغنية «عملية استباقية لما تحضره إسرائيل للبنان وللمنطقة»، وفي «سياق حرب مفتوحة وشاملة»، كاشفاً عن مخطط للنيل من رؤوس قيادية وجهادية في المقاومة لإفقادها «القدرة على المواجهة وتحقيق النصر». واتهم بعض أحزاب الأكثرية بأنه يروج لكوادره وقياداته «أن هناك حرباً قريبة ستقضي على «حزب الله» والمعارضة، ولذلك نرى أنهم غير مستعجلين وغير مستعدين لأي تسوية سياسية مهما تنازلت المعارضة»، معتبراً القول إن «ما بعد 14 شباط غير ما قبله» يعني «التنصل من كل شيء حصل في المفاوضات والاجتماعات الرباعية»، و«ليقولوا نحن الأكثرية ونريد أن نمشي في خياراتنا، بالنصف + واحد أو بإعادة استكمال الحكومة».

اقتراحان برسم الأكثرية وتهديد للعدو

وحسماً لمسألة الحشود اقترح على الأكثرية: «أن نأخذ مهلة نحن وأنتم لمدة أسبوع أو عشرة أيام، وأنتم تدعون إلى تظاهرة ليس فيها الشهيد رفيق الحريري ونحن ندعو إلى تظاهرة ليس فيها شهيد من عندنا، نتحدث في السياسة ونطرح شعاراً سياسياً وقضية سياسية، ونقوم بالتعداد ونرى من الأكثر، إذا كنتم تقبلون بهذا المقياس للأكثرية فنحن موافقون». كما اقترح الاستعانة بجهة مستقلة وفيلمين عن حشد 14 شباط والحشد في الضاحية الجنوبية يوم العاشر من محرم «ونعد واحداً واحداً ونقيس المسافات في شوارع الضاحية وفي ساحة الشهداء ، إذا أنتم كنتم في ساحة الشهداء «كلكم سوا» في لبنان أكثر، من الذين كانوا في الضاحية في مسيرة يوم العاشر، فأنا أعترف لكم أنكم الأكثرية».
وقال: «إذا كان من حرب جديدة، هم يعلمون أن سلاح الجو لا يستطيع أن يحسم معركة، فقد استخدم أقصى طاقته وجهده وفشل، إذاً رهانهم الباقي على اجتياح بري سريع وواسع لجنوب لبنان. لكن في المقابل (...) نحن مستعدون للمواجهة وللدفاع ولصنع نصر جديد. لن يستطيع أحد لا الصهاينة ولا عملاؤهم أن يحمي كل الجبهة الداخلية (الاسرائيلية)، من صواريخنا». و«المقاومون سيواجهون اي محاولة تقدم بري عند كل واد وطريق وتل. وأقسم لكم، ستحملون دباباتكم وضباطكم وجنودكم وسينهار جيشكم عند أقدام عماد مغنية». وتوعد الإسرائيليين بقتال «لم تشهدوه طوال تاريخكم وسيدمر جيشكم في الجنوب ودباباتكم ايضاً، بقية هيبتكم وبقية ردعكم سيدمران هناك، وتبقى اسرائيل بلا جيش وعندما تصبح اسرائيل بلا جيش فلا تبقى».
وتحدث عن الحق المشروع في الدفاع عن النفس «عندما نُقتل وخصوصاً خارج حدود الوطن لا يمكننا أن نسكت على قتل أحبائنا وأعزتنا، ولا يمكننا ان نسمح للعدو أن يتمادى بقتل قادتنا وأحبائنا صناع النصر والتحرير وحماة الوطن». وانتقد ازدواجية مجلس الأمن والمجتمع الدولي والسلطة اللبنانية «التي تتواطأ علينا وهم يعيشون على فتات موائد عماد مغنية». وعن المحكمة الدولية قال: «اسمحوا لي أن أنزل قليلاً بمستوى الخطاب: المحكمة التي مدّعيها العام في معراب يقول: في حزيران هناك بكاء واصطكاك الأسنان، لأنه هو المدعي العام ويعرف من هم المتهمون، والأحسن من ذلك القاضي في كليمنصو الذي علق المشانق وأصدر الأحكام وشمت بالأمهات والزوجات والبنات. هذه المحكمة ستجلب العدل؟».
وقال: «سندافع عن أنفسنا بالطريقة التي نختارها، وفي الزمان والمكان اللذين نختارهما، نختارهما معاً بقرارنا، ولمن يتحدثون عن القرار الوطني المستقل: نحن بقرارنا الوطني المستقل، بإرادتنا وعزيمتنا وشجاعتنا، سندافع عن أنفسنا ودمائنا». وختم مخاطباً روح الشهيد مغنية: «أقسم بالله أن دمك لن يذهب هدراً».
وسارع رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع، الى الرد، فدعا نصر الله الى مناظرة تلفزيونية و«لنترك اللبنانيين والعرب والعالم بأجمعه يحكمون»، مضيفاً: «إذا كنت ترى أن أكثرية الشعب اللبناني والحكومة وأكثرية الدول العربية ومجلس الأمن والمجتمع الدولي، كلهم على خطأ، فهذا يعني أنك أنت على خطأ».
«قائد الانتصارَين» في عيون سيّد المقاومة

على مسمع العالم كلّه، أطلّ الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله على جمهور المقاومة، ليعرّف للمرّة الأولى بالهويّة الحقيقية للمقاوِم الحاج عماد مغنيّة «قائد الانتصارَين بحق»: انتصار 25 أيار عام 2000، حيث كان «القائد الميداني للتحرير التاريخي»، والانتصار في حرب تموز عام 2006.
و«لإيفاء الشهيد بعض حقّه»، تحدّث نصر الله عن مغنية «قائد عملية الأسر الأولى بعد التحرير، والعملية المعقّدة في أسر (العقيد الإسرائيلي الحنان) تننباوم»، عدا عن كونه «قائد التحضير والجهوزية للدفاع عن لبنان أمام أي حرب محتملة»، منذ عام 2000، فـ«كان يعمل ويصل الليل بالنهار من أجل اليوم الذي يعلم أنّ إسرائيل ستعتدي فيه على لبنان، لأنّه لا حدود لأطماعها، ولأنها ستثأر لذلّها وهزيمتها في أيار عام 2000».
ومن ذاكرة الانتصار في حرب تموز، عندما كان الشهيد عماد «من قادتها الكبار»، وصولاً إلى ما بعد تلك الحرب حيث «بدأ في تقوية عناصر القوة، ومعالجة عناصر الخلل أو الضعف عندنا»، اختصر «السيّد» شهادة
«القائد» بـ: «نعم، لقد رحل الحاج عماد شهيداً، وقد أنجز المهمة. لم يبقَ هناك شيء يحتاج إلى عماد مغنيّة لينجزه. عماد مغنيّة، بخصوصياته وبشخصيته وبروحه المتواضعة ونفسيته المحبّبة وبعقله الألمعي، أنجز ما عليه ورحل، وترك هذه الأمانة الكبيرة، وأصبح عنواناً ورمزاً لمرحلة متقدّمة جداً من مراحل المقاومة وحضورها وتطوّرها وقدرتها على مواجهة الهجوم والعدوان».
وبما يليق بـ«عماد المقاومة» ختم «أبو هادي»: «يا حاج عماد.. أقسم بالله أن دمك لن يذهب هدراً».