نادر فوز
حطّت المبادرة العربية بغموضها على الساحة السياسية المحلية، وخرجت إلى العلن التحليلات المختلفة لبنودها المبادرة، فزادت الجو العام غموضاً عما كان عليه خلال اليومين السابقين. وبعيداً عن المواقف التي تطلقها «الثنائية» السياسية، يعقد أعضاء اللقاء الوطني اجتماعاً ظهر اليوم للبحث في الموقف العربي.
ورغم التفاؤل الذي يبديه بعض القوى، الموالية خاصةً، رأى مصدر مقرّب من المعارضة أنّ ما أجمع عليه وزراء الخارجية العرب «لا يعدّ مبادرة ولا حتى قراراً، إنما هو مجرّد بيان يحمل صيغة التمني بسبب غياب القوى التي تستطيع ترجمته». وأوضح المصدر العضو في اللقاء الوطني، أن من شأن اعتماد حصة رئيس الجمهورية حصة مرجّحة «أن يحوّل رئيس الوزراء إلى خيال صحراء». وأكّد أنّ الموقف السوري جاء مشابهاً لموقف أية دولة عربية أخرى تدعم صيغة لا غالب ولا مغلوب، «وهذا لا يعني أنّ حلفاءها مستعدّون للتخلّي عن حقوقهم»، مشيراً إلى أنّ مشروع التحرك السياسي والشعبي «لا يزال مطروحاً وسيُعمل به إذا استمرّت السياسة الاستفزازية للموالاة على هذا النحو».
أما نائب رئيس مجلس النواب السابق وعضو اللقاء، إيلي الفرزلي، فأبدى تفاؤلاً بالمبادرة العربية إذ من «الممكن أن تكون واعدة إذا تم الاتفاق على توزيع الحقائب الوزارية وبتّ قانون انتخابي عادل». ومن الإيجابيات التي يراها الفرزلي في الخطوة العربية التوافق على مرشّح الرئاسة وسقوط منطق التعطيل والاستئثار بالسلطة «إذا حصلت قسمة عادلة بين كل الأطراف». وقال إنّ المبادرة جدية و«المعارضة لا تستلذّ تنظيم التحركات». وأكّد الفرزلي، في حال سقوط المبادرة، على ما كان قد اقترحه مع بداية الأزمة الحالية من تأليف حكومة حيادية تتولى إجراء انتخابات نيابية لإعادة تشكيل السلطة.
الموقف نفسه من المبادرة أبداه الوزير السابق ألبير منصور، الذي قال «إنها تعيد وصل الحوار غير المباشر بين الأطراف». ورأى أنّ الفريق الحاكم «مرتاح لأنه يسيطر على السلطة وصلاحيات الرئاسة»، فيما القرار الأميركي ليس «محشوراً لتقديم تنازل». وأكّد منصور أنه ليس أمام المعارضة إلا «إثبات قدرتها على تعطيل هذا الحكم بأسلوب ديمقراطي لتحقيق المشاركة الفعلية».
من جهته، رأى النائب السابق زاهر الخطيب أنّ المبادرة تشكّل أساساً جدياً للحوار «رغم انطوائها على بعض السلبيات». وحصر سلبيات المبادرة العربية في عدم توضيح آليات تطبيقها «ما يترك مجالاً للاجتهاد»، إضافةً إلى عدم غوصها في التفاصيل مع أنّ «الشيطان يكمن في التفاصيل» على ما يقال دائماً. ورأى الخطيب أنّ ما طرحه العرب «منطقي ومتوازن غير منحاز للمعارضة»، بحيث إن الحصص الوزارية ستكون ثلاثية بالتساوي دون أن «يستطيع أي طرف أن يعطّل أو يفرض». وإذا تمّ تفسير بنود المبادرة العربية بأسلوب آخر، يؤكد الخطيب أنّ قوى المعارضة لن تتخلى عن ثوابت المشاركة الفعلية، و«لن يُسمح بنقل لبنان من موقعه العربي المقاوم إلى صيغة الاستسلام للإدارة
الأميركية».