149; سليمان: كأنّ بين يديّ قنبلة موقوتة أعمل على تأخير انفجارها وتفكيكها
استأنف الأمين العام للجامعة العربية مهمته في بيروت، حاملاً جزرة الحلّ وفق الموالاة، وعصا التمهيد للتدويل بحسب المعارضة، فيما البلاد تهجس بالأمن بعد متفجرة الكرنتينا وبالتحرك في الشارع على وقع المطالب المعيشية

بصمت تطور بعد الاستراحة إلى «إن شاء الله»، عاد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إلى بيروت، يسبقه جمود المواقف على ما تركها عليه لدى مغادرته، مع بروز التطور الأمني المتمثل بمتفجرة الكرنتينا، وتسارع الحديث عن التحركات في الشارع.
موسى، المعروف عنه دردشاته المستفيضة مع الصحافيين، خيّب الحشد الإعلامي الذي كان ينتظره، وخرج صامتاً من المطار إلى مقر إقامته في فندق الفينيسا. ولم يجد الزملاء من يشرح لهم، إلا الوزير المستقيل فوزي صلوخ الذي كان في استقبال الموفد العربي، مبرراً بأنه «لم يحصل على معلومة واحدة كي يصرح، وعندما يجتمع مع الفرقاء المعنيين فإنه سيدلي بحصيلة لقاءاته ومشاوراته»، وأعلن أنه سيبقى حتى غد.
وكعادته، استهل موسى نشاطه بزيارة الرئيس نبيه بري، مكتفياً بعد اللقاء بإجابات مقتضبة مثل: «تفاءلوا بالخير لعلكم تجدونه»، و«سنفعل كل ما نستطيع»، و«غداً أتكلم»، ثم جمع كل ذلك في جملة واحدة: «تفاءلوا بالخير تجدوه، قلت إننا سنعمل كل ما في وسعنا، وإن شاء الله يمكن أن أتحدث غداً». وقال إنه سيعود «إن شاء الله» إلى بيروت بعد زيارته دمشق. ثم زار مساءً الرئيس سليم الحص، واكتفى بوصف اللقاء بـ«الجيد».
وكانت الجملة الأطول، بعد لقائه الرئيس فؤاد السنيورة الذي كان قد اتصل بالرئيس المصري حسني مبارك، إذ قال: «الموقف العربي معروف من خلال المبادرة والرغبة العربية الجامعة في إنهاء الأزمة في لبنان. ومن أجل ذلك عدت إلى بيروت، وأرجو أن نحدث تقدماً ما أو إنجازاً خلال الأيام القليلة التي سأقضيها هناك».
وكان صلوخ قد علّق على التصريحات العربية والأجنبية الأخيرة، بمناشدة «القيمين على الوساطات والمبادرات البقاء على الحياد والابتعاد عن المواقف التي لا تخدم وساطتهم ولا الحلول المرجو أن تسفر عنها، وخصوصاً أنهم يكررون أنهم على مسافة واحدة من الأطراف اللبنانيين». كما دعا اللبنانيين إلى «عدم استدراج رعاة المبادرة إلى مواقف أحادية».
كذلك ردّ وزير الإعلام السوري محسن بلال على وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، مشيراً إلى أن «التعاطي مع سوريا وكأنها ما زالت في لبنان أو أنَّ حلفاءها هم مجرد أدوات هو أمر يحمل إهانة إلى نسبة كبيرة من الشعب اللبناني». وقال: «الوفاق اللبناني مسؤولية عربية شاملة وليس مسؤوليةً سوريةً فقط. للسعودية دور كبير في لبنان، وهي منذ مؤتمر الطائف 1991 لها حلفاء وعلاقات واسعة مع قوى 14 شباط».
كما رد على الرئيس المصري بأن «مؤتمر القمة العربية شأن عربي هام، ونجاحه يعني العرب جميعاً ويتعين عدم ربطه بمسائل مختلف أو متفق عليها، فهذا ليس في مصلحة العمل العربي المشترك خدمة لقضايانا».
وقال في المقابل إنه ينبغي لمصر والسعودية أن تقنعا «أصدقاءهما» في لبنان بقبول تسوية.

الحل بإعادة تركيب المؤسسات الدستورية

وفي إطلالة لافتة، تحدث قائد الجيش العماد ميشال سليمان، أمام نقيب المحررين ملحم كرم وأعضاء مجلس النقابة، فأمل أن تحمل زيارة موسى «حلاً يرتاح إليه اللبنانيون». وقال: «أشعر وكأن بين يديّ قنبلة موقوتة أعمل على تأخير انفجارها وتفكيكها، لأنه في حال حصول الانفجار سيصيب الأذى الجيش والمقاومة والوطن، وأي شخص يستطيع أن يفكك هذه القنبلة سيلقى دعم الجيش، وإذا كان قدري أن أتولى ذلك فهو شرف لي ومسؤولية كبيرة»، مشيراً إلى «عدم رهانه على الحل الخارجي، لأن الحل الحقيقي يبقى على عاتق اللبنانيين».
وإذ رفض الحديث في السياسة «ما دمت قائداً للجيش»، قال «إن جو عدم الثقة هو الذي يؤخر الحلول»، وإن ترميم الثقة وردم الهوة «يحتاجان إلى شجاعة». ورأى أن «إعادة تركيب السلطات الدستورية تؤدي إلى حل الأزمة القائمة، ولا بد من توافق جميع الأطراف ليستقيم الحل الداخلي». وفي ما يتعلق بجريمة اغتيال اللواء فرنسوا الحاج أعلن وجود «أدلة معينة، وصور يمكن أن تفضي بالتحقيق إلى نتائج». وأكد أنه «لا مساعدات مشروطة» للجيش، ولا تغيير في عقيدته. وقال إن قضية الضباط الأربعة «في عهدة القضاء الذي لنا ملء الثقة به». وختم بأن «تعاطي الجيش مع الموالاة والمعارضة سيبقى كما كان منذ ثلاثة أعوام».

