strong> أنطون الخوري حرب
•مرشّحون ناموا رؤساء واستيقظوا مواطنين ولوائح لم تُحترم

حطم السباق الرئاسي اللبناني الرقم القياسي في ظهور أسماء رئاسية، معظمها وصلت اللقمة إلى فمها قبل أن تحترق أوراقها، وذلك للمرة الأولى منذ استحقاق رئاسة عام 1988، الذي استمر موسم الأسماء فيه طيلة عهد الحكومتين، قبل أن يصبح إلياس الهراوي هو المفاجأة

تعود دينامية السباق الرئاسي، الذي نعيشه اليوم، إلى ما قبل تمديد ولاية الرئيس إميل لحود، حين كان التهويل الدولي على أشدّه بعد الاحتلال الأميركي للعراق، وإقرار قانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان في الكونغرس الأميركي، مما أوحى صعوبة نجاح التمديد الرئاسي للحود، ولا سيما بعد صدور القرار الدولي 1559، فبدأت المطالبة برئيس جديد وحليف لسوريا كالوزراء سليمان فرنجية وجان عبيد وميشال إده، أو مقبول من سوريا، كروبير غانم وفارس بويز، بالإضافة إلى المرشحين التقليديين، نسيب لحود وبطرس حرب. وطويت كل الأسماء بفعل التمديد، إلى أن وقعت جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وانطلقت حملة سياسية جديدة ضد الرئيس لحود بغية إقالته. وفي ذروة الغليان، برز اسم غطاس خوري كمرشح تحدٍ انتقامي من تيار المستقبل، إلى جانب اسم جوني عبده. وبعد انتخابات 2005، بدأ اصطفاف الأسماء الرئاسية يعكس مشهد الاصطفاف السياسي. فمن فريق 14 آذار برز اسم بطرس حرب كمرشح مرحب به لدى أطراف في فريق 8 آذار، ونسيب لحود كمرشح لسعد الحريري ووليد جنبلاط والأميركيين والسعوديين، إضافة إلى روبير غانم كمرشح متميّز عن 14 آذار.
أما فريق 8 آذار، فلم يكن له مرشحون معلنون، فيما سليمان فرنجية الماروني الأقوى في ذلك الفريق لا يطرح نفسه مرشحاً رئاسياً. فبرز اسم ميشال عون مرشحاً جدياً متحالفاً مع ميشال المر وسليمان فرنجية وحزب الطاشناق وإيلي سكاف، ومترئساً أكبر تكتل نيابي مسيحي مستقل.
ثم قذفت تطورات الوضعين السياسي والأمني، في ضوء تزايد الاحتقان على خلفية الاغتيالات والمحكمة الدولية، السباق الرئاسي نحو اسم جديد هو شارل رزق، الذي اختلف لونه السياسي بين رئيس الجمهورية و14 آذار.
وكان ملف المحكمة الدولية وملف التشكيلات القضائية وبقاء رزق في الحكومة هي الطرق التي رسمها وزير العدل للوصول إلى الرئاسة بدعم أكثري ووعد دولي. لكن هذه الملفات نفسها كانت السبب الأساسي في الخلاف بين حزب الله والفريق الأكثري، حيث اتهم الأول الثاني بالانقلاب على البيان الوزاري والحلف الرباعي، ثم أعقب هذا الخلاف توقيع وثيقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر، وبعدها لقاءات التشاور والحوار التي كشفت عن اسم رئاسي جديد في جعبة رئيس مجلس النواب هو جان عبيد المرفوض من الفريق الأكثري، كما أُعيد طرح اسم شارل رزق. ثم بدأت تتردد مقولة الشخصية التوافقية، وأصبح هذا المعيار مدراراً لأسماء مارونية كثيرة في موسم حج دائم إلى بكركي، كدميانوس قطار وميشال إده وبيار دكاش.
