149;دعوات الى تحرّكات شعبية تبدأ غداً وإلى «الاستعداد لضرب رأس الأفعى الأميركية»
فتحت بوابة عَسكَرَة الشاطئ، الوضع اللبناني والإقليمي، على احتمالات شتى، أهونها عرض العضلات الأميركية برفع عصا البوارج والمدمرات وأسوأها حرب مفتوحة وفِتَن متجولة تعيد رسم خريطة دول الاعتدال والممانعة على حد سواء


إذا كانت الخطوة الأميركية بإرسال البوارج الأميركية إلى محيط سواحل لبنان، ترافقت مع إجراءات إسرائيلية على الحدود وتضامن فرنسي، ومع عزل لليونيفيل وإحراج علني للسلطة اللبنانية وفريق الموالاة، فإن أولى نتائجها العملية هي إعادة جمع كل القوى والأحزاب التي قاومت تاريخياً الإسرائيليين والأميركيين، تحت شعار واحد هو رفض هذه الخطوة، بل الدعوة إلى مقاومتها بكل الوسائل.
فقد سُجِّلت أمس تحركات إسرائيلية مكثفة على الحدود مع لبنان، شملت جولة ميدانية لوفد من كبار الضباط ترافقت مع تحركات لعشرات الآليات، ما رفع منسوب التوتر على امتداد الخط الحدودي. فيما نفى مسؤولو قوات اليونيفيل علمهم بوصول المدمرة الأميركية، مؤكدين عدم التنسيق معهم «بأي شكل من الأشكال». لكن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال أندرياني، أعلنت أن باريس تبلغت مسبقاً بالقرار، مشيرة إلى أن الإدارة الأميركية قدمته «على أنه إظهار لدعم الاستقرار الإقليمي»، وأضافت أن بلادها تؤيد «كل ما يمكن أن يساعد على الاستقرار في المنطقة».

أحداث غزة والتعطيل والفراغ والمفاجأة

على الصعيد الرسمي، جمع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة سفراء وممثلي الدول العربية المعتمدين في لبنان، وتحدث أمامهم أولاً عن «تعطيل مجلس النواب» والفراغ الرئاسي، ثم عن الأوضاع في غزة، وأخيراً عن «الأنباء عن وصول سفن حربية أميركية»، نافياً وجودها في المياه الإقليمية، وأضاف: «ومن نافل القول إننا لم نستدع أي بوارج حربية من أي جهة كانت»، مكرراً رفض أن يكون لبنان «ساحة لصراعات القوى الإقليمية والدولية»، والتحذير من «خطورة سياسات يلجأ إليها البعض وتؤدي في حقيقة الأمر إلى استخدام لبنان لأغراض خارجية».
ولاحقاً، ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن السنيورة طلب من القائمة بالأعمال الأميركية ميشال سيسون، الحضور إلى السرايا حيث أبلغته «أن السفن الأميركية في شرق المتوسط عادة ما تقوم بتحركات روتينية، وهي موجودة هناك لدعم الاستقرار الإقليمي»، مشيرة إلى وجودها «في المياه الدولية». وترأس مساءً اجتماعاً وزارياً بحث في آخر التطورات والأوضاع العامة.
وفيما أعرب الوزير جان أوغاسبيان في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان»، عن تفاجئه بالأمر، متسائلاً عن أبعاده والمقصود من ورائه، وتناول المفتي محمد رشيد قباني والوزيرة نائلة معوض الأوضاع في غزة، تحدث رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع عن «مواجهة كبيرة جداً يمكن للبعض أن لا يرى بعض معالمها»، مشيراً إلى «أن المعركة محتدمة جداً على صعيد المنطقة ككل».

