الرميلة ـ خالد الغربي
جرح الجنديان الإيرلنديان، دايفيد وليم وجون تورنيك، العاملان في عداد قوات اليونيفيل، في انفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارتهما على الطريق السريع بين بيروت والجنوب، في محلة الرميلة، في طريق عودتها إلى الجنوب.
الهجوم الثالث الذي يستهدف قوات الأمم المتحدة بعد تعزيز وجودها إثر صدور القرار 1701، بعد انفجار أول أدى إلى مقتل ستة جنود إسبان في سهل الخيام، وانفجار آخر عند جسر القاسمية استهدف نقطة مراقبة للوحدة التنزانية، جاء إلى حد بعيد متميزاً عما سبقه، وإن كان يحمل المضمون نفسه. فهو قد جاء خارج نطاق انتشار هذه القوات، وعلى طريق اعتادت القوافل سلوكها، يومياً وإلزامياً، كممر بين الجنوب وبيروت، واستهدف سيارة وحيدة لم تكن في عداد قافلة ولا في إطار حماية ومواكبة، اعتاد الأمميون توفيرها في مهماتهم وتنقّلاتهم، حتى وإن كانت روتينية، وفي نقطة قريبة إلى مكان شهد سابقاً عملاً أمنياً قبل عام ونيف، عندما انفجرت عبوة على بعد 250 متراً تقريباً (على الطريق القديم) مستهدفة موكب نائب رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي المقدم سمير شحادة، حيث قتل أربعة عناصر من المواكبة، مع الإشارة إلى أن معلومات جرى تداولها قبل أشهر عن توقيف أشخاص في منطقة جدرا القريبة، بينهم عرب كانوا يعتزمون القيام بأعمال تخريبية، كما قيل وقتها.
وفي التفاصيل أنه، وقبيل الثالثة من عصر أمس، دوى انفجار ترددت أصداؤه في أنحاء مختلفة من مدينة صيدا، إضافة إلى بعض قرى إقليم الخروب، وتبين أنه ناجم عن عبوة ناسفة انفجرت لحظة مرور سيارة رانج من نوع نيسان، تابعة لقوات اليونيفيل، رقمها 1011، على الطريق الساحلي السريع بين بيروت وصيدا في محلة الرميلة، وتبين أن العبوة وُضعت إلى يسار مرور السيارة باتجاه السائق عند القواطع الحديدية بمحاذاة الطريق، وقد استفاد واضعوها من الهشيم النابت في أرض بور (بعرض عشرات الأمتار) التي تفصل بين طريق الإياب والذهاب. وقد أصيب الجنديان بجروح طفيفة في وجهيهما، ونُقلا إلى مستشفى حمود لتلقّي العلاج، وأصيب مدني برضوض، فيما أحدث انفجار العبوة حفرة قطرها متر تقريباً، وتضررت سيارة الجيب، وتحطمت نوافذها، وتهشّم زجاجها الأمامي، فيما تضررت جزئياً أبوابها، كما تحطم الزجاج في بعض المنازل القريبة من مكان الانفجار الذي روّع الأهالي والعابرين.
وأعلن مدير الشؤون السياسية والمدنية في اليونيفيل، ميلوش شتروغر، أن القوة فتحت تحقيقاً رسمياً في الانفجار. وقال شتروغر، في بيان له من مقر قيادة اليونيفيل في الناقورة، إن القوة الدولية بدأت تحقيقاً رسمياً في الهجوم، وتنسّق في هذا الصدد مع السلطات اللبنانية «بشكل وثيق».
«العذراء حمتنا، كنت قبل قليل قد أتيت بأولادي من المدرسة، وفكّرنا قصف طيران»، تقول إحدى المواطنات من آل عطا الله. أما إبراهيم غصن، الذي يقع منزله في مكان مقابل للانفجار، فقد أشار إلى أن أضراراً لحقت بالمنزل والمنازل الأخرى، ونجت زوجته مها من الموت بعدما تناثرت الشظايا والحجارة على شرفة منزلها، حيث كانت تقف، ولوحظ أن سيارة الرانج الأممية قد توقفت على بعد أمتار من مكان العبوة، ما يعني أن سائقها نأى بها أو أن التفجير قد حصل بعدما تجاوزت السيارة بقليل مكان زرع العبوة.
وكالعادة، شهد مسرح الانفجار توافداً كثيفاً لكل التشكيلات الأمنية والاستخبارية، ولضباط وعناصر من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، بعضهم بالزي العسكري، والبعض الآخر كان مدنياً. وضُرب طوقٌ أمني وعُزل المكان، بعدما كان مواطنون عاديون وعسكريون وإعلاميون قد تمكنوا من التصوير بالكاميرات والهواتف النقّالة. لكن الشريط الأصفر الذي زنّر مكان الجريمة، تأخر المعنيون في وضعه بعض الشيء. وفيما تولّى قادة أمنيون وقضائيون لبنانيون الكشف والتحقيق، غاب الأمميون مدة ساعة عن مسرح الاعتداء الذي شهد توقيف بعض الأشخاص، كما هي الحال بعد وقوع كل انفجار .
وشهدت الطريق الساحلية بعد الانفجار زحمة سير خانقة، عززها وقوع الانفجار في وقت تشهد فيه هذه الطريق حركة ناشطة مع عودة العمال والموظفين، مع الإشارة إلى أن الانفجار وقع على بعد 300 متر من الجسر الذي استُهدف مراراً خلال العدوان الإسرائيلي الأخير.
وكالعادة، صدرت العشرات من البيانات المستنكرة لهذه الحادثة من مختلف الجهات السياسية والحزبية والاقتصادية والاجتماعية. من جهته، دان «حزب الله» الاعتداء «الذي صار واضح الاستهدافات والدلالات».