ولعبت حرب تموز دور الانقلاب السياسي الذي وحّد فرقاء المعارضة على مطلب التغيير الحكومي الذي يعطي المعارضة الثلث المعطّل في مجلس الوزراء. فبعد تمنّع الأكثرية في جلسات التشاور عن التجاوب مع مطلب المعارضة، انطلق اعتصام الوسط التجاري ليستمر حتى اليوم، حاملاً معه اسم ميشال عون مرشحاً أوحد للمعارضة، واسم قائد الجيش ميشال سليمان مرشحاً توافقياً، بعدما أعلنت بكركي تأييدها له، ليعود بعدها اسمه ويطرح على لسان رئيس الجمهورية كرئيس لحكومة انتقالية. ووسط تفاقم الصراع، طرحت جريمة اغتيال الوزير بيار الجميل اسم والده للرئاسة بشكل محرج للسلطة والمعارضة على حد سواء، كما للبطريركية المارونية، قبل أن يعيد سقوطه في انتخابات المتن الفرعية ترشيحه إلى دائرة الظل.
وبعد تحرك الوساطات العربية والدولية لاتمام الاستحقاق الرئاسي اللبناني، اعتمد فريق 14 آذار نسيب لحود وبطرس حرب مرشحَّين وحيدَين باسمه للتوافق مع المعارضة، مع إبقاء احتمال الانتخاب بالنصف زائداً واحداً الذي ينسجم مع اسم لحود، لكن طرح سعد الحريري لاسم روبير غانم لدى الأميركيين في واشنطن أواخر الصيف الماضي قلب التوقعات، فباتت تتهاوى الأسماء إلى أن أنتجت وساطة وزير الخارجية الفرنسي لائحة أسماء رئاسية لتعرض على الحريري وبري لاختيار أحدها، وتضمنت هذه اللائحة أسماء مرشّحي 14آذار الرسميين، أي لحود وحرب إضافة إلى روبير غانم، واسم عون كمرشح للمعارضة، وأسماء محسوبة على بكركي، كميشال إده ودميانوس قطّار وميشال الخوري. وأثناء التفاوض، انحصرت اللائحة باسمين هما: روبير غانم الذي رفضته المعارضة، وميشال إده الذي رفضته قوى 14 آذار، فسقطت اللائحة ووقع الفراغ الرئاسي في 24 ت2 الماضي.
وبالتلازم مع شغور الرئاسة الأولى وانعقاد مؤتمر أنابوليس الذي أنتج تفاهماً مصرياً ـــــ سورياً ـــــ فرنسياً بقبول أميركي حينها بشأن الاستحقاق الرئاسي اللبناني، طرح اسم ميشال سليمان بقوة، بعدما أعلنت كتلة «المستقبل» موافقتها عليه، وتلتها موافقة عون والمعارضة أيضاً.
وفي ظل هذا الواقع الجديد، تراجعت كل الأسماء الرئاسية لمصلحة قائد الجيش، كما حصل صيف 1988، لكن ترئيس سليمان لم يتحقق، لا بسبب وجود أسماء منافسة له، بل بسبب موقف المعارضة الرافض للاتفاق على أي رئيس في معزل عن الاتفاق على القضايا الاختلافية الكبرى، وأهمها الحكومة وقانون الانتخاب والمجلس الدستوري وصلاحيات الرئيس.
وفي ظل استمرار الاجواء السياسية على حالها مع بداية العام الجديد أصبح كل مرشح أسير وضعه، فانتخاب أي رئيس بالنصف زائداً واحداً أمر غير وارد، وأي مرشح لـ14 آذار لن تقبل به المعارضة، وأي مرشح للمعارضة سترفضه 14 آذار، ومرشحو البطريرك سقطوا، وكذلك مرشح بري، ومن هم خارج دائرة التأييد سيبقون على حالهم.



استهلاك المرشحين

نجح الاستحقاق الرئاسي في سحب نفسه وجرجرتها إلى العام الجديد 2008، واستهلك السباق إلى الرئاسة وعلى الكرسي الماروني الأول 14 مرشحاً رسمياً كل واحد منهم نام ليلة واحدة على الأقل رئيساً للجمهورية ليستفيق في اليوم التالي على سقوط اسمه لحساب آخر.
وتدرجت هذه الأسماء: لحود، حرب، عبده، خوري، رزق، عبيد، غانم، قطار، إدّه، دكاش، الجميّل، عون، وسليمان، أربعة اسماء لفريق 14 آذار (لحود وغانم وعبده وخوري) وثلاثة أسماء للبطريرك صفير (إده وقطار ودكاش) واسم لبري (عبيد) واسم للمعارضة (عون) وثلاثة أسماء خارج دائرة التأييد النيابي (الجميل وحرب ورزق) واسم مقبول من الجميع (سليمان).