ن. م.، سيدة لبنانية متزوجة من أردني، وتعيش في لبنان مع ولديها بعدما انفصلت عن زوجها. تواجه ن. م. ما تسميه «المشاكل الطبيعية نفسها» التي تعاني منها مثيلاتها ممن قرّرن ممارسة حقهن الطبيعي بالاختيار، من خلال الزواج من أجانب». والمشكلة الأبرز التي تؤرق جميع أفراد العائلة تتمثل بتسوية إقامة مجاملة للولدين لثلاث سنوات لأن أوضاعهم مطابقة لجميع الشروط التي ينص عليها القانون. لكن جذر المشكلة يكمن في انتفاء وجود أوراق ثبوتية صالحة، إذ يتطلب تجديدها الحصول على إذن من الوالد، الأمر الذي يستحيل الحصول عليه بسبب غيابه. وعلاوة على ذلك، تبرز بشكل دائم مشاكل نقل الملكية للأولاد لضمان مستقبلهم، ومسائل الضمان الصحي والتعليم، فضلاً عن «المشاكل النفسية النابعة من الإحساس بالغربة في وطنهم».سيدة لبنانية أخرى، ر. ع.، متزوجة من نروجي. «عندما أذهب إلى الأمن العام لتجديد إقامة ابنتي التي تبلغ من العمر ثلاث سنوات، يبدأون بسؤالي عن أسباب زواجي من أجنبي. سألني أحدهم مرة: «شو خلصوا الشباب اللبنانيي؟»، وإلى ما هنالك من اضطراري للتعامل مع مواقف مماثلة، عوضاً عن ضرورة وجود ابنتي معي أثناء إجراء المعاملات وتحمل ما يستتبع ذلك من انتظار للتأكد من «شخصية» من سيمنحونه الإقامة المجانية».
هذان نموذجان من قصص لنساء يعانين من عدم الإقرار بحق المرأة اللبنانية بمنح الجنسية، بحسب ما يظهر من عمل الوحدة القانونية في مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي، التي تنشط في حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي».
وفي الوقت الذي يرزح فيه لبنان تحت رحمة التجاذبات السياسية، وغالبية مؤسساته الحكومية والسياسية معطلة أو شبه معطلة، تعيش عائلات النساء اللبنانيات المتزوجات من غير لبنانيين تحت هواجس المعاناة والخوف والقلق على المصير من كثرة المعاملات والإجراءات لتسوية أوضاع عائلاتهن في لبنان، إضافة إلى تفكك الأسرة بسبب اضطرار الزوج لمغادرة بلدٍ رفضه إلى بلد آخر لتأمين مستلزمات العيش لأسرته.
وتبقى اهتمامات النساء المتزوجات من أجانب مركزة على المطالبة بتأمين أدنى مستلزمات العيش الكريم، والبحث المستمر عن سبل تسوية أوضاعهن القانونية والإدارية والتي تتطلب التصدي لمسائل شائكة، مثل تسوية «عقد عمل» أو «تجديد الإقامة» أو «متابعة قضايا النفقة» أو التصدي لهواجس الخوف على الأولاد من مطالبة والدهم بهم... واللائحة لا تنتهي.
المسألة إذاً لا تكمن في الوضع الأمني والسياسي المضطرب، بل في أولويات المسؤولين التي لا يبدو واضحاً لتلك النساء كيف يرتبونها، بل كل ما يعرفنه هو أن حقهن بالجنسية ليس من ضمنها.
أما ما تُواجه به تلك الفئة من اللبنانيات، ولا سيما مسألتا التوطين والتوازن الطائفي، فلا تراه تلك النسوة سوى «حجج واهية يختبئ المسؤولون خلفها. وإلا فكيف يبرر هؤلاء منح الرجال اللبنانيين جنسيتَهم «اللبنانية» لزوجاتهن ومن بينهن الفلسطينيات؟».
المسألة إذاً بالدرجة الأولى تتعلق بإنكار حق النساء بالمواطنة، حق النساء اللبنانيات بالعيش بكرامة في بلدهن، وحق مساواتهن بالرجال وبنساء غير لبنانيات حصلن على الجنسية اللبنانية لكونهن تزوجن من رجال لبنانيين.