حزب الله مرتاح، والأكثريّة مرتبكة. وبرأي مصادر الحزب فإن مجيء المدّمرة الأميركيّة هو إحدى نتائج حرب تمّوز. فهذا إعلان أن إسرائيل لم تعد قادرة على ضبط الوضع عسكرياً. وترى المصادر في الخطوة ضربة أساسيّة لسلاح البحريّة عند العدو. الموالاة تقول شيئاً قريباً من هذا الأمر، وإن كان بلغة مختلفة، إذ يقول نائب تيّار المستقبل الدكتور مصطفى علّوش إن قدوم المدمّرة تعبير عن قرار أميركي بأن تكون جزءاً من المعادلة العسكريّة إذا ما حصل أي صدام عسكري في المنطقة. ويقول أحد قياديي حزب الله، إن لمجيء هذه المدمّرة إيجابيات، أهمّها إعادة الصراع إلى موقعه الطبيعي، ومع الرأس المدبّر لا مع «المحسوبين عليه». ويشير إلى أن حديث الرئيس فؤاد السنيورة عن عدم معرفته بموضوع المدمّرة تعبير عن أن «مَن يعتقد أنّه حليف أميركا، ليس إلا تابعاً لها لا تستشيره في أمر كهذا». ويلفت إلى أن الحديث عن إرسال سفينة برمائيّة هو رسالة أميركيّة للأكثريّة بأنّها على استعداد للتدخّل البرّي.أمّا علّوش، فإنه يرى في وصول المدمّرة تعبيراً عن «وصول السياسة إلى حائط مسدود وكذلك القنوات والنقاشات الخلفيّة بين السوريين والأميركيين». وهو يرفض وصولها، في إطار رفضه لزيادة الإشكالات والتوتّرات في المنطقة، ما يهدّد بالوصول إلى حرب، ويلفت إلى أن الأكثريّة لم تقرّر إصدار بيان بعد إذ هي في طور التشاور، والاستيضاح من الأميركيين عن حقيقة الأمر.
ويرفض القول إن الموالاة تفتح لبنان كساحة لضرب سوريا، «لأننا نرفض أن يكون لبنان ساحة لأحد، إن كان جيشاً سورياً أو أميركياً، أو إيرانياً».
بدوره، يتهكّم أحد السياسيين الأكثريين على البارجة بالقول إنها تقف قبالة السواحل السوريّة لا اللبنانيّة، لأن «الأميركيين ما زالوا يعتبرون منذ 1967 أن لبنان وسوريا دولة واحدة، ومسؤوليّة وزارة الإعلام توضيح الأمر للأميركيين، ولذلك على وزير الإعلام الاستقالة».
ويرى السياسي أن أميركا تمارس عمليّة ضغوط عسكريّة وعقوبات اقتصاديّة، ولا تحضّر لحرب أو لدبلوماسيّة ما. ويلفت إلى أن من رأى «نيوجرسي» تقصف لبنان لن يخاف من مدمّرة تقف قبالة السواحل، ويرى أن وجودها يأتي أيضاً في إطار زيادة الوجود العسكري الأميركي في المنطقة وتطمين إسرائيل في حربها على غزّة واحتمالات ردّ قاسٍ من حزب الله على اغتيال قائده العسكري عماد مغنيّة. ويضيف إن مجيئها هو ممارسة ضغط قبل جلسة 11 آذار على المعارضة وسوريا، وعلى القمّة العربيّة أيضاً. ويلفت إلى موافقة عدّة دول أوروبيّة في ظل تذمّر ألماني بسبب وجود قطع من البحريّة الألمانيّة لحراسة الشواطئ اللبنانيّة ضمن قوّات اليونيفيل، ويأتي هذا التذمّر بسبب خوفها من الخلط بين الدورين.
هذا في السياسة، أمّا في الشارع فقد استطاع الأميركيين أن يعيدوا تحديد بوصلة الكثيرين وخصوصاً الشباب، الذين بدأوا يتحمّسون لفكرة مقاتلة الأميركيين. ربما يجدر بحزب الله شكر الولايات المتّحدة.