غسان سعود
بكثير من الفخر يتحدث أهل الصيفي عن استثنائية مميزة يتمتع بها رئيس الكتائب أمين الجميّل الذي فقد العام الماضي نجله الأكبر بيار وصديقه الأقرب أنطوان غانم، وخسر الانتخابات الفرعيّة، واضطر إلى مواجهة أطماع الغير الكبيرة بحزبه. لكنه نجح في تخطّي كل هذا، وحقق إنجازين، وفق المقرّبين منه، فملأ فراغ الزعامة على الصعيد المسيحيِّ، واستعاد حزب الكتائب كاملاً على الصعيد الوطني. إنجازان يضيف إليهما أحد شهود الاجتماع الرباعي ظهور الجميّل مفعماً بالحيويّة في هذا الاجتماع، وتقديمه أفكاراً جديدة فاجأت النائب سعد الدين الحريري نفسه.
غير أن هذه «المنجزات» تُعَدّ مجرد وهم في نظر خصوم الجميّل، الذين يسخرون من إشادة البعض بالدور المتقدم للجميّل في صفوف 14 آذار، وانتزاعه المكانة المسيحيّة الأقرب إلى الحريري. ويقول أحد هؤلاء إن الجميّل، الذي سارع إلى عقد مؤتمر صحافي أمس لتبرير ما نشرته بعض وسائل الإعلام عن مناقشات الاجتماع الرباعي، كان الخاسر الأكبر من هذا الاجتماع. إذ بدا كرأس حربة في رفض قانون الـ1960 الانتخابي، وظهر كمتساهل أو مشجّع لعدم حل قضية المهجرين، رغم حساسيّة هذين الملفين مسيحياً. إضافة إلى زلّة إعلانه أن العماد ميشال سليمان هو مرشح المعارضة لا مرشح الموالاة.
وهكذا، يتابع الخصوم، دفع الجميّل، عبر الاجتماع الرباعي، مزيداً من التشويه لصورته. تماماً كما حصل معه في الانتخابات الفرعيّة حين صدّق أن الأكثرية كلها وراءه، وأنّه زعيم المسيحيين الأول، ليتبيّن اليوم، أنه كان الخاسر الوحيد في تلك المعركة، وعنه وحده يصح القول «رئيس جمهوريّة خسر في عقر داره معركة نيابية أمام مرشح مغمور». وفي النتيجة، يقول الخصوم، يتفرج أحد مسؤولي 14 آذار بفرح على الرئيس الجميّل يحترق أكثر فأكثر، ويُعدّ لاستقبال من يزدادون اقتناعاً بضرورة البحث عن زعيم آخر.
أما على الصعيد الحزبي، فالمبالغة بالتفاؤل غير مبررة أيضاً، بحسب بعض الكتائبيين. إذ لم يكن باستطاعة الجميّل القبض على زمام الحزب لولا قرار كريم بقرادوني الاستقالة. وفي رأي هؤلاء، إن الأخير فوجئ بفشله في الحفاظ على حدٍّ أدنى من المحسوبين عليه في المكتب السياسي. ويُقال إنه في طور عقد بعض الاجتماعات الكتائبيّة في منزله كضغط غير مباشر على الجميّل ليعيّن آخر الأوراق الكتائبيّة البقرادونيّة، بيار بعقليني، في موقع نائب الأمين العام للحزب.
فيما يرى البعض، من داخل الحزب وخارجه، أن الجميّل هو اليوم مجرد صورة لحاكم فعلي هو صهر العائلة ميشال مكتّف، الذي أعاد ترتيب بيت الصيفي الداخلي مع الجميّل وفق قاعدة المزايدة على رؤية «المستقبل» السياسيّة، وتحجيم دور سامي الذي عُدّل نظام الحزب ليُسمح له بدخول المكتب السياسي، لكنه آثر الاعتكاف، اعتكاف لن يحيّده عن المحاسبة مستقبلاً بعد تعيين أقرب معاونيه ألبير كوستانيان في المكتب السياسي، في وقت يرى منتقدو أداء الجميّل أن مسرحيّة التزكية في الستمئة منصب الأخيرة مسمار إضافي يغرسه الطامعون في وراثة أو خطف جماهير
الحزب.