طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
اتّسعت ردود الفعل في الأوساط الإسلامية في طرابلس والشّمال حيال موضوع انتخاب مفت جديد في 27 الجاري، وفق موعد الجلسة الذي حدّدته دار الفتوى. وتركزت أغلبية الردود على إبداء ملاحظات «اعتراضية»، تتعلق بآلية الانتخاب وتحديد أعضاء الهيئة النّاخبة بعد تعديلها، إضافة إلى المهمات التي على المفتي القادم الاضطلاع بها.
وإذا كان المنصب قد بقي خالياً منذ استقالة الشيخ طه الصابونجي في 1 /10 /2005، فإنّ تسلّم أمين الفتوى في الشّمال الشيخ محمد إمام المهمات بالوكالة إلى حين انتخاب مفت جديد، لم يحل دون بروز أكثر من اقتراح، سواء في ما يتعلق بالهيئة النّاخبة أو تفعيل دور دار الإفتاء.
إلا أنّ كلّ الاقتراحات التي قُدّمت وضعت جانباً، وخصوصاً لناحية إدخال أشخاص وقطاعات معينة ومهمّة إلى عضوية الهيئة النّاخبة، وأجريت عوضاً عن ذلك عمليّتا اجتزاء من جهة، وزيادة من جهة أخرى لأعضاء الهيئة النّاخبة.
هذا التلاعب بهيكلية الهيئة النّاخبة، دفع رئيس جبهة العمل الإسلامي فتحي يكن إلى التشديد على ضرورة أن «يُسنّ للجميع مبدأ واحد معين، يقضي بإبعاد المحاصصات والتدخّلات السّياسية، لأنّه لا يجوز أنْ يكون هناك تقاسم معين، وهذا ينطبق بداية من موقع الإفتاء العام إلى مواقع المفتين في كلّ المحافظات»، لافتاً إلى أنّ «المشكلة هي أنّ السّياسة اقتحمت علينا كلّ المواقع، ومنها المرجعيات الدينية؛ اقتحمت دار الفتوى، ودور المفتين، والمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، والمساجد والحركات والسّاحة الإسلامية، وهذا ما يجري الآن في طرابلس» .
بدوره، تمنّى المسؤول السّياسي للجماعة الإسلامية في الشّمال، عزّام الأيّوبي، على دار الفتوى أن «تلغي التعيينات السابقة، وتعود إلى الواقع المؤسّساتي، وأن تسعى إلى إجراء انتخابات واقعية ومتوازنة في كلّ المواقع الشاغرة»، موضحاً أنّ «انتخابات المفتي تشوبها مشكلتان: الأولى هي تخبّط الأطراف السياسيين في الموضوع، والأخرى وهي الأعظم تتمثل في أنّ النّاخب الأكبر هو من خارج إطار العلماء والمشايخ، رغم أنّ المفتي يمثل العلماء أكثر ممّا يمثل السّياسيين».
إلا أنّ رئيس مجلس إدارة «وقف إقرأ الإسلامي»، الشيخ عمر بكري فستق، رأى أنّ «التنافس على موقع الإفتاء في طرابلس لا يعني التيّار السلفي في شيء»، رادّاً السبب إلى أنّ «كلّ الذين سينتخبون المفتي ينتمون إلى الأشعرية أو الحنفية التابعة لها دار الإفتاء في لبنان».
وهو ما يبديه أيضاً رئيس المكتب الإعلامي في «حزب التحرير»، أحمد القصص، الذي أشار إلى أنّ لدى الحزب «تحفّظاً على آلية إجراء الانتخابات، واختيار أعضاء الهيئة النّاخبة»، موضحاً أنّه «إذا كان المفتي ينوب عن المسلمين في ما يقوم به، فالهيئة النّاخبة الموجودة حالياً، التي رتّبت على عين بصيرة من أجل أن تحقق نتيجة لمصلحة طرف معين، لا تعبّر عن ذلك»، مشدّداً على أنّه «لا يجوز أنْ يكون منصب من هذا النّوع أداة في أيدي قوى سياسية تسخّره لمصالحها، وخاصة أنّهم وضعوا الهيئة النّاخبة على نحو لا يكون معه أحد شريكاً فيها إلا من نظّمها وأشرف عليها».