البقاع ــ مفيد مصطفى
قبل نحو أسبوعين، أوقفت دورية من فرع المعلومات مجموعة من الأشخاص في البقاعين الغربي والأوسط. وفيما تناقلت معلومات أن الموقوفين مرتبطون بخلايا إرهابية جرى توقيفها سابقاً، يؤكد أهاليهم براءتهم، لافتين إلى أن ما جرى يُعدّ تشهيراً بهم


علمت «الأخبار» أن قاضي التحقيق العسكري الأول، رشيد مزهر، سيباشر اليوم استجواب المجموعة التي أوقفتها قوة من فرع المعلومات يوم 19 كانون الأول الماضي، في بلدة لالا بالبقاع الغربي، وفي شتورا (البقاع الأوسط)، والتي كانت معلومات متضاربة قد نُشِرَت عن انتماء أفرادها إلى «فتح الإسلام» تارة، وإلى «جند الشام» تارة أخرى، وأن كمية كبيرة من الأسلحة والمتفجرات صودرت من إحدى مغاور البلدة الأولى.
كما علمت «الأخبار» أن المحققين صادروا من أحد الأماكن التي جرى دهمها ما يزيد على 15 كيلو TNT، إضافة إلى مبلغ كبير من المال. وقد بيّنت التحقيقات ارتباط المجموعة بشبكة متشددة يتزعمها سعودي أوقفت منتصف 2007.
من ناحية أخرى، قابلت «الأخبار» في بلدة لالا البقاعية أحمد عز الدين، شقيق محمد عز الدين، الموقوف ضمن المجموعة المذكورة.
في المنزل المتواضع في لالا، لا يخلو جدار في غرفة الجلوس من صور المسجد الأقصى. أحمد هو منسّق شباب تيار المستقبل في البلدة، ويقول إن شقيقه الموقوف انتسب إلى الحزب التقدمي الاشتراكي في الفترة الأخيرة، ولم تُعرف عنه قبل ذلك أي علاقة بالتنظيمات السياسية أو الدينية، كما أنه لم يفتعل أي خلافات في حياته. ويضيف أن والده بعيد عن السياسة ويعمل في الزراعة وصيانة أسلحة الصيد.
ويشير أحمد إلى أن شقيقه معروف بشغفه بالأسلحة منذ صغره، وكان قد بتر إصبعه، وهو يلهو بإصبع ديناميت عندما كان شاباً. ويؤكد أن شقيقه كان في بلدة لالا قبل اغتيال اللواء فرانسوا الحاج بنحو أسبوع، وعند الاغتيال وبعده، وقد قُبِض عليه أول أيام عيد الأضحى. وقبل هذا التاريخ، كان يساعد العمال على ترميم مدخل بيت أهله، حيث لا تزال عدة العمل موجودة.
ينفي أحمد نفياً قاطعاً العثور على كمية كبيرة من الأسلحة في مزرعة والده الواقعة قرب قناة الري في السهل، ويذكر أنه واجه محققي فرع المعلومات بهذا الأمر، وسألهم عن صور تثبت صحة ما يقولونه. ويرى أن الأخبار التي قدمها الفرع عن مكان الأسلحة متضاربة، مشيراً إلى أن المحققين يقولون مرة إنهم وجدوها في مغارة قرب المزرعة، ومرة ثانية في المزرعة، وثالثة بين الصخور، مؤكّداً أن كل ما وجد في المزرعة هو بارودة صيد.
لم يعرف أحمد حتى الآن التهمة الموجهة إلى شقيقه، ويقول إنه عندما سأل عناصر «المعلومات» عن ذلك ردّوا عليه: «ليست لك علاقة». كما أنه كلما سأل عن المكان الذي أوقف شقيقه فيه، طالباً لقاءه، يجيبه عناصر الفرع: «ما تسأل عنّو»، مشيراً إلى أن محاميه لم يره بعد، وكلما طلب لقاءه كان الجواب: «عندما ينتهي التحقيق». وأشار أحمد إلى أن كافة العمال الذين كانوا يعملون في مدخل منزل العائلة خضعوا للتحقيق. يروي أحمد أن أخاه كان يدرس هندسة الميكانيك في جامعة بيروت العربية، متسائلاً عن صحة أن تكون في حوزته كمية ضخمة من الأسلحة، في حين أنه لم يتسجّل هذه السنة في الجامعة لعدم تمكنه من دفع الأقساط، ولم يكن في جيبه إيجار الشقة في بيروت.
يستغرب أحمد عز الدين التحقيق الذي يجريه فرع المعلومات معه كشاهد، وخاصة الأسئلة المتمحورة حول اتصال أجراه مع أحد عمال البلدية في اليوم الذي اغتيل فيه اللواء فرانسوا الحاج، من هاتف شقيقه الموقوف محمد، والذي كان قد استعاره من عمه مدة أسبوع واحد فقط.
ويذكر أحمد أن محققي الفرع سألوه عن صور، على هاتف خلوي، عائدة لشخصين، قالوا إنهما شقيقه والموقوف الآخر في القضية نفسها، سليم أ.، لكنه يؤكد أن الصور لا تشبههما مطلقاً ولا تشبه أحداً يعرفه. وعن الموقوف الآخر، يقول عز الدين إنه كان مهاجراً إلى كندا، وقد رجع إلى لبنان منذ أشهر كي يحج ولكنه لم يوفّق. ويشير إلى أن التحقيق مع سليم أ. يجري بناءً على رقم وجد على هاتفه الخلوي يعود إلى أحد المعتقلين في شتورا الذين قيل إنهم ينتمون إلى «فتح الإسلام». ويشكو أحمد من فرع المعلومات الذي يستدعيه إلى بيروت للتحقيق معه بشكل شبه يومي، ودائماً يسأله الأسئلة ذاتها. ويتساءل لماذا لا يُحقق معه في البقاع، مشيراً إلى أنه يدفع راتبه أجرة الطريق.
والد أحمد اشتكى في حديث مع «الأخبار» من عدم رؤيته لابنه منذ 15 يوماً، منتقداً ما نُشر في وسائل الإعلام، لافتاً إلى أنه «تشهير بالعائلة وببلدة لالا».
يقول أحمد بحسرة واضحة في نبرة صوته: «عيب أن يتحول البيت الذي كان مقاوماً لإسرائيل إبّان الاجتياح الإسرائيلي إلى بيت إرهابيين».