ثائر غندور
وأخيراً استطاع السفير البابوي لويجي غاتي أن يكبح جماح المواجهة الكلاميّة بين البطريركيّة المارونيّة وفريق السلطة من جهة، ومسيحيي المعارضة من جهة أخرى. وجاء اتصال المطران بولس مطر بالنائب ابراهيم كنعان، عشيّة أول من أمس، ليعيد الأمور بين جنرال الرابية والبطريرك صفير إلى شيء من الهدوء.
فقد قال مطر لكنعان إن بكركي راغبة في التهدئة، وطلب تأمين اتصال بين العماد ميشال عون والبطريرك صفير، فوعده كنعان بذلك. وهو ما حصل، واتفق الطرفان على تهدئة الشارع، على أن يهدئ صفير خطابه. وقد تم «الإخراج» عبر إعلان بكركي عدم استقبال الزوار لمدة ثلاثة أيام من أجل التفرّغ للصلاة والتأمّل، وهذا يلغي حكماً تدفّق فريق السلطة على الصرح يوم الأحد. لكن ذلك لم يمنع صفير من استقبال النائب هنري حلو صباح أمس، فاستؤنفت الاتصالات لإعادة تمتين الاتفاق، وأبلغ صفير إلى السفير البابوي أن هذا هو آخر لقاء يجريه.
ولم ينفِ المطران مطر اتصاله بكنعان، لكنّه رفض التعليق حتى «يُستكمل حلّ جميع الأمور». وأضاف: إن النقاش بين المطارنة جارٍ «لأننا طلّاب حلّ».
وجاء تسارع الأحداث هذا بعد «كباشات» سياسيّة بين بكركي والتيّار الوطني الحرّ وتيّار المردة، مرّت فيها العلاقة بمراحل غزل ومراحل تدهور. كما أن المطالبة باستقالة صفير ليست جديدة، بل طرحت في صيغة استفتاء موقع النشرة الإلكتروني الذي يملكه أرز المرّ المقرّب من التيار الوطني الحرّ والذي يرتبط بصلة قربى مع النائب ميشال المرّ، وجاءت النتيجة أن ما يزيد على 80 في المئة يطالبون باستقالة صفير.
وعندما وصلت الأمور إلى هذا الحد من التأزيم، بدأ كل فريق بمراجعته الذاتيّة لما حصل. على صعيد المطارنة الموارنة، فإنهم يلتزمون الصمت حتى انتهاء مراجعتهم وصلواتهم. أمّا على صعيد فريق السلطة، فهو يرى أن الدفاع عن موقع بكركي ضرورة وطنيّة لأنها «مرجعيّة روحيّة وسياسيّة ومن غير المقبول التعرّض لها بالشكل الذي حصل بحسب عضو المكتب السياسي في حزب الكتائب ساسين ساسين.
أما على الضفّة العونيّة، فيقول بعض المطّلعين إن فريق السلطة يتلطّى وراء بكركي لأنّه يفتقد الشرعيّة الشعبية. ويذهب آخرون إلى أن دفع بكركي نحو الحدّة يُضعفها كما يُضعف المرجعيّة السياسيّة للمسيحيين أي عون.
ويقول أحد العارفين بأسرار التوتر بين عون وصفير إن الأخير وصل إلى اقتناع مفاده أنه لا بد من التعايش مع عون، ولكن ذلك يوجب إعادة صياغة العلاقة معه. ويرى هذا العارف أن الوزير سليمان فرنجية يستطيع أن يكون حاداً في مواقفه ضد بكركي نظراً إلى عراقة عائلته سياسياً، بينما التيار لا يستطيع أن يماشيه لأن جمهوره في جبل لبنان لا يزال على ارتباط وثيق ببكركي.
ويقول أحد المراقبين إن شعبية فرنجية ربما تكون قد ارتفعت بعد خطابه الذي تجاوز المألوف، لكن عون لا يستطيع أن يلعب هذه اللعبة، ولذلك «على بعض العونيين الذين يهاجمون صفير أن يسكتوا، لأن على عون أن يمسك عصا العلاقة مع بكركي من النصف».