طاريا ـ رامح حمية
أسلاك الكهرباء في البقاع أعزّ وأنأى من استعمالها «حبال غسيل»، فهي تصرّ على أن تكون دون نفع يُرجى، فتستمر عالية، ممارسة تقنيناً قاسياً على البقاعيين، وصل حدّ 16 ساعة يومياً، كما يتخلل فترة التغذية انقطاع مفاجئ أو ضعف في «الفولتاج» ما يجبر البعض على الاعتماد على المولدات الكهرباء المنزلية طوراً، والاشتراك وفاتورته التي وطئت عتبة الخمسين دولاراً طوراً آخر، فيما هناك من قنع بـ«اللوكس» وقارورة غازه التي بلغ سعرها 22 ألف ليرة لبنانية.بدائل كهرباء الدولة تزيد الأعباء المادية التي ينوء بها المواطن، ويعجز الراتب المحدود عن تغطية ما تفرضه تلك البدائل من مصاريف إضافية ومدفوعات مستحدثة، فجهاز الـ«UPS» الذي يعمل بواسطة بطاريات يتطلّب شحنها على «الشارجر»، تياراً كهربائياً أو مولّداً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المولّدات المنزلية أو الاشتراك، إذ يرتبط تشغيلها ارتباطاً وثيقاً ببورصة النفط عالمياً.
عباس مظلوم صاحب مؤسسة COMPUWAV لتصنيع أجهزة الـ «UPS» أوضح لـ«الأخبار»: «أن هذه البدائل تمثّل حلولاً تحتاج إلى حلول»، وأن البديل للكهرباء مكلف ويرتّب ميزانية إضافية للإنارة، تراوح بين 300 و800 دولار. وأشار إلى أن نسبة إقبال الناس على شراء وتركيب الـ«UPS» كانت جيدة، إلا أنه بسبب ارتفاع أسعار البطاريات عالمياً، تراجع الطلب بشكل كبير (كان كل أمبير بـ70 سنتاً لكنه أصبح بـ140 سنتاً). وكشف مظلوم أن هناك مشكلة في الـ «UPS» تتمثل بالمراهنة على ساعات التغذية القليلة للكهرباء أو المولدات، وذلك بهدف شحن البطاريات، وهذه الأعباء على عاتق المواطن. ولمواجهة هذه المشكلة تواصلنا مع إحدى الدول الأوروبية لتأمين مراوح تشحن البطاريات، فيُستغنى عندئذ عن الكهرباء بشكل كامل».
وفي بلدة طاريا تندهش لرؤيتك مروحة جديدة ضخمة تدور حول نفسها. يوسف حمية (53 عاماً) متقاعد في الجيش اللبناني، أنجز مشروعه الخاص «بحماسة وإصرار»، وقد شرح لـ «الأخبار» أن إنجازه عبارة عن توليد الطاقة الكهربائية لمنزله باستخدام مروحة يكفي أن تصطدم نسمة هواء بدفتها حتى تبدأ بالدوران، وأشار إلى أنه مهما كان الدوران سلساً وبطيئاً، فإن التجهيزات الأخرى كفيلة بنقله مضاعفاً عدة مرات». وأضاف حمية: «تقوم المروحة بإدارة وتشغيل دينامو كهربائي ينتج تياراً بقوة 12 فولت، وبالإمكان تحويله إلى تيار عادي 110 أو 220 فولت».
أمّا عن مكوّنات مشروعه، فيقول: «المروحة عبارة عن لوح صفيح قمت بتفصيله وقصه لدى الحدّاد لصنع شفراتها (قطر كل شفرة 70 سنتم)، دفة لتثبيت المروحة وتوجيهها في مواجهة الريح ــــــ ناقل حركة (ترانسميسيون) وبضعة محاور مسنّنة متفاوتة، إضافةً إلى دينامو كهربائي، ومنظّم لتأمين كهرباء 110 أو 220 فولت، ومحوّل للتيار من 12 فولت إلى 220 فولت».
وأشار إلى : أن المشرع بأكمله أنجز بكلفه 600 دولار، ولا يحتاج إلى وقود أو صيانة، بل إلى تشحيم بعض القطع المتحركة مرة كل شهر. وخلص حمية إلى أن الطاقة ليست محدودة، وباستطاعة الإنسان أن يولّد الطاقة شرط توافر الإرادة الفعلية للعمل والقدرة المالية وتساءل: «لماذا لا تسعى الدولة كما في الدول الأوروبية إلى إنتاج الطاقة بعيداً عن النفط ومشتقاته، وبواسطة مراوح ضخمة تؤمّن الكهرباء للبلد».
وعليه، فإن «هذا الإبداع هو وليد عزوف الدولة عن معالجة مشكلة الكهرباء المتجذرة وحلّها، ويمثّل ذلك نقلة نوعية من طريق استغلال الثروة المائية والطاقة الهوائية الموجودة في لبنان، فجُّل ما يحتاج إليه لتوليد الطاقة البديلة «نسمة هواء» لا تكلّفه استجداء أحدٍ أو الخضوع لمزاج هذا المسؤول أو ذاك».