نيويورك ـ نزار عبود
فشلت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في تمرير مشروع بيان صحافي منحاز يندد بحادثة الكرنتينا ويقدم دعماً قوياً لحكومة السنيورة. والسبب يعود بحسب مصدر مطلع إلى أن الصيغة الغربية المدعومة من البعثة اللبنانية في نيويورك كانت شديدة الانحياز إلى حكومة السنيورة، وتمهد لمشاريع جديدة قد تطرح على مجلس الأمن، في وقت لاحق من هذا الشهر، تتعلق بتدويل انتخاب رئيس الجمهورية. إضافة إلى اعتراض مندوبين، على رأسهم الروسي، على «غياب قوى سياسية لبنانية عن إسماع صوتها حيال الأحداث التي تجري في لبنان».
البيان بعد إدخال تعديلات جوهرية عليه قُدّم في النهاية بصيغة ملطّفة مبنية على بيانات المجلس وقراراته السابقة، وتنحصر في الحادث دون التوسع لكي تشمل الوضع السياسي المتأزم في البلاد. وحسب الصيغة الأخيرة التي قُدّمت ظهر أمس بتوقيت نيويورك، فإن مجلس الأمن «أدان بشدة الاعتداء الإرهابي» في الكرنتينا، الذي طال «سيارة دبلوماسية تابعة للسفارة الأميركية».
وأعرب أعضاء المجلس عن «تعاطفهم العميق مع ذوي الضحايا، وقدموا التعازي لهم وللحكومة اللبنانية».
وشدد أعضاء المجلس على الحاجة إلى توقيف الفاعلين والمنظمين والمموّلين والراعين لهذه الجريمة، ومثولهم أمام العدالة. وعبّروا عن تصميمهم على دعم جهود الحكومة اللبنانية وتصميمها لتحقيق تلك الغاية، وحثّوا جميع الدول، «بناءً على واجباتها بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، على التعاون الفعّال من أجل دعم السلطات اللبنانية في هذا المجال».
وحذفت من المسودة الأصلية فقرة كانت تقول: «أكد أعضاء المجلس مجدداً أن الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يمثل أحد أكثر التهديدات الخطيرة للسلم والأمن الدوليين، وأن الأعمال الإرهابية إجرامية وغير مبررة، بغض النظر عن الدوافع ، أينما ومتى ترتكب، أو من يرتكبها».
ممثل روسيا في الاجتماع الاستشاري، وكان نائب المندوب الدائم، قسطنطين غولدوف، سأل: «أين مواقف القوى اللبنانية المختلفة من الحوادث هذه، ولماذا لا نسمعها؟». وبعد الاعتراض الروسي على الصيغة، أُرجئ النظر في البيان إلى موعد لم يحدد بعد.
مصادر دبلوماسية أكدت أن أعضاء المجلس باتوا شديدي الحساسية من أي محاولات لتدويل الوضع اللبناني، ولا سيما الانتخابات الرئاسية في لبنان. فهم يعارضون أي مشروع لإصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يمنح الموالاة في لبنان الحق في انتخاب رئيس على قاعدة الأغلبية. وهو ما أكده أكثر من مندوب من الدول الأعضاء، حيث قالوا إنهم يفضلون أن تأخذ المبادرة العربية مجراها، وإذا أخفق العرب في المساعدة على إيجاد الحل، فستحاول الدول الأخرى ذلك بالحوار مع اللبنانيين، لكن من دون أن تقبل انحيازاً لطرف ضد آخر. وإذا كانت فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا تبدو متناغمة في التشديد على دعم «شرعية حكومة فؤاد السنيورة» باعتبارها منتخبة «ديموقراطياً وبحريّة»، فإن روسيا ومعها الصين وجنوب أفريقيا وإندونيسيا وليبيا وفيتنام تفضّل أن يأتي الحل لأزمة الانتخابات على أساس التوازن في المواقف.
روسيا لخّصت موقفها بحديث نائب المندوب الدائم، قسطنطين غولدوف لـ«الأخبار»، الذي قال: «روسيا ترفض أي مشروع قرار في مجلس الأمن يميّز بين اللبنانيين، وينحاز لطرف ضد آخر. لكنها تقبل بما ذهب إليه المجلس في بيانات وقرارات سابقة من دعم للجهود الدبلوماسية الآيلة لتعزيز المصالحة الوطنية وانتخاب رئيس بالطرق الدستورية، ويحظى بموافقة الأطراف كافة. وأي قرار من شأنه تهديد الاستقرار في لبنان، أو تفجير الأوضاع فيه أو في المنطقة سيكون مرفوضاً من روسيا، وستعارضه بقوة».
وأضاف غولدوف أن روسيا تتابع المبادرة العربية عن كثب وتدعمها، و«ترفض التأويلات التي تحاول منح فريق غلبة على الآخر، وستواصل دعم الجهود العربية حتى النهاية». وهي «بالتأكيد لا تريد أن يصبح لبنان ساحة لتهديد سوريا واستقرارها أو تهديد أمن المنطقة برمتها».