المنصورية ـ رندلى جبور
«رشّوا ماي مصلايي وراحوا قبل ما نتجمّع ونطالبهم». هذا جلّ ما فعله موظفو وزارة الأشغال العامة والنقل، أول من أمس، بعدما أقفلوا الطريق الرئيسية في المنصورية الاثنين الماضي بطلب من بلديتها بسبب «شلوق» صخرة بحوالى خمسة أمتار تقريباً، وخطر هبوطها على الطريق العام.
المشكلة اثنتان والخطر مزدوج والهروب و«تسكير الآذان والعيون والطريق» كان حل المسؤولين. وباختصار، فإن الهزات الأرضية التي شهدها لبنان أخيراً وعوامل الطقس والشتاء العاصف أدّت إلى «شلوق» صخرة تمثِّل جزءاً من صخرة أكبر تقوم عليها «بناية يزبك» التي تضم ثلاثين شقة سكنية، أو ثلاثين عائلة مهددة بالخطر منذ أسبوع تقريباً، وعدم تحرك المسؤولين أدى إلى ترك الجزء الأكبر من العائلات شققها «لأن الأولاد خائفون، وكلما سمعوا صوتاً يظنون أن البناية وقعت». أما الذين لازموا منازلهم، فيعيشون في رعب، وخصوصاً أن وزارة الأشغال لم تصدر أي تقرير يحدد الخطر، ولم ترسل جيولوجياً للكشف على الأضرار والنتائج المحتملة.
أما الحل الذي ارتآه المعنيون بإقفال الطريق الحيوية الممتدة من «مؤسسة عبد طحان» حتى مفرق حي البلاطة في المنصورية تفادياً لوقوع الصخرة وتسببها بأضرار جسيمة، فقد ولّد مشكلة أخرى هي تعطيل عمل أكثر من ثمانين مؤسسة ممتدة على طول كيلومترين تقريباً، وتمثّل هذه المؤسسات التجارية، وخصوصاً الغذائية منها، اكتفاءً ذاتياً لسكان المنطقة والمصدر الوحيد لرزق أصحابها وعائلاتهم، والمسؤولية كما العادة يتقاذفها الأطراف.
البلدية ووزارة الأشغال تتبادلان تحمّل المسؤولية. ويتذكر سكان المنصورية حين «شلق» أحد الجدران في المنطقة، فما كان من البلدية إلا أن وضعت عليه لوحة كبيرة كتب عليها «هذا الحائط من اختصاص وزارة الأشغال».
«بقولو كيف حال ولادك... هياهن قدامك»... يقولها أحد سكان البناية «الواقفة ع شوار» المتخوف على أولاده بحرقة، مطالباً «الزعران الحاكمين البلد» بالتحرك. علماً بأن سكان البناية وقّعوا عريضة احتجاجية لتقديمها إلى وزارة الأشغال اليوم، وهددوا وأصحاب المحلات «المتوقفة أشغالهم منذ أسبوع» بالتحرك وحرق الدواليب والتظاهر إذا لم تُجَب مطالبهم المحقة.
والدعم الرسمي الوحيد لسكان المنطقة، كان من عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان الذي عاين المشكلة وطالب وزارة الأشغال بإصدار تقرير مفصل يحدد الحادث وأخطاره والحلول، وإيجاد حل سريع مثل بناء جدران دعم وفتح الطريق، ولو من جانب واحد. واستغرب كيف تترك الحكومة الناس في مثل هذا الخطر لمدة أسبوع ولم تتحرك بعد.
الأطفال خائفون، السكان لا يدركون ماذا عليهم أن يفعلوا، أصحاب المؤسسات عُطِّلوا عن العمل، المارة لم يعد بإمكانهم المرور عبر الطريق الرئيسية للمنصورية، البلدية دعت إلى تجمع احتجاجي لم تشارك فيه، والمسؤولون يتفرجون على وجع الناس ولا يبادرون، وأبناء المنصورية يهددون بتحرك جاد لأن الخطر مزدوج والخطأ كذلك.