جعجع يرفض التفاوض ولقاء عون ــ الحريري

من جهة ثانية، برز موضوع التدويل بقوة في المشهد السياسي، فرأى نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أن تهديد فريق الموالاة به «دليل على ضعفه، فلو كان قوياً لاستفاد من تأييده الشعبي إذا كان متفوقاً على تأييد المعارضة، وفعل ما يريده، لكن عندما يتبين أنه ضعيف بالمقارنة مع المعارضة، أو بالحد الأدنى لا يمكنه أن يحكم لبنان وحده، عليه أن يبحث عن طريقة إيجابية، وهي المشاركة بدل اللجوء إلى الأجنبي الذي سيأكله ويأكل بلده». وإذ جددت كتلة «الوفاء للمقاومة»، ترحيبها بجهود موسى وببيان وزراء الخارجية العرب «وما تضمنه من إطار للحل المتكامل والقائم على قاعدة لا غالب ولا مغلوب بين اللبنانيين»، رأت «أن التهويل بالتدويل لن يغير من واقع الوضع المأزوم ولن يعالجه، بل يزيده تعقيداً ويدخله في نفق مظلم جديد».
ولفت العلّامة السيد محمد حسين فضل الله إلى «أن المسألة اللبنانية دخلت في التدويل منذ أمد بعيد»، معرباً عن خشيته من أن تكون الحركة العربية «قد دخلت في قلب التدويل من حيث أراد العرب أو لم يريدوا ذلك». أما رئيس الحزب الديموقراطي طلال ارسلان فقد ربط وقوع «حدث إرهابي كلما شاؤوا تمرير مشروع ما لضرب استقرار لبنان، وأغلب الظن أن التفجير (في الكرنتينا) هذه المرة مقصود منه تمرير التدويل». ورأى أن زيارة موسى «لا تعدو كونها ممراً للتدويل المبرمج مسبقاً».
لكن النائب الياس عطا الله قال «عندما ترفض المعارضة طاولة الحوار وجلسة انتخاب رئيس والحل الداخلي والعربي، فإن منطق الأمور يسير نحو التدويل». ودعا إلى «عدم الاستهانة بوضع مجلس الأمن يده على لبنان، فهذه المسألة ليست مزحة ولا بسيطة ويجب إدراك عواقبها».
وربط النائب عمار الحوري، بين تصريح وزير الإعلام السوري و«حملة إعلامية وسياسية تنظمها قوى الثامن من آذار في وجه عودة عمرو موسى واعتبار المبادرة العربية مدخلاً للتدويل وقراراً عربياً بالانحياز إلى مصلحة الأكثرية في لبنان».
أما رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، وبعدما نفى جازماً إمكان التفاوض ولقاء عون ـ الحريري، قال: «لسنا بحاجة إلى التدويل، كما أن المعطيات في الداخل كافية، إضافة إلى أن المبادرة العربية أكثر من كافية»، نافياً أن يكون أي طرف من الموالاة قد طرح هذه المسألة مع أحد «كما لم ترسل أي مذكرة إلى مجلس الأمن».

حدادة: على قائد الجيش إعلان شروطه الإصلاحية

في غضون ذلك، تواصلت مشاورات قوى المعارضة في شأن التحرك المقبل، فأعلن رئيس تيار التوحيد وئام وهاب بعد زيارته الرئيس عمر كرامي، أن هذه التحركات تتم على أعلى المستويات، وأن التحرك إن بدأ سيكون مفتوحاً حتى حل الأزمة.
من جهته، دعا الأمين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة، كل الفئات التي لا يحاورها موسى «إلى تحرك شعبي يوم 27 الجاري تسمع فيه صوتها للجامعة العربية وللآخرين عبر تظاهرة ترفع شعارَي: تعديل الصيغة الوطنية باتجاه صيغة أكثر علمانية ووطنية، وبناء اقتصاد وطني قائم على الإنتاج والعدالة الاجتماعية». كما دعا قائد الجيش إلى عدم الاستمرار في انتظار المبادرات «وعقد مؤتمر صحافي يعلن فيه فرض شروطه الإصلاحية على الجميع حتى يتبين في نهاية الأمر من هو جدي في ترشيحه ومن هو مناور».
وفي المقابل، تخوف النائب روبير غانم من «ألا يكون تزامن عدد من الإضرابات من قبيل المصادفة، بل من باب استخدامها لتغطية خطط تهدف إلى إثارة القلاقل والاضطرابات».
وبعد زيارته لصفير، قال المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، رداً على سؤال عن عدم كشف أي جريمة حتى الآن: «لقد تم كشف جريمة عين علق وضرب «فتح الإسلام»، وهذه جريمة مهمة جداً». وأعلن القضاء على «الجريمة العادية والوسطية»، وبقيت «الجريمة المحترفة. ونحن نعمل حكماً على تطوير إمكاناتنا أكثر للقضاء عليها».
وأمس، أثار موقف رئيس تيار المردة سليمان فرنجية من صفير، سلسلة مواقف مستنكرة معظمها من الموالاة. وفي المقابل، رد النائب نبيل نقولا على صفير بالقول: «عندما يتكلم بالسياسة عليّ أن أردّ عليه بالسياسة أيضاً، وبالتالي لا أقبل أن يقول لي إنني كماروني لا أعرف أن أنتخب أو أختار من يمثلني».