رامي زريق
إنها سنة جديدة. النظر إلى الوراء ضرورة للتقدم. في هذا الإطار، يفرض التقويم نفسه: ماذا حقق المواطن اللبناني من مكتسبات خلال العام الفائت؟
نشرت الحكومة في نهاية السنة الماضية بيانات عن إنجازاتها ومشاريعها لعام 2008. وتضمنت الأخيرة كلاماً على مشروع إدخال لبنان في برنامج إصلاحات هيكلية كلاسيكي من الطراز الذي تخلى عنه صندوق النقد الدولي وسحبه من الأسواق. فقد أصبح معروفاً اليوم أن تلك البرامج تؤدي إلى تفاقم التفاوت الاجتماعي والاقتصادي، وإلى ازدياد عدد الفقراء. أما الإنجازات الحكومية في قطاع الزراعة، فقد غابت أي إشارة إليها، وهذا يعدّ إنجازاً بحدّ ذاته، وخاصة عندما تكون الأسعار العالمية للسلع الغذائية قد بلغت أعلى مستوياتها منذ أواسط القرن العشرين، ما سيسهم، من دون شك، في توطيد سيادة وحرية واستقلال لبنان تجاه البلدان المصدرة للغذاء.
أما المعارضة، فجردتنا تظهر أنها غير معنية بشؤون العدالة الاجتماعية. فقد غابت اهتماماتها كلياً عن هذه الساحة، ولم تتضمن تصريحاتها أي نقد جدي للتوجهات الاقتصادية للحكومة الحالية، وأي كلام على البدائل التي تنوي تبنيها إذا انتشلت الثلث المعطل. كما أن سجلها العملي بقي فارغاً في مجال التنمية المحلية والعمل على العدالة الاجتماعية. كان بإمكان المعارضة إنجاز الكثير في هذا المجال لو استعانت بحشودها المستعدة دوماً للنزول إلى الساحة.
كان باستطاعتها مثلاً أن تنفذ مشروعاً إنمائياً يمتد على كل الأراضي اللبنانية، يقدم الإرشاد لصغار المنتجين ويربطهم بالأسواق المحلية وبالمدن، على طراز المشاريع التي تقوم بها اليوم جهات أجنبية في لبنان. إلا أن هذا لم يحصل، وكان ما شهدناه خلال السنة المنصرمة تقارباً، لا بل تلاحماً في النظرة الاقتصادية والاجتماعية للفريقين، إلى حد أنه أصبح اليوم من الصعب التفريق بينهما!