دعوات إلى تحركات شعبية... والمقاومة

وبرز موقف لرئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية علي الشيخ عمار، الذي أبدى استغرابه لنبأ إرسال السفن، وأعلن رفضه وإدانته له، داعياً الحكومة إلى أن تطلب من أميركا سحب سفنها فوراً، وإلا فإن «القوى الوطنية والإسلامية ستعتبر أن الحكومة فرّطت باستقلال البلد وكرامته وحريته، وستكون لها مواقف حاسمة إزاء ما يعتبر تفريطاً بالثوابت الوطنية».
وإذ ذكّر الرئيس سليم الحص، بنتائج تجارب «أفشل قوة في العالم»، قال: «اليوم تبعث الدولة العظمى بمدمرة فلا تخيفنا، ولن يكون من شأنها سوى تمضية بعض الوقت على شواطئنا تعرض عضلات الدولة العظمى من غير طائل. فالمدمرة لن تصرفنا عن حقوقنا المشروعة وتمسكنا بحريتنا وكرامتنا، ولن تصرفنا عن مقاومة العدوان الصهيوني الذي ترعاه الدولة العظمى ومدمراتها، ولن تصرفنا عن التعاطف مع الشعب الفلسطيني ودعمه في مقاومته أعتى عدوان يتعرض له شعب في تاريخه». كذلك ذكّر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، بما جرى للمارينز والبارجة الإسرائيلية، محذراً أميركا من أن «من يلعب بالنار لا يحرق أصابعه فقط بل يحرق كيانه».
ورأى النائب حسين الحاج حسن أن إرسال المدمرة «تدخّل عسكري»، وأنه «أسقط جميع الأقنعة عن التدخلات الأميركية السياسية والعسكرية في الشأن اللبناني التي حاولت قوى السلطة في لبنان التستر عليها»، مؤكداً أن ذلك «لن يستطيع أن يرهب أو يخيف المعارضة». كما رأى النائب حسن فضل الله أنه «تهديد للاستقرار في لبنان والمنطقة ومحاولة لإثارة التوتر»، و«يثبت وجهة نظر المعارضة في أن مشكلتها لم تكن مع فريق داخلي، بل مع التدخل الأميركي وقد باتت المواجهة مع أصحاب القرار الفعليين في واشنطن».
وتساءل الوزير طلال الساحلي: «هل أفلست الدبلوماسية الأميركية حتى تلجأ الإدارة الأميركية إلى دبلوماسية البوارج والأساطيل؟»، بينما أكد النائب أيوب حميد «أن لبنان تجاوز حدود الخوف من القوة الأميركية وترسانتها، وهم رابطوا في السابق وحاولوا فرض خيارات معينة على لبنان ففشلوا». وقال النائب عبد المجيد صالح: «لا يظنّن البعض أن وجود السلاح الأميركي هو مصدر اطمئنان لنفسه، بل هو بمثابة وقوع السقف على الجميع».
ووضع النائب إبراهيم كنعان إرسال المدمّرة في إطار الضغوط المتبادلة بين الولايات المتحدة وسوريا، معتبراً أن المنطقة دخلت مرحلة الضغوط الجدية وتغيّرت قواعد اللعبة وقد تستخدم فيها أكثر من ورقة ومنطقة لتحقيق مكاسب معينة.

تحذير من استخدام القليعات ومرفأ سلعاتا

ومن النواب السابقين، دعا إميل لحود، المعارضة إلى «التحرك سريعاً تعبيراً عن رفضها لمحاولة هذه الحكومة تحويل لبنان إلى مستعمرة أميركية»، ورأى فيصل الداوود أن المدمرة تأتي لحماية الحكومة «من السقوط أمام شعبها». وحذر ناصر قنديل من اقتراب ساعة التفجير تمهيداً للتقسيم، مشيراً إلى أن الأميركيين لا يأتون للقتال «بل للدعم اللوجستي والقصف المدفعي واستهداف المقاومين»، وقال إن مطار القليعات سيستخدم كمحطة عمليات خاصة للمروحيات الأميركية، ومرفأ سلعاتا «سيكون إحدى نقاط التحميل والتفريغ التي تستخدم لإنزال الأسلحة لحساب القوات اللبنانية، وتكون منطقة الدامور النقطة التي يجري فيها التواصل مع مجموعات وليد جنبلاط وميليشياته».
وفي بيان موجه «إلى أحرار لبنان والعالم»، رأى الحزب الشيوعي أن «التهديد الأميركي الجديد محاولة لإرهاب شعبنا وضرب مقاومته»، داعياً اللبنانيين إلى الوقوف «في وجه هذا العدوان ومقاومة أدواته»، وإلى أوسع تحرك عربي وعالمي «لمنع هذا العدوان»، مطالباً الحكومة باعتبار أميركا «عدوة للبنان وطرد الدبلوماسيين الأميركيين منه». وأعلن اتحاد الشباب الديموقراطي سلسلة نشاطات تبدأ بتحركات عفوية عند الشاطئ، من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، قبل ظهر غد، مشدداً على مقاومة أي تحرك عسكري أميركي.
ولفت الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي فايز شكر، إلى أن إرسال البوارج «يتنافى مع الأعراف والقوانين الدولية ويزيد الأزمة اللبنانية حدة وتعقيداً، ويضع المنطقة بكاملها في حالة من القلق والتوتر». وقال رئيس جبهة العمل الإسلامي فتحي يكن، إن ما يجري يؤكد تصميم العدو «على إنفاذ مؤامرته ولو أدى ذلك إلى إحراق الأخضر واليابس كما صرح جهاراً نهاراً «المندوب السامي الأميركي الصهيوني» في لبنان». ودعا إلى اعتماد «معادلة المقاومة المفتوحة في مواجهة الحرب المفتوحة». بدوره، دعا تجمّع العلماء المسلمين «شباب المقاومة الإسلامية إلى الاستعداد لضرب رأس الأفعى الاميركية إن هي حاولت الدخول إلى مياهنا الإقليمية أو حاولت الاعتداء علينا». وحضّ بيان باسم «حرس المقاومة» على الانتظام «لمواجهة أي عدوان إسرائيلي أو اعتداءات وتدخلات أميركية أو إنزال دولي مرفوض أو انقلاب سلطوي يستهدف نزع سلاح المقاومة».
في النشاط السياسي، استقبل مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله نواف الموسوي القائم بالأعمال الفرنسي أندريه باران مع رئيس دائرة الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية لودفيك بوي والدبلوماسية بريجيت كيرمي، وجرى بحث أوضاع لبنان والمنطقة. وفي الرابية، التقى النائب ميشال عون وفدين من الرابطة المارونية وحزب الطاشناق. وزار النائب بطرس حرب، بكركي، معلناً عن «توجّه جديد سأطرحه قريباً بوجوب الخروج من هذه الدّوامة والحلقة المفرغة التي ندور فيها والعودة إلى الأصول الدستورية».