strong>رضوان مرتضى
رغم انزواء سينما سلوى قرب جسر البربير في بيروت، إلا أنها باتت معلماً من معالم المنطقة، ويستدل بها على محال تجارية ومدارس مجاورة. وجيران السينما الذين التقتهم «الأخبار» ينقسمون بين من لا يرى فيها سلبيات، ومن تحدّثوا عن إعداد عريضة تدعو لإقفالها. فماذا يجري داخل السينما المذكورة؟

هنا جسر البربير. بين بائعي الخضر المنتشرين على مدخل شارع الإمام الأوزاعي، وفي مقابل جامع العرب ومدرسة المقاصد الإسلامية، وعلى مقربة من رؤوس الأغنام (راس نيفا) في مطعم مجاور للجسر، صورٌ لنساء عاريات ظاهرة بوضوح أمام المارّة، وإلى جانبها إعلانات لأفلام مصرية حديثة. تدخل لتستعلم عن الأفلام وأوقات العرض، فيقال لك، «لدينا أفلام بورنو فقط حالياً، وبإمكانك الدخول في أي وقت من التاسعة صباحاً حتى التاسعة مساءً، والبطاقة فقط بأربعة آلاف ليرة».
أهلاً بك في سينما سلوى! هي من أقدم دور السينما في لبنان وأشهرها، «سينما سلوى مضى لها عز. كانت مقصد أغلب رواد السينما. حتى إن الصبوحة غنّت فيها مرة»، يقول ابن المنطقة «أبو حسن». هكذا كانت. ويكمل: «أما اليوم، فلها زبائن خاصون».

رحلة داخل السينما

«صالة» بـ4000 ليرة و«بالكون» بـ5000 ليرة لافتة تشير إلى الأماكن التي يمكنك اختيارها، تسأل عن الفرق بينهما؟ فيجيب قاطع التذاكر: «البالكون من فوق، بتشوف أوضح». قطعنا التذاكر ودخلنا، فكانت الحقيقة، «على البالكون تأخذ راحتك من دون أن يراك أحد». في الداخل لا يتعدى عدد الموجودين الثلاثين شخصاً، واللافت أن قسماً منهم تجاوز عمره الخمسين سنة، أما الباقون فيبدون دون العشرين.
أحد المسنّين الموجودين قال لـ«الأخبار» رداً على سؤاله عن سبب تردده إلى السينما: «فشة خلق». اما أحد الشبان فأجاب: «نفس السبب يللي جابك».
رائحة السجائر تعبق في المكان، إضافة إلى روائح أخرى. بعضهم يدخن بعصبية، فيما أنظار الجميع مشدودة باتجاه العرض الإباحي الذي كان «في ذروته».
انتهى العرض الأول، وقت مستقطع، أضيئت الصالة. في تلك الأثناء علا صوت إحدى أغاني جورج وسوف، مترافقة مع خروج البعض إلى المرحاض، ودخول رجل يحمل إبريقاً ضخماً منادياً: «شاي، شاي».
مدة الوقت المستقطع عشر دقائق، يعاد بعدها إطفاء الستيريو والإنارة إيذاناً ببدء عرض جديد، يجلس بعض الحضور في أماكنهم ويغير البعض الآخر أمكنتهم إلى جانب «زملاء جدد» تعرّفوا عليهم في الوقت المستقطع. أعمارهم متباعدة، وتجمعهم سينما سلوى. يبدأ العرض، (Porn club) إنه اسم الفيلم التالي.
يقول بعض جيران السينما إن مالكها توفي، وإن المسؤول عنها الآن ابنه ز. ف.، والأخير أجّرها لشخصين هما: إبراهيم ع. وع. ح. منذ فترة طويلة.
يقول إبراهيم ع. المسؤول عن السينما: «نعرض فقط أفلام إيروتيك، ولدينا رخصة لعرض هذا النوع من الأفلام»، مضيفاً: «يمنع دخول من هم دون الثامنة عشرة»، لكن لا توجد لافتة تشير إلى ذلك. أما الجيران، فتضاربت أجوبتهم حول إمكان دخول من هم دون السن القانونية. بعضهم يقول إن المسؤولين عن السينما يمنعونهم، بينما البعض الآخر يقول إنه لا حسيب ولا رقيب، وإن رواد السينما تتراوح أعمارهم بين 14 و70 سنة.
يؤكد صاحب محل التصوير الملاصق للسينما أن جميع الداخلين هم فوق الثامنة عشرة، وأن ما يعرض في الداخل ليس أفلاماً إباحية، مضيفاً: «بإمكان أي كان الحصول على قرص مدمج بـ1000 ليرة، فلماذا يدفع 4000 أو 5000؟ «كذلك يقول صاحب محل آخر، لا أولاد دون السن يدخلون إلى السينما، وإذا حاولوا يُمنعون.
صورة المترددين إلى السينما في نظر بعض الجيران الآخرين سيئة جداً. فـ ح. خ، أحد أصحاب المحال في المنطقة، يؤكد أن تجاوزات عديدة تحصل في الداخل: «هناك رجال في الستين من عمرهم يغرون بالمال فتية لا تتجاوز أعمارهم السابعة عشرة ليمارسوا معهم الجنس». ويضيف، «السينما حاوية من هبّ ودب، فيها الحشاش والحبحبجي (من يتعاطى حبوب الهلوسة) والحرامي»، ويخبرنا ح. خ أنه يعدّ عريضة تحمل تواقيع أهالي المحلة للمطالبة بإغلاق السينما. هنا يتدخل أحد الشباب ويقول: «لو يحوّلون هذه السينما إلى سنتر تجاري، أسوة بما حصل مع سينما بيروت التي أصبحت اليوم سنتر ديسكوفري، فتنتعش المحلة من جهة، ونعالج أمر سينما سلوى من جهة أخرى». وتأكيداً لأقوال ح. خ، يروي أحد الفتية وعمره 17 سنة ما حدث معه: «في إحدى المرات دخلت إلى السينما بعد هروبي من المدرسة، وفي الداخل أتى رجل بعمر جدي وارتمى في أحضاني». يضيف الفتى أنه طلب من الرجل المسن الابتعاد عنه، لكن الأخير رفض وعرض عليه 50000 ل. ل. مقابل ممارسة الجنس معه، عندها ذهب الفتى وأخبر أحد المسؤولين عن السينما، الذي بادره بالقول: «إنها مشكلتك، لا أستطيع إغضاب هؤلاء الزبائن، اذهب ولا تأتِ إلى هنا مجدداً».
يقول أحد سكان المنطقة الذي رفض الكشف عن اسمه: «صاحب السينما مدعوم، ولولا ذلك لكانت أغلقت منذ زمن».

في القانون

بالمقابل، ذكر مصدر في المديرية العامة للأمن العام لـ«الأخبار» أن المديرية، وبحسب ما تنص عليه القوانين، مكلفة بمراقبة كل الأفلام التي تعرض في دور السينما قبل عرضها، وكذلك النصوص المسرحية. وأكّد المصدر أن القانون اللبناني لا يتيح لأي صالة سينما أن تعرض أفلام «بورنو».
والجدير بالذكر أن المادة 532 من قانون العقوبات تنص على عقوبة الحبس من شهر إلى سنة لكل «من أقدم على صنع أو تصدير أو توريد واقتناء كتابات أو رسوم أو صور يدوية أو شمسية أو أفلام أو إشارات أو غير ذلك من الأشياء المخلّة بالحياء بقصد الإتجار بها أو توزيعها».